رؤى في إعادة بناء النجف والعراق

Last Updated: 2024/06/09By

رؤى في إعادة بناء النجف والعراق:

 برنامجي الانتخابي (2014) 

د. علي المؤمن

إن تطلعاتي لإعادة بناء النجف والعراق في حاضرهما ومستقبلهما؛ تنبع من فهمي العلمي والواقعي لتاريخ النجف والفرات الأوسط والجنوب والعراق وواقعه،  وتكوينه ومكوناته وديمغرافيته، وحاجاته المعنوية والمادية، وعلم نفس المجتمع النجفي والمجتمع العراقي، والثروات الإنسانية والفكرية والطبيعية التي من شانها سد هذه الحاجات، والآليات التي يمكن من خلالها أن تكون ماكنة للتمازج والتكامل بين الحاجات والثروات.

ما يمثله النجف عراقياً وشيعياً وعالمياً      

يدفعني لخوض غمار الإنتخابات البرلمانية؛ ماعليّ من استحقاق للنجف والفرات الأوسط والجنوب والعراق؛ وهو الإستحقاق الطبيعي الذي وجدت نفسي أدفع ثمنه عن رضا وحب منذ ولادتي؛ لأنه يمثل حقيقة تكويني وانتمائي وعاطفتي. وقد وجدت إن العمل التشريعي والرقابي والتخطيطي داخل مجلس النواب العراقي هو من أفضل الوسائل التي أستطيع من خلالها إستكمال مسيرة هذه الإستحقاقات التي هي دين برقبتي تجاه أهلي وشعبي ومدينتي ومحافظتي ووطني؛ حتى آخر رمق في حياتي.

وعليه؛ رحبت بترشيح كتلة دولة القانون لي في الإنتخابات البرلمانية لهذا العام 2014؛ لأكون في الموقع الذي أعتقد انني أقدم فيه الكثير. وهذه الكثير هو إمتداد لتاريخ حافل بالعمل بدء في عام 1979؛ حين انخرطت في العمل الحركي والجهادي والإعلامي والسياسي المتواصل ضد النظام البائد. وترشيحي لمجلس النواب العراقي هو إمتداد لهذا التاريخ، لأني لا أنفصل روحيا وجسديا عن العراق والنجف. وهدفي إعادة تكريس خبرتي وتجربتي الكبيرة خلال 34 عاماً من العمل الحركي والسياسي والثقافي والعلمي والفكري والإعلامي، والعلاقات الدولية، وتأسيس المؤسسات، والمسؤوليات في مختلف المجالات.

ولو وفقني اللـه (تعالى) للحصول على عضوية مجلس النواب العراقي؛ من خلال ثقة جماهير محافظة النجف الأشرف بي؛ فسأعمل بكل جهدي وما أتمتع به من قابليات التنظير والتخطيط والتنفيذ؛ والتي تدعمها صفات الصبر والإقدام والإصرار والمتابعة،   وبكل ما أملك من خبرة وتخصص في أكثر من مجال، وعلاقات محلية وإقليمية وعالمية؛ سأعمل على التخطيط لكل تفاصيل الواقع النجفي والعراقي، والإصرار والصبر على تنفيذها، وعلى متابعتها مع الجهات المسؤولة ذات العلاقة.

وبرامجي في هذا المجال؛ تنطلق من معرفتي الدقيقة بما يمثله النجف من حاضرة ورمزية وكيان وإرث وحاضر ومستقبل. النجف هي بقعة جغرافية بحجم العالم معنوياً، بقعة فريدة من نوعها، تضم عدداً من أقدس مقدسات المسلمين، في مقدمتها مرقد الأب الثاني للأمة الإسلامية الإمام علي ابن أبي طالب، ومرقد أبي البشرية النبي آدم ومرقد الأب الثاني للبشرية النبي نوح، ومراقد مئات الأنبياء والأولياء والصالحين، كالنبيين هود وصالح، وفيه أحد المساجد الأربعة الأكثر قدسية في العالم؛ مسجد الكوفة، الذي كان مقرَّ حكم إمام المسلمين علي، وكان مقرَّ درس إمام مدرسة آل البيت جعفر بن محمد الصادق. وفي بقعة النجف أيضا عدد من أقدم وأقدس مساجد العالم، كمسجد السهلة المقدس ومسجد الحنانة وكميل وصافي صفا وزين العابدين وغيرها، وفي هذه البقاع نزل الأنبياء والأوصياء والأئمة والصالحين، ولهم فيها مقامات شاخصة.

والنجف هو مركز النظام الاجتماعي الديني الشيعي الذي تقوده المرجعية الدينية العليا، من خلالها إشرافها على الشؤون الدينية والاجتماعية للشيعة في كل أنحاء العالم؛ فالنجف هي عاصمة التشيع، وعاصمة الإمامة الوحيدة ماضياً ومستقبلاً. وتتربع الحوزة العلمية النجفية على عرش العلم والمعارف الدينية الشيعية منذ أكثر من (1000) عام؛ ما يعني أن القرار العلمي والديني والاجتماعي الشيعي تتخذه النجف، ويجد صداه في كل بقاع الأرض، حيثما يعيش شيعي. ويعود فضل التأسيس لهذه العاصمة العالمية الاجتماعية الدينية الشيعية المتفردة الى شيخ النجف والطائفة، أبي جعفر الطوسي الكبير، الذي أسس العصر الشيعي الثالث. ثم توالى على قيادة النجف فقهاء ومراجع لا تزال الحوزات العلمية تتداول أفكارهم ونتاجاتهم واكتشافاتهم العلمية الدينية، كالطوسي الثاني والمقدس الأردبيلي والوحيد البهبهاني وكاشف الغطاء الكبير والسيد بحر العلوم وصاحب الجواهر والشيخ الأعظم الأنصاري، وصولاً الى الآخوند الخراساني والسيد اليزدي وشيخ الشريعة الأصفهاني والسيد الأصفهاني والسيد الحكيم، وليس انتهاءً بالسيد الخوئي والسيد محمد باقر الصدر والسيد السيستاني. هذه الأسماء المشعة التي تهز الوجدان الشيعي برمته، وتزيده فخراً واعتزازاً بالنجف العلوي.

هذه المركزية النجفية الشيعية العالمية، تمثل للعراق كدولة، إضافة نوعية أساسية منذ (1000) سنة، لأن النجف جعل من جغرافيا العراق محطة شيعية عالمية مركزية، ليس في الجانب الديني والعلمي وحسب، بل في الجانب الاجتماعي والمالي والسياسي والثقافي أيضاً؛ فالنجف تمثل للشيعة أكثر بكثير مما تمثله الفاتيكان للكاثوليك، وأكثر بكثير مما يمثله الأزهر للسنة، وكلاهما يمثلان وجوداً نوعياً لإيطاليا منذ (1500) سنة، ولمصر منذ (800) سنة.

وبالتالي؛ كان من المهم للدولة العراقية الاحتفاظ بقوة النجف ومركزيتها العالمية لكي تبقى ركيزة معنوية عالمية للدولة العراقية، تستفيد منها على مختلف المستويات. إلّا أن طائفية الدولة العراقية وعنصريتها، جعل قادتها السنة ينظرون الى النجف نظرة الند والشريك والمنافس، وهي نظرة سطحية ساذجة سببها العمى الطائفي، وليست نظرة واقعية مصلحية. ولذلك؛ تعرّض النجف منذ تأسيس الدولة العراقية برعاية بريطانيا في العام 1921، وبحكم ملك سني غير عراقي، ورؤساء حكومات طائفيين، الى مختلف أنواع الحرب والتهميش والدعاية المضادة، وكان بدايته تسفير مراجع النجف الى إيران في العام 1924، وبينهم المرجع الأعلى السيد أبو الحسن الإصفهاني.

وتوّجت الدولة العراقية عداءها للنجف بعد حكم البعث، وهو تجلي أكثر سوءاً لايديولوجيا الدولة العراقية الطائفية؛ فحارب الحكم البعثي حاضرة النجف حرباً شعواء دامية منذ العام الأول لسلطته في العام 1968، وكان يهدف الى تصفية الحاضرة خلال عشر سنوات، وقد وصفها بالرجعية السوداء، وبدأ البعث حربه ضد النجف بتسفير العلماء والعوائل الدينية بحجة أصولهم الإيرانية، ثم محاصرة المرجعية منذ العام 1969، وأعقبه اعتقال العلماء والمؤمنين، ومنع الانتساب الى الحوزة العلمية، ثم الإعدامات، وما رافقها من تدمير لمدارس الحوزة وإغلاقها، بعد العام 1979, حتى انخفض عدد منتسبي الحوزة العلمية النجفية من (16) ألف مجتهد وعالم وطالب في العام 1967 الى (500) منتسب في مطلع تسعينات القرن الماضي، وهو وضع لم تشهده النجف طيلة تاريخها، حتى في أيام الاحتلال العثماني التركي للعراق وضغوطاته الطائفية. وزاد الأمر سوءاً في نهايات تسعينات القرن العشرين، حين قام الحكم البعثي باغتيال مراجع الدين في الشوارع، واعتكاف باقي العلماء والمراجع في بيوتهم؛ ما أدى الى شبه انهيار للحوزة العلمية النجفية.

ولكن؛ عاد النجف تدريجياً الى وضعه المركزي العالمي الطبيعي بعد سقوط نظام البعث في العام 2003، وشهد تألقاً نوعياً وكمياً جديداً، حتى تحوّل النجف في كثير من المنعطفات الى مركز للقرار السياسي الوطني العراقي، وليس مجرد مركز للقرار العلمي والديني الاجتماعي، ولطالما ظل ساسة بغداد ينتظرون قرار النجف في المنعطفات السياسية.

وفي الجانب الثقافي؛ فإن الكتب التي تُؤلَّف وتُطبع في النجف لا يضاهيها في العراق، كماً ونوعاً إلّا العاصمة بغداد. أما مؤسسات إنتاج المعارف الدينية والثقافية والأدبية في النجف؛ فهي الأولى عراقياً أيضاً. وإذا تحدثنا عن الشخصيات العلمية والأدبية والثقافية والخطابية التي تخرجت من النجف؛ فنرى أنه الأول في العالم عدداً ونوعاً، قياساً بعدد السكان، وبينهم عشرات مراجع الدين الذين تسلموا زمام قيادة المجتمع الشيعي عالمياً على مدى أكثر من (1000) عام كما ذكرنا. وإذا طرحنا أسماء ثلاثة نماذج معاصرة فقط، هم: المفكر والمرجع المجدد السيد محمد باقر الصدر، عميد خطباء الشيعة في العالم المرحوم الشيخ أحمد الوائلي وشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري؛ فسنعرف ماذا خرّج النجف، وماذا يضم من كنوز بشرية وحضارية ودينية ومذهبية.

وعلى المستوى السياسي والجهادي؛ قاد النجف خلال المائة عام الأخيرة، ثورتين وخمس انتفاضات وطنية على مستوى العراق، ضد الاحتلال الأجنبي وضد نظام الحكم البائد، هي: مقاومة الجنوب في العام 1914، ثورة النجف في العامين 1917 و1918، ثورة العشرين في العام 1920، انتفاضة النجف الصفرية في العام 1977، انتفاضة رجب في العام 1979، الانتفاضة الشعبانية في العام 1991، وانتفاضة الجهاد التي أعلنها مرجع النجف ضد ما سمي بدولة (داعش) الوهابية في العام 2014؛ لتكون هذه الانتفاضة سابع حراك نجفي وطني كبير خلال مائة عام. وهذا الكم والنوع من الثورات والانتفاضات والحراكات، يمثل ظاهرة غير مألوفة عالمياً، وليس إسلامياً وعربياً وشيعياً وعراقياً وحسب؛ إذ لا توجد مدينة في العالم تفجر وتقود سبعة حراكات ثورية سياسية إسلامية وطنية كبيرة خلال قرن واحد فقط. وبالتالي؛ فإن هذه الحقيقة الميدانية تؤكد محورية دور الدين والمذهب والحوزة والمرجعية في قيادة المؤمنين ودفعهم باتجاه مقاومة الاستعمار والاحتلال والظلم والطائفية والانحراف الديني والسياسي، وليس كما يزعم الخصوم بأن المذهب والحوزة والمرجعية تدعو الناس الى السكوت واللا مبالاة حيال الاستعمار والظلم والطائفية والانحراف.

ولم تمر هذه الحراكات الثورية الإسلامية الوطنية التي قادها النجف، دون أن يدفع النجفيون ضريبتها، ومعهم أغلب العراقيين، من دمائهم وأموالهم وأمنهم واستقرارهم، من أجل أهدافها وغاياتها؛ فكان النجف ولا يزال يتفرد في تقديم الشهداء نوعاً، وأحياناً كماً؛ فقد كان أول شهيد قدمته النجف في القرن العشرين هو المرجع الأعلى الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني بعد قراره بالتحرك ضد الاحتلال الروسي لشمال ايران في العام 1911، ثم آية الله السيد الشهيد محمد سعيد الحبوبي الذي قاد مقاومة الجنوب ضد الاحتلال البريطاني في العام 1914، ثم شهداء ثورة النجف ضد الاحتلال البريطاني، الذين تم شنقهم في العام 1918، ثم شهداء ثورة العشرين، وصولاً الى شهداء الحكم البعثي بعد العام 1968، والذين بدأهم القائد الشهيد عبد الصاحب دخيل في العام 1972، ثم السيد عماء الدين الطباطبائي والسيد عز الدين القبانجي في العام 1974، ثم الشهداء القادة في انتفاضة النجف الصفرية في العام 1977، يتقدمهم السيد وهاب الطالقاني، وصولاً الى شهداء العامين 1979 و1980، وهم بالمئات، وفيهم عدد كبير من الفقهاء وعلماء الدين والكفاءات العلمية والطبية والهندسية والأكاديمية ورجال الأعمال والوجهاء الاجتماعيين، وبينهم الشهداء القادة في انتفاضة رجب، ثم توّج النجف رحلته مع الشهادة بإعدام سيد شهداء العراق الحديث، محمد باقر الصدر وسيدة شهيداته آمنة الصدر.

ولم تتوقف الإعدامات على الأفراد، بل شملت الأُسر النجفية وبشكل جماعي، كما حدث لآل الحكيم وآل الغريفي وآل بحر العلوم وآل الخرسان وآل الحلو وآل الخلخالي وغيرها من الأُسر النجفية. ولعل أسرة آل الحكيم النجفية أكثر أسرة في العالم الإسلامي والشيعي قدمت ضحايا نوعيين، وليس في العراق وحسب. كما كان ضمن شهداء النجف في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، عدد من المراجع والفقهاء، كالسيد نصر الله المستنبط والشيخ محمد تقي الجواهري والسيد عبد الصاحب الحكيم والسيد عبد المجيد الحكيم والسيد قاسم شبر والسيد عز الدين بحر العلوم والسيد محمد تقي المرعشي والسيد صادق القزويني والسيد حسن القبانجي والسيد مرتضى الخلخالي والشيخ مرتضى البروجردي والشيخ علي الغروي والسيد محمد الصدر. ولم تتوقف قوافل الشهداء النجفيين حتى سقوط النظام البعثي في العام 2003.

إلّا أن مرحلة العراق الجديد، وخاصة بعد انتفاضة الجهاد في العام 2014، أعادت مسار التضحيات الى سابق عهده؛ فقدّم النجف وحوزته مئات الشهداء العلماء ومن مختلف شرائح المجتمع في مقاومة الطائفية والوهابية ودولتها الداعشية، وخاصة خلال الأعوام 2014 ـــ 2017.

ومع عودة النجف الى وضعه القيادي الاجتماعي الديني السائد منذ مئات السنين، بعد حصوله على استحقاقه الطبيعي، إثر تأسيس النظام السياسي العراقي التشاركي الجديد، ودخول المكون الشيعي شريكاً أساسياً في قيادة الدولة ورئاسة الحكومة الوطنية؛ فإن هذا الاستحقاق لم يقتصر على عودة المرجعية العليا الى موقعها الطبيعي في قيادة النظام الاجتماعي الديني الشيعي، بل امتد الى الأحزاب والتيارات السياسية الشيعية الكبيرة أيضاً، وخاصة الثلاثة الأكبر: حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري، والتي تنتمي جميعها الى النجف؛ فحزب الدعوة الإسلامية، بهيكليته العالمية، تأسس في النجف وفي كنف الحوزة العلمية، وعلى يد علمائه وأبنائه، وفي المقدمة السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد مهدي الحكيم وعبد الصاحب دخيل. كما أن قيادة المجلس الأعلى المتمثلة بالسيد محمد باقر الحكيم استقرت في النجف بعد سقوط دولة البعث، وبقيت بوصلتها وبوصلة من انشعب عنها، وتحديداً منظمة بدر وتيار الحكمة تشير الى النجف أيضاً. أما التيار الصدري؛ فقد تأسس في النجف على يد السيد محمد الصدر، وبقيت قيادته تقيم في النجف، بمن فيها التي انشعبت عنه، كحزب الفضيلة وحركة العصائب وغيرهما.

ويتميز المجتمع النجفي بأنه مجتمع عالمي من جهة، ومجتمع ديني ثقافي محافظ من جهة أخرى، ومجتمع أُسر وبیوت من جهة ثالثة؛ إذ يتألف من أكثر من (300) أسرة نجفية، بعضها ينتسب الى أئمة آل البيت، وهم السادة، والآخر تعود أصوله الى القبائل والعشائر العراقية، أو القبائل والعوائل النجدية والحجازية والأحسائية والبحرينية والسورية واللبنانية، والقسم الثالث من أصول غير عربية، أغلبها إيرانية، فضلاً عن أُسر من الهند وباكستان وتركيا وأفغانستان وكشمير والتبت وآذربيجان وأرمينيا والقوقاز. أي أن المجتمع النجفي يتكون ــ غالباً ــ من ثلاثة أصول: عراقية وجزيرية وإيرانية، وهي القاعدة التي تأسس عليها المجتمع النجفي منذ الإعلان عن قبر الإمام علي وبداية الهجرة إليه، والتي تتوّجت بهجرة آل شهريار من مدينة قم الإيرانية قبل (1100) سنة، وتسلّمهم سدانة الحرم العلوي سنين طويلة، ثم هجرة الشيخ الطوسي ذي الأصول الخراسانية الى النجف وتأسيس الحوزة الشيعية المركزية العالمية. وسبق ذلك وتزامن معه وأعقبه، هجرة الأسر والعشائر العراقية من المدن والقرى المحيطة بالنجف الى داخل النجف، وبالأخص من الكوفة والحيرة والمناذرة والمشخاب، ثم من مدن وقرى الفرات الأوسط، وبعد ذلك ببضعة قرون، بدأت هجرة الأسر التي تنتمي الى قبائل نجد والحجاز والأحساء والبحرين وبادية الشام وبادية غرب العراق الى النجف.

ويتميز المجتمع النجفي بقدرته الفائقة على تذويب جميع الأصول القومية واللغوية داخل بوتقة ثقافته ولهجته وعاداته وتقاليده، ولعله من المجتمعات النادرة التي تتعايش فيها الأعراق والقوميات وتتصاهر وتتناسب، دون تمييز وتهميش وعنصرية، ولذلك؛ فإن الوافد البدوي أو الريفي أو الحضري، سواء كان عراقياً أو عربياً أو إيرانياً، أو من أية قومية كان، يتحول الى نجفي خلال بضعة عقود، ويلتصق بهذا البقعة ويفخر بانتمائه إليها. ولا يزال للأسر والبیوت والعشائر النجفية دور علمي وديني وثقافي وسياسي بارز على مستوى العراق والعالم الإسلامي، وليس على مستوى النجف وحسب.

وأبرز الأسر العلوية النجفية: الحمامي، الصافي، الحبوبي، الصدر، الحكيم، بحر العلوم، الغريفي، البغدادي الحسني، الرفيعي، المؤمن، الخرسان، الكشميري، مگوطر، القزويني، الكفنويز، الغرابي، غيبي، الفياض، البكاء، شبّر الموسوي، شبّر الحسيني، الخوئي، القابچي، زوين، الذبحاوي، الحلو، القبانچي، العميدي، أبو غربان، النويني، النفاخ، سنبة، آل سيد سلمان، أبو الريحة، الطالقاني، الكيشوان، البادكوبي، النقشواني، الجوفي، جمال الدين، البعّاج، الجابري الموسوي، الشرع، المحنّة، زيني، الهندي، زبيبة، الأشبال، السلطاني، الدخيلي، الفحام، المقرم، العذاري، الكفائي، جريو، الشيرازي، أبو طبيخ، الشريفي، الخياط الموسوي، العوّادي، حبل المتين، السعبري، الچاووش، الخلخالي، المرعشي، الحجّار، البصيصي، آل سيد هاشم، آل سيد ربيع، آل علي خان.

أما أبرز الأسر والعشائر غير العلوية: البلاغي، الطريحي، كاشف الغطاء، الجواهري، الزرگاني، الشميساوي، آل نجف، الطريفي، الطيّار، العبايچي، آل العمية، العنتاكي، الغراوي، العصامي، الكرباسي، فرج الله، المحتصر، المختار، المشهدي، مطوّق، الملحة، الگیِّم، الترك، المنصوري، الملّة، المؤذن، الشبيبي، الشماع، الصالحي، الصغير، الصلاخ، الكاشي، الدمشقي، النجار، النجم الشمري، النجم السعيدي، آل خضر، آل خليفة، آل خنفر، آل خويِّر، آل ذيّاب، زاير دهام، آل زعيري، زنبور، زيارة، سماكة، مطر، شحتور، شرع الإسلام، آل شنيِّع، شيحان، صبّار، ضامن، منصور ، هيدة، وهب العنزي، وهب الشمري، الرشدي، طويِّر، آل عبد الرسول، عريعر، علي بیج، آل علي عودة الخالدي، عمارة، عنة، عنبوري، عنوز، آل فرج الخزاعي، فليفل، مارد، مال الله، آل مانع، مبارك، محمد أمين، كرماشة، آل غدير الطرفي، القرغولي، الشوكتي، البحراني، التلّال، چبك، الصبّاغ، اللنكراني، الخطيب، الفخراني، مانع، السرّاج، عمران، حتيتة، دراغ، مچي، شير علي، بقر الشام، الرماحي، ناجي، المعمار، الشريس، تويج، أبو النواعير، العاتي، الوديس، بشيبش، بيذرة، آل جاسم، جوذر، چیاد، حاجي، آل حسن الكلابي، آل أبو راس الجشعمي، حكمت، حميِّد، حميدي، آل حنوش، آل حيدر، زاهد، الصائغ، آلبو صيبع، دبش، الحداد، دخيِّل، البهّاش، محبوبة، سميسم، الأعسم، حرز الدين، الحرز، معلّة، شكر، الشكري، مرزه الأسدي، مرزه الخزاعي، الراضي الجبوري، سعد راضي الشمري، آل راضي المالكي، شعبان، آلبو عامر، آلبو گلل، العكايشي، المخزومي، الشمرتي، كمونة، شربة، گبون، صبي، الصرّاف الجبوري، الحارس، بلال، أبو غنيم، جبرين، الجد، جدي، الملالي، الجابري الحچيمي، البغدادي الدليمي، صفر علي، شمس علي، شمسه، الشمس، زاغي، الصفار، آل ياسين، نصّار، الاطرش، أبو شبع، الدجيلي، العادلي، دوش، الشرقي، الغروي، السنبلي، الشبيبي، البراقي، دعيبل، بليبل، مشكور، المظفّر، سفينة، الجمالي، كشكول، الكرباسي، القاموسي، اليعقوبي، الطرفي، المامقاني، القسّام، الجصّاني، أبو السبح، أبو الطابوق، أبو الحب، آل معيبر، آل ثامر، آل ابراهيم، حمودي، أسد الله، عبيد، الأحول، المطبعي، الخضري، السهلاني، چیوان، شريف، فخر الدين، محيي الدين، حسوة، اللبان، السباك، نواص، العطار، الشماع، عجينة، عدوة، الأسود، المرجاني، الأنصاري، أطيمش، الإيرواني، البزّاز، البنّاء، آلبو حدود، أبو الزرازير، الجباري، الچبان، الجحیشي، الجزائري الأسدي، الحار، الحارس، الحچّامي، الحجّار الشمّري، الخريساني، الدبّاغ، آل درويش، الشكّاكي، آل السبع، قفطان، السفير، شلاش، شلاگة، شنّون، موّاش، الخليلي، البرقعاوي.

وهناك أسر وبيوت أُخرى منحدرة من قبائل وعشائر كبيرة مثل الحسني، الحسيني، الموسوي، العلوي، الأعرجي، الياسري، الطباطبائي، الميالي، الجزائري الموسوي، الفرطوسي، الزريجي، الجعفري، الحلفي، البياتي، البديري، الخفاجي، السلامي، الزبيدي، الربيعي، الطفيلي، السهلاني، الوائلي، العبدلي، الروازق، الجشعمي، الكعبي، الشمري، الخزرجي، الرويلي، الفتلاوي، البهادلي، الظالمي، الجبوري، الخاقاني، الخفاجي، الزرفي، القريشي، العارضي، الحدراوي، الرحباوي، السوداني، الزهيري، الخالدي، الخزاعي، التميمي، الكلابي، الكناني، الركابي، العنزي، العبودي، الشيباني، السعدي، الغزالي، الشبلاوي، الحسناوي، العيساوي، الإبراهيمي، الأسدي، الشافعي، الساعدي وغيرها من الأسر والعشائر.

كما تضم النجف مقبرة لا نظير لها في العالم، كماً ونوعاً؛ إذ تضم رفات عشرات ملايين البشر؛ جيء بهم من كل أنحاء العالم، بينهم الأنبياء والأولياء والصحابة والتابعين ومراجع الدين والعلماء والزعماء السياسيين والأباطرة والملوك والأمراء والوزراء والشعراء والأكاديميين.

وهناك كثير مما يميز النجف، على مستوى الاجتماع الديني والسياسي والثقافي، وعلى مستوى التاريخ والسياسة والصناعة والعلم والأدب. ونترك الحديث عنها لمقالات أُخرى، التي هي جزء من كتاب قادم عنوانه «النجف الأشرف: حاضرة الشيعة والعراق».

وتضم محافظة النجف، مدينة الكوفة، وهي العاصمة الوحيدة في التاريخ التي حكمت فيها الإمامة؛ وهي العاصمة الوحيدة في المستقبل التي ستحكم فيها الإمامة. وفي بقعة النجف أيضا عدد من أقدم وأقدس مساجد العالم؛ كمسجد السهلة المقدس ومسجد الحنانة وغيرهما. وفي هذه المساجد هبط آلاف الملائكة ونزل مئات الأنبياء والأوصياء والصالحين؛ ولهم فيها مقامات شاخصة.

كما تضم النجف مملكة المناذرة؛ التي هي أول مملكة عربية في العراق. وكانت عاصمة وسط العراق وجنوبه. وظلت منطقة النجف وتوابعها الإدارية قبل الإسلام؛ مركزاً رئيسا لكنائس المسيحيين وأديرتهم طيلة مئات السنين.

ومن هنا؛ فالنجف كيان يضم ثلاث عواصم: النجف عاصمة التشيع، والكوفة عاصمة الإمامة الوحيدة ماضياً ومستقبلاً، والمناذرة عاصمة العراق العربية القديمة؛ فضلا عن عدة إمارات قائمة؛ كإمارة بني حسن وغيرها، ومشيخات عموم على مستوى العراق؛ كألبو حداري وآل عيسى وآل شبل والغزالات وآل ابراهيم وجشعم والرماحي والخزاعل وكوفان وغيرهم.

كلّ هذه الحقائق والإستحقاقات؛ تجعلني أحمل عبأ ثقيلاً جداً وأنا أتقدم لعضوية مجلس النواب؛ لأنني أفهم بعمق ماذا سأمثل ومن سأمثل، وباسم من سأتحدث، وعن حقوق من سأدافع. لأني لن أمثل محافظة كأي من المحافظات؛ بل إنها النجف.. محافظة العواصم الثلاث، والتي سنحولها؛ إذا وفقنا اللـه لدخول البرلمان؛ الى محافظة العواصم الأربع؛ بعد أن نبذل كل الجهود لتكون مدينة المشخاب عاصمة العراق الزراعية.

وبالتالي؛ سيكون لزاماً على النائب النجفي أن يكون بمستوى تمثيل النجف؛ والتي  لايضاهيها في المجد والقدسية والإنسانية أية بقعة على وجه الكرة الأرضية؛ عدا  أرض مكة المكرمة وأرض المدينة المنورة.

برامجي في مجلس النواب العراقي

إذا وفقني اللـه تعالى للحصول على عضوية مجلس النواب؛ فإنني سأعمل بطريقة علمية وخطوات مدروسة وبرامج عملية على أكثر من صعيد. وهذه البرامج تحتوي على تشخيص للواقع النجفي والفرات أوسطي والجنوبي والعراقي وإشكالياتها ومشاكلها، مع المعالجات والحلول المنهجية العملية للإشكاليات والمشاكل.

  • مدينة النجف:

الخطوة الأهم والأصعب على صعيد النجف؛ تتمثل في استعادة النجف لمركزيتها ومحوريتها كعاصمة للقرار الديني والإجتماعي الشيعي؛ عراقياً وعربياً وعالمياً.  وتتمثل الخطوة المكملة المهمة في إعادة تنظيم النجف اجتماعياً وثقافياً وسياسياً. ويتبعها معالجة واقع البنى التحتية والتنموية والإنتاجية؛ كالتنمية البشرية والزيارات الدينية والثقافة والتعليم والإعلام والإعمار والإستثمار المحلي والخارجي والسياحة العامة والكهرباء والماء والمجاري والزراعة والصناعة، وغيرها من البنى. ودون شك؛ فإن معالجة المشاكل والإشكاليات العميقة التي تكتنف هذه المجالات؛ سيخلق واقعاً ثقافياً متوازناً وملتزماً، وواقعاً إجتماعياً مستقراً، وواقعاً إقتصادياً مزدهراً، وواقعاً سياسياً وأمنياً أكثر ثباتاً؛ لأنه سيقضي بالنتيجة على معظم الظواهر السلبية في المدينة؛ كالخلل الثقافي والإجتماعي، والبطالة، والطابع الإستهلاكي للإقتصاد، والنقص في جمالية المدينة، والخلل في التخطيط المدني، وضعف الجانب الخدماتي، وغيرها.

وعلى مستوى مركز المدينة؛ لابد من حفظ التوازن بين توسعة الحرم الشريف لمرقد امير المؤمنين (ع) والمعالم التاريخية والتراثية والدينية لمركز النجف القديمة. والمعالجة المقترحة هنا تتمثل في إعادة بناء النجف القديمة على طراز العواصم التاريخية؛ كما هو الحال مع اسطنبول وروما واثينا ومشهد وإصفهان وغيرها.

وينبغي العمل على تسمية النجف رسمياً عاصمة ثقافية دينية دائمة للعراق، وإنشاء مؤسسات دينية وعلمية وفكرية وثقافية وإعلامية عالمية؛ رسمية وشبه رسمية وأهلية. فضلاً عن مؤسسات وطنية للتخطيط المدني والإعمار؛ تنسجم مع هذا التوصيف العالمي للنجف.

  • الكوفة والمناذرة والمشخاب:

تكون المعالجات على صعيد هذه المدن المتفردة الثلاث؛ منسجمة مع الحقائق التاريخية والواقعية لأقضية الكوفة والمناذرة والمشخاب. فعندما تكون الكوفة العاصمة الوحيدة للإمامة ماضياً ومستقبلاً؛ فلابد من العمل على تسميتها رسمياً عاصمة للإمامة. فيكون العمل التنموي حينها شاملاً لكل المجالات؛ بدءاً من التنمية البشرية والسياحية والمدنية والخدماتية، وانتهاء بالتطوير الزراعي.

وكذا الحال مع قضاء المناذرة وناحية الحيرة؛ اللتين تمثلان الإرث الحكومي العربي الأول في العراق. وهنا يكون التأكيد على البنى التحتية والجانب السياحي في غاية الأهمية؛ بالنظر لوجود الكنوز الأثرية الإنسانية العظيمة فيهما.

أما المشخاب التي حباها اللـه بنعمة الأرض الخصبة والمياه؛ فهي جديرة بأن يتم العمل على تنميتها تنمية شاملة بكل تركيز وسرعة؛ ولاسيما في مجال التنمية الزراعية؛ لتكون بإذن اللـه وجهود نواب النجف؛ عاصمة زراعية للعراق وسلة غذاء الفرات الأوسط والجنوب.

  • نواحي النجف وأريافها وباديتها:

تتمتع نواحي محافظة النجف وأريافها وباديتها؛ كالحيرة والعباسية والحرية والحيدرية والقادسية وشبجة والرضوية والنور؛ بالكثير من المقومات الحضارية والإنسانية والسياحية والزراعية والثروات الطبيعية؛ التي تجعل العملية التنموية فيها عملية استثمارية كبرى على المستوى الوطنى. فضلاً عن أن هذه النواحي والأرياف تضم حصون النجف وحماة مرقد أمير المؤمنين (ع) والمرجعية والحوزة والوطن؛ وهم العشائر المضحية الملتزمة التي تحتضن مدينة النجف جغرافياً بطريقة هندسية مدهشة؛ وكأنها تخطيط إلهي لحفظ حاضرة أهل البيت والتشيع.

  • الفئات الاجتماعية النجفية:

لقد اطّلعت عن كثب على أوضاع معظم الفئات الإجتماعية في محافظة النجف، ودرستها ميدانياً؛ وهي فئات تعاني من أنواع مختلفة من المشاكل و الحاجات. وأهمها: الفقراء والمحرومون، الأيتام والمطلقات والأرامل، أصحاب الأمراض المزمنة، ذوو الإحتياجات الخاصة، السجناء السياسيون وقدامى المجاهدين، عوائل الشهداء، الإعلاميون والصحفيون، الطلبة والشباب، المغتربون، المرأة، العشائر، العمال، الفلاحون وأبناء الريف، المستاجرون وفاقدو السكن، المتقاعدون. وبغية تنظيم حلول ومعالجات علمية مدروسة في هدا المجال؛ ينبغي تأسيس مجالس عليا لكل فئة من هذه الفئات؛ يشترك فيها مسؤولون حكوميون معنيّون، وممثلون لهذه الفئات، ومتخصصون أكاديميون.

  • مشروع (( المجلس الاستشاري الأعلى في النجف الأشرف))

تنبع الحاجة الى تأسيس مجلس إستشاري أعلى لمحافظة النجف الاشرف؛ الى خصوصية النجف؛ التي تتفرد فيها عن باقي محافظات العراق والعالم. ويتطلب هذا المشروع تنسيقا كاملاً بين مكونات المحافظة على كل الصعد. وبالتالي لايمكن لهذا التنسيق أن يتم عبر البيانات والخطب والصحافة؛ بل عبر مؤسسة غير رسمية؛ ولكنها مشرًعة رسمياً، وفيها طبيعة إلزامية على مستوى الإشراف والرقابة والتخطيط الإستراتيجي والقرارات العليا.

يتألف (( المجلس الإستشاري الأعلى في النجف الأشرف)) المقترح إنشاءه؛ من (100) شخصية؛ هم المسؤولون الرأسيون في النجف وقادتها وحكماؤها وممثلو فئاتها ومكوناتها، وهم: ممثلو المرجعيات الدينية والحوزة العملية، رئيس مجلس محافظة النجف ونائبه، ورؤساء الكتل السياسية في المجلس، ورؤساء المجالس السابقين، محافظ النجف ونائباه والمحافظون السابقون، قائمقامو الأقضية، المدراء العامون ومدير البلديات، نواب النجف في مجلس النواب العراقي، أمين العتبة العلوية وأمين مسجد الكوفة، ممثلو الأسر والعشائر النجفية، ممثلو عشائر وقبائل أقضية المحافظة وأريافها وباديتها، رؤساء النقابات والمؤسسات الكبرى غير الحكومية الأساسية، رئيس جامعة الكوفة وبعض الجامعات الأكاديمية المهمة.

ويتغير العضو عندما يفقد منصبه. كما يتغير ممثلو الأسر والعشائر والحوزة العلمية كل سنتين. وتصدر رئاسة الوزراء أمراً بتشكيل المجلس؛ وتسمي لجنة لصياغة قانونه. وبعد إقرار القانون في مجلس الوزراء؛ يتم تطبيق القانون من قبل لجنة تحضيرية تسميها رئاسة الوزراء أيضا. ويتضمن القانون الأسباب الموجبة، والأهداف، والصلاحيات، وكيفية اختيار الأعضاء، والهيكلية وأسماء اللجان وصلاحياتها، ومالية المجلس.

ونقترح أن تتشكل هيئة إدارية للمجلس من تسعة أعضاء: ممثل المرجعية العليا رئيساَ، رئيس مجلس المحافظة نائباُ للرئيس، المحافظ أميناً عاماً، رؤوساء اللجان المنتخبون أعضاء.

  • مشروع ((الهيئة العليا لإحياء مراسم إهل البيت (ع)))

وهي هيئة غير حكومية؛ ولكنها مدعومة حكومياً؛ هدفها تنظيم المراسيم الدينية الكبرى في العراق؛ مركزها مدينة النجف الأشرف، وتضم ممثلين منتخبين من  محافظات العراق الأخرى. وفي كل محافظة فرع للهيئة؛ يضم ممثلين عن الأقضية والنواحي. وتقوم الهيئة بعملية التنظيم الشاملة والإشراف على المراسيم الكبرى التالية: ولادة الرسول الأعظم، وفاة الرسول الأعظم، عيد الغدير، ولادة الإمام علي، وفاة الإمام علي، مراسيم عشرة محرم، أربعينية الإمام الحسين، وفاة الإمام الكاظم، وفاة الإمام علي الهادي، الزيارة الشعبانية. فضلا عن النشاطات المحلية وإحياء ذكريات الشخصيات الدينية والشخصيات التي تخصصت في خدمة هذه المراسيم؛ كالخطباء والشعراء والرواديد.

  • محافظات الفرات الأوسط والجنوب:

قد يتساءل بعض الناس عن علاقة نائب يمثل محافظة النجف الاشرف بمحافظات الفرات الأوسط والجنوب . وأقول هنا؛ إن النجف تنتمي دينياً وثقافياً وجغرافياً وتاريخياً واجتماعياً الى منطقة الفرات الأوسط والجنوب؛ ومن ضمنها البادية التي تبدأ من جنوب محافظة الأنبار وتنتهي ببادية محافظة البصرة. وعليه؛ لا يمكن الحديث عن تنمية مبتورة لمحافظة النجف الأشرف بدون عملية تنمية وتطوير شاملة لمحافظات الفرات الأوسط والجنوب؛ التي ذاقت كل أنواع الحرمان والإضطهاد والتهميش طيلة قرون طويلة من حكم السلطات الظالمة في العراق؛ وآخرها دولة صدام البائدة. فضلاً عن كوني ابن الفرات الأوسط والجنوب؛ ويهمني أمرها ورفع الحرمان عنها؛ و كوني أمثلها أيضاُ؛ كما أمثل كل العراق والنجف؛ وفقا لتعريف النائب في الدستور.

فلا بد من تنفيذ عملية تنموية شاملة ومركّزة في هذه المحافظات، وتخصيص ميزانيات استثنائية لها؛ فضلاً عن تخصيص نسبة ثابتة لها من ثرواتها وخيراتها الوطنية.

ومن أجل حسن التخطيط والأداء لهذه العملية التنموية؛ ينبغي تأسيس مجالس تنموية عملاقة خاصة بكل محافظة. وقد قدمت للمسؤولين خلال عام 2009 دراستين نموذجيتين حول تأسيس ( مجلس تنمية محافظة النجف) و (مجلس تنمية الناصرية )؛ آمل أن يكونا نموذجين مفيدين لهكذا مجالس.

رؤيتي لإعادة بناء العراق

المعضلة الأساسية التي يعاني منها العراق؛ هي حالة عدم الإستقرار؛ بسبب الخلل في فهم نوعية العراق الجديد الذي يجب أن يتفق عليه الفرقاء؛ سواء القوميات أو الطوائف أو الأحزاب والتيارات والوجودات السياسية والإجتماعية والدينية. وكان ينبغي قبل صياغة الدستور؛ الإتفاق على مايسمى بقبليات الدستور؛ أي القواعد الأساسية التي تقف عليها الدولة ومنظومتها السياسية والإجتماعية. لأن الخلل في القبليات ومنظومة الدولة؛ جعل كل قومية وطائفة وتيار وجماعة؛ بل وكل وحدة إدارية؛ تحس بالغبن وعدم حصولها على استحقاقها من السلطة والثروة؛ الأمر الذي جعل حالة تفجير الأوضاع في أية منطقة في العراق من أسهل الأمور؛ لعدم وجود اتفاق على طبيعة العراق الجديد ومنظوماته على كل المستويات. وبالتالي تفجرت الخلافات التاريخية بكل أشكالها وإتجاهاتها؛ وأصبح بعض الفرقاء يعيش هاجس العودة الى الماضي والآخر يعيش هاجس العبور الى المستقبل.

ومن خلال بحوثي ودراساتي؛ أعيد السبب الى أن معظم المعالجات التي تمت بعد عام 2003 للإشكاليات التاريخية الضخمة التي يعيشه العراق وإرثه المعقد؛ تم حل بعضها بطريقة سطحية؛ في إطار عملية ترضيات أو ترقيع، والآخر تم تجاوزه إعتباطاً؛ خوفاً من إثارته أحياناً، أو عدم الإلتفات الى خطورته إحياناً أخرى. ولهذا بقي وسيبقى كل شيء كما هو عليه؛ لطالما بقيت الإشكاليات غير محلولة جذرياً؛ بهدف اقتلاع جذور عدم الإستقرار في العراق.

ولعل من البساطة أن يعزوا بعضهم أسباب عدم الإستقرار في العراق منذ عام 2003  الى آثار الإحتلال وسقوط سلطة البعث، أو الأداء الحكومي أو الإرهاب أو نقص الخدمات. فهذه الأمور الخمسة هي مظاهر وليست أسباباً. ولهذا أضع هنا بعض القبليات والحلول التي ستعمل دون شك على محو كل مظاهر عدم الإستقرار في العراق:

1- الاتفاق الفكري والدستوري والتقنيني والعملي بين جميع الفرقاء العراقيين على منع أي سعي؛ مهما كان بسيطاً؛ على عودة العراق الى سلطته الطائفية والعنصرية السابقة التي حكمت العراق مئات السنين بالفكر العنصري والطائفي، وتهميش جميع الطوائف؛ عدا الطائفة الحاضنة. واستخدمت أبشع انواع القمع والإضطهاد والقتل لتثبيت سلطتها ورؤيتها الفكرية، وتسببت في تراكم الصراعات القومية والمذهبية والطائفية والمناطقية والإجتماعية؛ بشكل خفي؛ حتى انفجرت كالبركان بعد سقوط سلطة الأقلية العنصرية الطائفية في عام 2003.

2- الاتفاق فكرياً ودستورياً وتقنينياً وعملياً على إعطاء جميع القوميات والطوائف والتيارات حقوقها من السلطة السياسية والثقافية؛ بشكل متكافيء؛ ينسجم مع حجمها السكاني. وعدم الخوف من الخوض في موضوعة الأقليات والأكثريات حتى في مجال تحديد وجهة المناهج الدراسية.

3- اعتذار الدولة رسمياً بصفتها المعنوية؛ وبالطرق القانونية والثقافية والسياسية والإعلامية المتعارفة دولياً؛ عما تسببته من مآسي وويلات وإضطهاد وتهميش؛ على مدى قرون؛ للطوائف والقوميات التي كانت تختلف معها في الماضي طائفياً وقومياً؛ ولاسيما الشيعة والكرد. وتعويضهم مادياً ومعنوياً وقانونياً.

4- وقوف الدولة على ركيزة التعايش والشراكة؛ وأن تكون دولة الإنسان   والمواطنة والرفاه المعيشي والإجتماعي. وينبغي هنا عدم الخلط بين المحاصصات السياسية والطائفية والقومية، وبين الشراكة الوطنية  ودولة المواطنة والإنسان، وحكومة الأغلبية السياسية. كما ينبغي منع أي أفكار وممارسات عنصرية وطائفية في كل مجالات عمل الدولة والحكومة، ومنع تهميش وإضطهاد أية فئة تحت شعارات الوطن والوطنية.

5- تعديل الدستور شكلاً ومضموناً، وردم جميع الثغرات القانونية والشكلية فيه. وسبق لي أن قدمت مقترحاً للتعديل؛ من منطلق وعيي التاريخي بمعضلات العراق، وكذلك إختصاصي في القانون الدستوري. وأطرح هنا المقترحين الإستراتيجيين الأساسيين:

6- اعتماد النظام الفيدرالي بشكل محدد؛ على غرار النظام الروسي؛ بحيث يتم تقييد مفهوم الفيدرالية بتعاريف ومواد واضحة جداً؛ تحدد قيام الأقاليم على أسس مشتركة، كما تحدد للمركز والأقاليم نوعية الصلاحيات والحقوق والواجبات والعقوبات الجزائية. وأن لايمرر هذا النظام في الدستور على قاعدة الترضيات والإزدواجية في الطرح، أو على حساب قوة الدولة وهيبتها، وقوة الحكومة المركزية وصلاحيتها. وتعطى هنا للحكومة المركزية صلاحيات معينة في إقامة الأقاليم ورسم حدودها الإدارية. وأن تتمتع جميع الأقاليم بحقوق وواجبات وصلاحيات وحكومات مشابهة شكلاً ومضموناً. ويتم إعتماد الحكومات البرلمانية في الأقاليم وليس النظم الرئاسية. ويتم في هذا المجال إعطاء خصوصية لبغداد؛ باعتبارها عاصمة البلاد، وكذا خصوصية للنجف؛ باعتبار وضعها الديني العالمي.

7- إلغاء النظام السياسي البرلماني، وإعتماد النظام السياسي المختلط؛ على غرار النظام السياسي الفرنسي و الروسي؛ فتكون السلطة التنفيذية مقسّمة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في إطار صلاحيات محددة بشكل حاسم؛ تحول دون أي تضارب او خلاف. ويتم انتخاب رئيس الجمهورية شعبياً، وإنتخاب رئيس مجلس الوزراء برلمانياً.

8- إلغاء القوانين والتشريعات التي تم سنّها في الأنظمة السابقة. وبموازاتها يتم تشريع قوانين جديدة تنسجم وخصوصية العراق الجديد، وعصرنة الدولة وأصالة القواعد الدينية للاكثرية السكانية المسلمة.

9- إلغاء منهجية تشكيل الحكومة على أساس المحاصصة السياسية؛ بذريعة الشراكة الوطنية، وإعتماد منهجية حكومة الأغلبية السياسية؛ التي تعطي للمكونات الدينية والمذهبية حقها في التمثيل أيضا؛ في إطار حكومة الكتلة الواحدة أو الإئتلاف الواحد؛ المنسجم سياسياً، والمتنوع دينياً ومذهبياً وقومياً وفكرياً. وذلك للحؤول دون حدوث ظاهرة الإزدواجية في الولاءات بين الحكومة والأحزاب، وظاهرة الإزدواجية في الموالاة والمعارضة، كما هو القائم حالياً؛ حيث تضع بعض الأحزاب والتيارات رجلاً في الحكومة واخرى في المعارضة؛ مما يشل حركة الحكومة. وبالتالي تكون هناك حكومة منسجمة سياسياً، ومعارضة أو معارضات برلمانية.

10- تأسيس مجلس للدولة للفصل في الخلافات القانونية بين جميع مكونات الدولة، وسحب هذه الصلاحية من المحكمة الإتحادية.

11- التأسيس لقوات مسلحة مركزية قوية؛ تعطي للدولة هيبتها وطنياُ وإقليمياً، وكذلك أجهزة أمنية مركزية، ومنع قيام أية جيوش وقوات مسلحة في الأقاليم؛ عدا الشرطة المحلية. ويرافق ذلك خطة وطنية للأمن الإستراتيجي؛ لمنع أية خروقات في الأمن السياسي والثقافي والإعلامي والإقتصادي والعسكري.

12- التأسيس لسياسة خارجية وطنية قوية فاعلة موحدة، تعطي للدولة العراقية هيبتها إقليمياً وعالمياً، وتمنحها علاقات متينة متوازنة بدول الجوار والمحيط الاقليمي والعربي والاسلامي، كما تعطي للعراق إمكانية خلق محور سياسي واقتصادي وأمني إقليمي، ولعب دور حيادي إيجابي في النزاعات الإقليمية والدولية.

 

13- وضع خطة عشرية تنموية إنفجارية في عام 2014 من قبل مراكز بحوث وجامعات وخبراء عراقيين وأجانب. ويتم تحويلها الى الحكومة لإقرارها. ويتم تنفيذها بدءاً من عام 2015 وتنتهي في عام 2024. وتشتمل على المجالات والقطاعات؛ كالنفط ومشتقاته، ومصادرالطاقة الأخرى، والكهرباء، وكل مجالات البنى التحتية الاخرى، والمياه، والزراعة ، والصناعة ونقل التكنولوجيا، والتعليم والبحث العلمي، والثقافة، والفنون كالسينما والمسرح والموسيقى وغيرها، والآداب، والإعلام، والإعمار، وإستقطات الإستثمار المحلي والأجنبي، والترفيه والسياحة والسياحة الدينية.

كما تتضمن الخطة العشرية وضع وسائل للدعم الحكومي للشعب؛ تكون عملية وسريعة التنفيذ وبعيدة عن الروتين والبيروقراطية؛ منها: منح قروض لفتح مشاريع صغيرة ومتوسطة، وقروض للسكن والزواج، وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والثقيلة، وتكريس مجانية التعليم والعلاج، وتعميم مشاريع التأمين الصحي والتأمين على الحياة.

ومن اللـه التوفيق

علي المؤمن

النجف الأشرف

15 / 3 / 2014

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment