بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي دراسة مقارنة

Last Updated: 2024/05/30By

بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي: دراسة مقارنة

د. علي المؤمن

قد يثار التساؤل ـ ابتداءً ـ حول سبب اقتصار المقارنة على الفقه الإسلامي من جهة والقانون البشري أو الوضعي بالمعنى الأعم من جهة أُخرى، وليس المقارنة بين الشريعة والقانون، وهو تساؤل أساس يدخل في إطار المنهج([1]). ويعود السبب إلى أنّ الشريعة تشتمل على أحكام العقيدة والفقه، كما أنّها تحتوي على الأحكام القطعية في العقيدة والفقه وليس الأحكام الاجتهادية؛ بينما الفقه يضم الأحكام القطعية والظنية معاً؛ أي الثوابت والمتغيرات، وأحكامه تقتصر على الفروع. والقانون كذلك يضم متغيرات وثوابت نسبية؛ فالذي يقابل القانون ـ إذاً ـ هو الفقه وليس الشريعة، وبالتالي لا تصح المقارنة بين الشريعة والقانون.

وهناك قضية ثانية لا بدّ من الإشارة إليها، ترتبط بالمساحة الزمنية للمقارنة بين الفقه والقانون. فما نقصده بالقانون هنا هو القانون الوضعي المعاصر، أي الناتج النهائي للقانون البشري، دون الالتفات إلى مراحل تطوره التاريخي أو جذوره. وهذا القانون ربما لا يزيد عمره عن عمر عصر النهضة الأُوروبية. أمّا الفقه الإسلامي فعمره أربعة عشر قرناً، بالرغم من مسارات التطور الكمي والنوعي التي شهدها منذ ولادته وحتى الآن؛ إلّا أنّه بقي محافظاً على مصادره وثوابته وأُصوله وقواعده كما كانت قبل مئات السنين. وبالتالي فالمقارنة هنا بين منظومة قانونية عمرها ثلاثة قرون تقريباً وأُخرى عمرها أربعة عشر قرناً، وقدرة كل منهما على الصمود من أجل تحقيق غاياته.

لقد ظل مصطلح القانون يستخدم في البلاد الإسلامية استخداماً مختلفاً عن معناه الاصطلاحي الحديث، بل استخدم ـ غالباً ـ بمعنى القاعدة المطّردة التي تستمر وتستقر وفقاً لنظام ثابت([2])، وبقيت مصطلحات الشرع والشريعة والحكم الشرعي والفقه هي التي تستخدم للدلالة على المعاملات القانونية الملزِمة؛ بالرغم من أنّ بعض الفقهاء استخدم مصطلح القانون استخداماً قريباً من استخدامه الحديث، ومنهم الفقيه الغرناطي أبو القاسم ابن جُزَيّ (693 ـ 741 ه) في كتابه «القوانين الفقهية»([3]). إلّا أنّ مصطلح القانون شاع خلال القرن التاسع عشر الميلادي في بعض البلدان الإسلامية التي كانت أكثر احتكاكاً بأُوروبا، مثل إيران وتركيا ومصر. وتزامن ذلك مع ظهور مصطلحات أُخر تحمل دلالات القانون كالمدوّنة والمجلة والتقنين والنظام([4]).

وللوقوف على طبيعة مساحات الاشتراك والافتراق بين القانون والفقه؛ نوجز المقارنة بينهما في أهم عناصرهما:

1 ـ أُصول الفقه وأُصول القانون:

ظهر علم أُصول الفقه استجابة لحاجة الفقهاء لعلم يحدد العناصر المشتركة والقواعد العامة لعملية استنباط الحكم الشرعي. ويعرِّف السيد محمد باقر الصدر أُصول الفقه بأنّه ((العلم بالعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي))([5])، ويعرّفه الشيخ محمد مصطفى شلبي بأنّه ((العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية))([6])، أي أنّه بمثابة منطق علم الفقه([7]) أو المنهج للفقه، إذ إنّ الفقه هو المادة التي يطبق فيها الأُصوليون مناهجهم([8])، فيكون علم الأُصول الذي يعني بالعناصر المشتركة للاستنباط تعبيراً عن النظرية، والفقه الذي يعني بالعناصر الخاصة للاستنباط تعبيراً عن التطبيق. و((البحث الفقهي عن العناصر الخاصة في عملية الاستنباط ليس مجرد عملية تجميع، بل هو مجال التطبيق للنظريات الأُصولية))([9]). وهذا ما يوضح طبيعة الفاصل الموضوعي بين علم الفقه وعلم أُصول الفقه.

والحقيقة أنّ علم الأُصول نشأ في أحضان علم الفقه، بل إنّه كان لصيقاً به وجزءاً منه، ولكن نمو علم الفقه واتساع أُفق التفكير الفقهي أدى إلى أن تتكشف الخيوط العامة لنسيج العملية الاجتهادية أو العناصر المشتركة لممارسة استنباط الأحكام الشرعية، وأخذ الفقهاء يتلمّسون اشتراك عمليات الاستنباط في عناصر عامة لا يمكن استخراج الحكم الشرعي بدونها، الأمر الذي أدى إلى اتجاه الذهنية الفقهية اتجاهاً أُصولياً، وإلى أن يتعمق هذا الاتجاه بمرور الزمن؛ لتزايد الموضوعات المستحدثة واتساع نطاق التطبيق الفقهي، كلما تم الابتعاد عن عصر النص، وعبر الحلول التي كان الفقهاء يتوصلون إليها للإجابة عن المشاكل الجديدة. وكانت هذه الحلول تتخذ صورة العناصر المشتركة التي هي في الواقع موضوع علم الأُصول. وهذا البعد التاريخي يوضح الفارق بين بروز علم الأُصول وازدهاره في نطاق المذاهب السنية، وازدهاره في نطاق المذهب الإمامي (الشيعي)، فعصر النص حسب المذاهب السنية انتهى بوفاة النبي(ص)، وحينها ظهرت الحاجة لدى فقهائها للبحث عن العناصر المشتركة أو القواعد العامة للممارسة الاجتهادية([10])، فكانوا أسبق زمنياً من ظهورها في المدرسة الشيعية؛ لأنّ عصر أئمة أهل البيت(ع) مثّل امتداداً لعصر النص؛ فلم يكن فقهاء الإمامية ـ بوجود الإمام ـ يعانون من المشاكل التي كان يعاني منها فقهاء المذاهب السنية. ولكن انتهاء عصر النص لدى الشيعة بغيبة الإمام الثاني عشر جعل فقهاءهم يتلمّسون الحاجة إلى دراسة العناصر المشتركة([11]). وربما يكون هذا البعد التاريخي في ظهور علم الأُصول وتطوره هو السبب الذي يدفع كثيراً من الأُصوليين والفقهاء والباحثين في مجال الفقه والتقنين الفقهي والقانون الإسلامي للدعوة لتجديد علم الأُصول وتحديث عناصره وقواعده وتوسيعها أُفقاً ونوعاً.

وتعدد المدارس الأُصولية على أساس تعدد المدارس الفقهية ومذاهبها؛ أظهر الحاجة لمنهج علمي جديد يدرس آراء الأُصوليين وقواعدهم، ويقارن بينها وفقاً لطبيعة علاقتها بالأدلة؛ أُطلق عليه أُصول الفقه المقارن. وطبيعة المسائل والموضوعات التي يبحثها علم أُصول الفقه وأُصول الفقه المقارن هي واحدة، ولكن الفارق يكمن في غاية كل منهما؛ فإذا كانت غاية علم أُصول الفقه تتمثل في تحصيل القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية؛ فإنّ غاية أُصول الفقه المقارن التعرّف على آراء الأُصوليين والموازنة بينها على أساس قربها من الأدلة أو بعدها عنها([12]). وقد أخضع بعض الفقهاء والباحثين أُصول الفقه وأُصول القانون([13])، وكذلك أُصول الفقه المقارن وأُصول القانون([14]) إلى الدراسة المقارنة، وفقاً لما يراه من توافر عناصر المقارنة. ولعلّ الأكثر قرباً إلى المنهجية العلمية هو المقارنة بين أُصول الفقه وأُصول القانون بالنظر لوحدة المساحة الموضوعية بينهما، وهو السائد في الأوساط الأكاديمية الإسلامية. أمّا علم أُصول الفقه المقارن فيمكن مقارنته بعلم القانون المقارن([15]).

ينطلق مفهوم علم أُصول القانون من وجود مبادئ أساسية واتجاهات رئيسة تشترك فيها القوانين؛ سواء كانت فروع القانون في دولة واحدة أو قوانين الدول المختلفة([16]). أي أنّه لا يهتم بالمسائل التفصيلية التي تختلف قوانين الدول بشأنها، بل يبحث فيما يمكن تسميته بالعناصر المشتركة أو المبادئ المشتركة والقواعد الكلية التي تدخل في عملية تشريع القوانين. وتشكل بمجملها النظرية العامة للقانون. وهو مفهوم قريب من مفهوم علم أُصول الفقه، الذي لا يبحث في الأدلة الجزئية لمذهب من المذاهب الإسلامية إلّا كشواهد. وكما أنّ علم أُصول الفقه يمثل منطق الفقه ومنهجه؛ فإنّ علم أُصول القانون يتحمل المهمة ذاتها، دون أن يدخلا في تفصيلات التشريعات والأحكام، أي العناصر الخاصة التي تشكل قوام كل تشريع أو حكم. ويتولى علم أُصول القانون الكشف عن خصائص قواعد القانون، والبحث في أساس إلزاميته وماهية وظيفته، ومعرفة المصادر العامة التي يستمد منها([17]). ويعرّف علم أُصول القانون على أساس وظيفته؛ فهو ((العلم الذي يتخذ من القانون الوضعي موضوعاً له؛ فيبحث فيما يحكمه من أُصول كلية ونظريات مشتركة بين القوانين الوضعية المختلفة))([18]). ويذهب بعض الباحثين القانونيين إلى أنّ تسميات مثل علم القانون ونظرية القانون وفلسفة القانون هي تسميات لعلم واحد هو أُصول القانون([19]).

والحقيقة أنّ ثمة فواصل بين مناهج وموضوعات وغايات هذه العلوم والبحوث، كما هو الحال بين فلسفة القانون وأُصول القانون ونظرية القانون، وربما هي الفاصلة نفسها بين الفلسفة والعلم والتاريخ. فعلم أُصول القانون يتخذ اتجاهاً منهجياً يدخل في صلب عملية التشريع؛ لأنّه يحدد القواعد العامة المشتركة لها، والتشريع يقوم على أساس هذه القواعد؛ بينما توجد في فلسفة القانون مساحات تركز على مناشئ القانون وجذوره ومرجعيته النظرية([20]). أمّا نظرية القانون أو المدخل إليه فتعالجان في كثير من بحوثهما نشأة القانون وتطوره وفروعه، وهي بحوث يفترض ـ عادة ـ أن لا تدخل في فلسفة القانون أو أُصول القانون. ولا شك أنّ مساحات الاشتراك الواسعة بين أُصول القانون وفلسفة القانون ونظرية القانون هي التي دفعت كثيراً من الباحثين وعلماء القانون([21]) إلى الحديث عنها كعناوين لبحوث مترادفة.

وقد أشرنا إلى بعض أوجه الاشتراك بين علم أُصول الفقه وأُصول القانون، ولا سيّما تناول العِلْمَين للأُطر العامة للموضوعات، دون الاختصاص في فرع أو حقل معين، وتخصص العِلْمَين في القواعد أو العناصر المشتركة التي تدخل في معرفة أحكام الموضوعات، وتركيز العِلْمَين على المبادئ الأساسية أو القواعد العامة دون القواعد الخاصة أو التفصيلية. أمّا أوجه الخلاف بين العِلْمَين، فأهمها: المرجعية الأرضية (ولا سيّما العقل) لأُصول القانون، والمرجعية الدينية لأُصول الفقه، مع وجود دور أساس للعقل في الكشف عن هذه الأُصول، وضيق تطبيق دائرة أُصول القوانين على أساس زمان ومكان معينين، وسعة نطاق تطبيق دائرة أُصول الفقه على مستوى الزمان والمكان، وهذا لا يعني بالطبع أنّ ظروف الزمان والمكان لا مدخلية لهما في تطبيق القواعد الأُصولية على الموضوعات، ولكن جوهر هذه القواعد يبقى ثابتاً ـ غالباً ـ بالنظر لطبيعة مرجعيتها، في حين تتعرض أُصول القوانين إلى التغيير أو الإلغاء وفقاً للتطورات الزمانية والمكانية. وهناك خلاف آخر يرتبط في اتساع موضوعات علم أُصول القانون لعناوين لا يهتم بها علم أُصول الفقه، كأُسس الإلزام في القانون، وماهية وظيفته، ونطاق تطبيق أحكامه، وكيفية تفسير نصوصه، في حين تقتصر غاية علم أُصول الفقه على معرفة عناصر الاستنباط من الأدلة([22]). وهو ما دفع بعض علماء الأُصول إلى القول بأنّ مساحة المقارنة بين العِلْمَين هي مصادر القانون([23]).

2 ـ القيم والمثل في القانون والفقه:

يستند القانون في مضامينه، بل وفي سياقات تشريعه ـ غالباً ـ إلى المذهب الاجتماعي والنظام السياسي السائدين في بلدٍ ما. ويمثل المذهب الاجتماعي نتاجاً للقيم والمثل التي ينتمي إليها المجتمع، فالمذهب والقانون ـ إذاً ـ جزءان من بناء نظري كامل للمجتمع، ويشكل المذهب بنظرياته وقواعده البُنى التحتية للقانون([24])، وهذه النظريات والقواعد بدورها هي إفرازات للقيم والمُثُل الاجتماعية، فإذا كان البلد ليبرالياً في نظامه الاجتماعي ـ مثلاً ـ فإنّ قوانينه ستكون كذلك؛ ابتداءً بالدستور وانتهاءً بقوانين الأحوال الشخصية. أي أنّها ستنسجم في النهاية مع نزعة أصالة الفرد. وكذا الحال إذا كان النظام اشتراكياً أو إسلامياً.

وإذا توقفنا عند الغرب الذي يُعدّ المنبع والحاضنة الرئيسة للقانون الحديث؛ فإنّ نظامه الاجتماعي إفراز لمذاهب فلسفية واجتماعية وسياسية متداخلة ـ غالباً ـ في مفاهيمها، وتتلخص في العقلانية والعلمانية والليبرالية والرأسمالية والديمقراطية، وهي مذاهب تجعل الفرد محوراً لجميع المُثُل والقيم، بل وصانعها؛ بصرف النظر عن أساليب صناعتها. وبما أنّ الواقع في هذه المذاهب لا يتجاوز الفرد؛ فإنّ الأخير هو الذي يصنع النظام الاجتماعي والسياسي وقوانينه. أي أنّ الفرد هو غاية القانون ومحور حركته، فضلاً عن أنّه هو الذي يخلق القوانين، وهذا ما تفرضه القيم والمُثُل السائدة. وكما ذكرنا سابقاً فإنّ المدارس الغربية ـ حتى التي تضفي على نفسها بعض المسوح الإيمانية، كالمدرسة المثالية ومدرسة القانون الطبيعي ـ فإنّها في مصادرها الرسمية ومضامين قوانينها وصياغاتها ومسارات تشريعها، فصلت تماماً بين أيّة قواعد أو مصادر دينية وبين القانون، ووضعت بديلاً عنها قواعد ومصادر أرضية، تتنوع حسب كل مدرسة أو نزعة أو مذهب، كما سلف، كمُثُل العدل والعقد الاجتماعي والمصالح الاجتماعية وغيرها.

أمّا مصدر القانون الإسلامي ونشأته وشرعية قواعده، فهو يدخل في إطار رؤية كونية مختلفة، هي الرؤية التوحيدية، التي تذهب إلى أنّ إرادة الله تعالى هي القاعدة التي تستند إليها كل موضوعات القانون. وقد منح الله (تعالى) القانون للإنسان بما يتوافق وطبيعة المخلوقات وفطرة الإنسان، فهو (تعالى) خالق الكون ومسيِّر جميع الموجودات وواضع قوانينها.

وتتسم قوانين الكون والطبيعة بصفة الجبر؛ لأنّها ترتبط بولاية الله التكوينية. أمّا القوانين الخاصة بالإنسان فترتبط بولاية الله التشريعية، ورغم أنّها ملزمة للإنسان؛ إلّا أنّ بإمكانه التمرد عليها. والقوانين التشريعية هذه هي ـ في الأصل ـ أحكام الشريعة والفقه الإسلامي([25]). وعلى وفق قاعدة اللطف([26]) التي تحدث عنها المتكلمون المسلمون؛ فإنّ الله (تعالى) تكفّل بإنزال التشريعات التي تنظم حياة الإنسان وعلاقاته على كل المستويات، في إطار عقيدة كونية شاملة ونظام قانوني كامل وضمانات فاعلة للامتثال([27]) وقد حمل هذا الإطار اسماً عاماً هو (الدين.(

ويرى المستشرق الإنجليزي “كولسون” أنّ الفلسفة الإسلامية التقليدية التي تذهب إلى أنّ التشريعات منزلة من الله (تعالى)، الذي يحدد الأحكام التي يجب احتذاؤها في بناء الدولة والمجتمع دائماً وأبداً؛ قد أدخل عليها المجددون المسلمون بعض التغيير؛ إذ قالوا بأنّ القانون يتغير وفقاً لاحتياجات المجتمع، ووظيفته هي الإجابة عن المشكلات التي يواجهها المجتمع. وهذا النمط الذي ينادي به المجددون المسلمون يقدم مثلاً هاماً للتوفيق بين مدرستين قانونيتين غربيتين هما مدرستي القانون الطبيعي والمدرسة الاجتماعية([28]). والحقيقة أنّ هذا الرأي الذي ينسبه “كولسون” إلى من أسماهم بالمجددين المسلمين، هو رأي طرحه بعض المفكرين والمثقفين العلمانيين في المنطقة الإسلامية، وهو لا ينتمي إلى التصور الإسلامي؛ باعتباره يتجاوز الثوابت والمبادئ الإسلامية. ولا شك أنّ الحاجات الاجتماعية الجديدة ومتطلبات الزمان والمكان، أدخلت فهماً جديداً لموضوع الثبات والتحول في التشريعات الإسلامية ـ كما سيأتي ـ يستند إلى قواعد الاجتهاد، وصولاً إلى مفهوم منطقة الفراغ التشريعي ومساحة التفويض التشريعي؛ ليحافظ من خلاله المشرِّع أو الفقيه على الثوابت الإسلامية، ويجتهد في المتغيرات حكماً وموضوعاً؛ وهو ما يشير إليه “كولسون” أيضاً بقوله: ((إنّ الحكم القانوني في الإسلام لا يتحدد وفقاً لاحتياجات وتطلعات المجتمع وحدهما، إنّما يمكن إعمال هذه الاحتياجات وتلك التطلعات على نحو مشروع في حدود المعايير والمبادئ التي أمر بها الشرع على نحو لا يقبل التغيير ولا التبديل))([29]).

وربما يكمن الفرق الأساس في جانب المُثُل والقيم بين القانون الأرضي والفقه الإسلامي، هو اقتصار القانون الأرضي على الأبعاد المادية والطبيعية في حياة الإنسان؛ أي كل ما يرتبط بتنظيم حياته وعلاقاته المادية؛ بينما يستوعب الفقه الإسلامي هذه الأبعاد إلى جانب الأبعاد الروحية التي يُعنى بها عناية فائقة؛ فيقيم توازناً بين المادي والروحي في حياة الإنسان والمجتمع؛ الأمر الذي يجعله ـ حتى في القوانين ذات العلاقة بالأبعاد المادية والتنظيمية البحتة ـ لصيقاً بالقيم الأخلاقية والمُثُل المعنوية الإلهية.

ولا شك في وجود مساحات اشتراك بين القيم العليا والأهداف العامة لمعظم المدارس القانونية الأرضية وبين المدرسة الإسلامية؛ كبعض مفاهيم الواقعية والمثالية والقانون الطبيعي والقانون الوضعي، ولكن نظرتها إلى هذه المفاهيم لا تخرج عن إطار تصورها الكوني؛ فالعدل ـ مثلاً ـ هو محور حركة القانون كما تعتقد المدرسة المثالية. وكذلك تؤمن المدرسة الإسلامية ـ كما يقول الفقيه الإسلامي المعاصر السيد كاظم الحائري ـ بأنّ نظام العدل كامن في الفطرة البشرية {ﯔ  ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙﯚﯛ ﯜ ﯝﯞ}([30]). ولكن هذا لا يعني الاكتفاء بالفطرة في هداية البشر، إذ إنّ بذور الظلم والاستغلال كامنة في نفس الإنسان أيضاً، وكذلك جهله بكثير مما يصلح أو يفسد؛ الأمر الذي يؤدي إلى أنّ التشريع أو النظام لو أُعطيا بيد الإنسان لأفسد أكثر مما أصلح. كذلك يدعو الإسلام إلى الوفاء بالعهد والعقد، كما في قوله تعالى: { ﮊ ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ}([31]) ، ولكن هذا لا يعني إمكانية إيجاد القوانين على أساس نظرية العقد الاجتماعي، بل على أساس الإيمان بما أنزل الله (تعالى)([32]).

3 ـ تقسيمات الفقه والقانون:

يقسَّم القانون الحديث ـ على أساس تخصص القوانين وموضوعها ـ إلى: قانون عام يعني بتنظيم المؤسسات، وقانون خاص يعني بالأفراد. وينقسم القانون العام ـ بدوره ـ إلى: قانون دولي عام (خارجي) وقانون عام داخلي. ويختص القانون الدولي العام بشؤون العلاقات الدولية وعمل المنظمات الدولية والإقليمية وقوانين الجو والبحار وغيرها؛ فيما يضم القانون العام الداخلي: القانون الإداري والقانون الدستوري والقانون المالي والقانون الجنائي.

أمّا القانون الخاص فإنّه يشتمل على: القانون المدني، والقانون التجاري، وقانون العمل، وقانون التأمين الاجتماعي. وهناك عناصر مشتركة في بعض فروع القانون بين القانون العام والقانون الخاص، أوجدت قسماً ثالثاً يعرف بالقانون المختلط، ويضم فرعين: قانون المرافعات المدنية والتجارية، والقانون الدولي الخاص([33]).

وقد عرفت قوانين الشريعة الإسلامية هذا التقسيم أيضاً في تجربة التطبيق الحديثة، كما هو في النظام القانوني للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولكن على مستوى الفقه الإسلامي، فإنّ تقسيماته وأبوابه تتميز بمجموعة ميزات أساسية تختلف فيها عن القانون، أهمها:

أ ـ شمول الفقه الإسلامي لموضوعات لا يستوعبها القانون ولا تدرسها العلوم القانونية، وهي الموضوعات ذات الصلة بعلاقة الإنسان بالله (تعالى)، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بالآخرين.

ب ـ أحكام الفقه الإسلامي تشتمل على أحكام عامة بالمسلمين وغيرهم، وأحكام خاصة بالمسلمين فقط، وأحكام خاصة بغير المسلمين. وهذا التقسيم لا وجود له في القانون الوضعي.

ج ـ الترابط بين أجزاء النظام الفقهي الإسلامي؛ فهي تكمّل بعضها الآخر، وتعمل بشكل متساند، ويصعب تطبيق أي جزء منها دون الأجزاء الأُخر، وتبدأ بتنظيم علاقة الإنسان بنفسه، ثم أُسرته، وبالأفراد الآخرين، وبالمجتمع، وبالدولة وبالله (تعالى). ومن هنا فإنّ الفقه الإسلامي لم يفصل بين الفقه العام والفقه الخاص، ولم يجعل لأيّ من الفروع والأبواب الصدارة بعضها على الآخر([34]). ولا توجد في الفقه الإسلامي تقسيمات كالإداري والدستوري والمالي والعمل والعقوبات والمرافعات وغيرها، بل كان التبويب الموروث يقسم أحكام الفقه إلى: العبادات والمعاملات أو العبادات والعقود والإيقاعات والأحكام([35]).

د ـ يستوعب الفقه الإسلامي كل تكاليف الإنسان؛ فيقسّمها إلى: الواجبات، المحرمات، المستحبات، المكروهات، والمباحات، وهي الأحكام الخمسة التكليفية حسب علماء أُصول الفقه، في حين يقتصر القانون على أحكام المسموح به والممنوع والواجب، ولا يتطرق إلى المستحبات والمكروهات([36]).

جدير بالإشارة إلى أنّ السلطة التشريعية في أُنموذج الدولة الإسلامية المعاصرة، وهي المعنية بتقنين أحكام الفقه الإسلامي، أو ـ بكلمة أدق ـ تحويل أحكام الفقه إلى قوانين وضعية؛ تستخدم التقنيات والأُسس الفنية ذاتها التي يستخدمها القانون الحديث؛ فهي تقسّم قوانينها على أساس التقسيم المعمول به في القانون الحديث، واستثنت الأحكام المستحبة والمكروهة في تشريعاتها أيضاً، ولم تتدخل في الأحكام ذات الصلة بالعلاقة بين الإنسان ونفسه والإنسان وربه. وظلت هذه الأحكام من اختصاص الفقهاء والجامعات الدينية (الحوزات العلمية).

4 ـ الجزاء في الفقه والقانون:

ليس في القانون جزاء أُخروي، بل يقتصر على الجزاء الدنيوي أو المادي المتمثل في العقاب ـ عادة ـ والمكافأة ـ نادراً ـ ، بينما يشتمل الجزاء في الفقه الإسلامي على الجزاء الأُخروي والجزاء الدنيوي أو المادي. ويرتكز الجزاء الأُخروي على الثواب للمحسنين والعقاب للمسيئين، كما يرتكز الجزاء الدنيوي على العقاب والمكافأة، كما هو الحال مع القانون. ما يعني أنّ الجزاء الدنيوي في الفقه يتشابه مع الجزاء في القانون. ولكن هناك فروق في نوعية العقوبات؛ إذ يضم الفقه الإسلامي أنواعاً من العقوبات غير موجودة في القانون عادة ، كالرجم وقطع اليد والجَلْد.

5 ـ معيار الكمال في النظام الفقهي والنظام القانوني:

قاعدة الكمال في النظام الفقهي تتلخص في استناده إلى الوحي؛ أي باعتباره نظاماً يستمد جذوره ومصادره من الله (تعالى)، وكمال الله يؤدي إلى كمال ما يصدر عنه. إلّا أنّ قاعدة الكمال هذه لا تسري بالدرجة نفسها على التفاصيل الاجتهادية، بل ربما تضعف كلما اتسع تدخل الإنسان في مضامينه وصياغاته. ويترشح عن هذه القاعدة عدة ميزات، أهمها: صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، ولكل الناس، وانسجامها مع الفطرة الإنسانية، وتركيزها على البعد الأخلاقي، وتقديسها العقل والعلم([37]). بينما يعدّ النظام القانوني الأرضي نتاجاً بشرياً بحتاً؛ وإن تنوعت مصادره واستند بعضها إلى مضامين دينية، وهو بذلك يبقى يعاني ألواناً من النقص، ولا سيّما في مجال تلبيته حاجات الإنسان النفسية والمعنوية.

ومن ناحية التراتبية في الصدور؛ فإنّ النظام الفقهي يسبق وجود الدولة؛ فهو الذي يشرعن وجودها ويؤسس لها ويقيم قواعدها في كل المجالات ويوجه سلوكها ويدير واقعها. وبالتالي، فوظيفة الدولة الإسلامية تطبيق النظام الفقهي؛ أي أنّها الجهاز التنفيذي للنظام الفقهي. بينما النظام القانوني الوضعي هو نتاج الدولة، الذي تضعه وفقاً لمصالحها ومصالح حكامها، أو ـ في أحسن الأحوال ـ مصالح الأكثرية، فالدولة هنا يسبق وجودها القانون، وتكون هي المشرِّع بالمطلق.

وفي الفقه الإسلامي، يُطلق اصطلاح المشرِّع ـ مجازاً ـ على الفقيه والمجتهد، أي الذي يكتشف الحكم الشرعي بناءً على فهمه للنصوص الشرعية وقواعد الاجتهاد من جهة، وفهمه للموضوع من جهة أُخرى؛ فيكون هذا الحكم منسوباً لمنظومة الفقه الإسلامي، كما يكون منسوباً للفقيه في الوقت نفسه، ولكنه لا يمثل الرأي الشخصي للفقيه؛ بحيث يمكنه تغييره على أساس اجتهاد عقلي بحت، وإنّما يعبِّر ـ في نظره ـ عن حكم الشريعة الإسلامية الذي توصل إليه([38]) عبر فهمه العلمي للمصدر والدليل الشرعي. وبذلك لا يمكن القول إنّ الفقه المنسوب للمجتهد هو كالقانون المنسوب للحقوقي([39]). كما لا يمكن تسمية منظومة الفقه الإسلامي بأنّها قانون الفقهاء (Jurist’s Law)، كما يذهب “جوزف شاخت”([40]) ؛ لأنّ الفقه وإن تسمى مجازاً بأسماء الفقهاء، إلّا أنّه في الحقيقة ينتمي إلى الشريعة. كما لا يسمى هذا الدور سلطة، بل إنّ السلطة الحقيقية هي للفقه وصولاً إلى الشريعة. ولم ينشأ الفقه الإسلامي ((عن قانون كان قائماً قبله، وإنّما هو نفسه الذي أوجد القانون. كما أنّ التشريع الإسلامي لم يتم بدافع من ضرورات الواقع العملي، ولا بدافع من الطريقة الفقهية القانونية القضائية، ولكنه نشأ بتأثير أفكار دينية وأخلاقية))([41]).

ويُعدّ التشريع في القانون الأرضي وضعاً للقوانين على أساس معايير بشرية صرفه. بينما يقتصر التشريع في الإسلام على الوحي، فالله (تعالى) هو المشرّع الوحيد. وفي الموضوعات التي تفتقر إلى النص القرآني أو السنة؛ يقوم الفقهاء باستنباط الأحكام الشرعية عبر عملية الاجتهاد. والاجتهاد ليس تشريعاً، بل استنطاقاً للشريعة واكتشافاً للأحكام الشرعية. ويعرّف الاجتهاد بأنّه: ((استفراغ الجهد في إدراك الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية))([42])، أو ((بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية))([43]) فهو ـ إذاً ـ اجتهاد في الفهم وليس اجتهاداً في الرأي([44]). وهو في النتيجة عمل علمي على قدر عال من التخصص، تعضد نزاهته عدالة الفقيه ومهاراته العقلية وقدراته على فهم روح الشريعة. ويقتصر الاجتهاد على القضايا التي لم يرد فيها نص (حكم محدد)، وبذلك لا يشمل الاجتهاد القضايا التي ورد فيها نص، وهي الأحكام الثابتة التي لا تتغير، في حين يمكن تغيير الأحكام الاجتهادية باجتهاد آخر([45]). وهو ما يدل عليه معنى (النص) الذي يعرّفه السيد محمد باقر الصدر بأنّه: ((الدليل الشرعي الذي يكون مدلوله متعيّناً في أمر محدد، ولا يحتمل مدلولاً آخر عنه))([46]).

 

([1]) أُنظر: علي المؤمن، كتاب الفقه والدستور، المقدمة المنهجية.

([2]) عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص39.

([3]) المحمصاني،  د. صبحي، «فلسفة التشريع في الإسلام»، دار العلم للملايين، بيروت، 1981، ص15.

([4]) عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص39.

([5]) الصدر، السيد محمد باقر، «دروس في علم الأُصول» (مصدر سابق)، ج1 ص240.

([6]) شلبي، د. محمد مصطفى، «أُصول الفقه الإسلامي»، الدار الجامعية، بيروت، 1985، ص20.

([7]) المصدر السابق، ص247.

([8]) عطيه، د. جمال الدين، «الواقع والمثال في الفكر الإسلامي المعاصر»، دار الهادي، بيروت، 2001، ص247.

([9]) الصدر، السيد محمد باقر، «دروس في علم الأُصول» (مصدر سابق)، ج1، ص246.

([10]) عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص16 ـ 17. الصدر، السيد محمد باقر، «دروس في علم الأُصول» (مصدر سابق)، ج1، ص247 ـ 248. وللمزيد حول الموضوع: اُنظر: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص13 ـ 22. والمظفر، الشيخ محمد رضا، «أُصول الفقه» (مصدر سابق)، ص7 ـ 10؛ والصدر، السيد محمد باقر، «المعالم الجديدة للأُصول» (مصدر سابق). والأنصاري، الشيخ مرتضى، «رسائل الأُصول» (مصدر سابق). بدران، د. أبو العينين، «أُصول الفقه». وشلبي، د. محمد مصطفى، «أُصول الفقه الإسلامي» (مصدر سابق).

([11]) الصدر، السيد محمد باقر، «دروس في علم الأُصول» (مصدر سابق)، ج1، ص247 ـ 248. وللمزيد حول الموضوع: اُنظر: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص13 ـ 22. والمظفر، الشيخ محمد رضا، «أُصول الفقه» (مصدر سابق)، ص7 ـ 10؛ والصدر، السيد محمد باقر، «المعالم الجديدة للأُصول» (مصدر سابق). والأنصاري، الشيخ مرتضى، «رسائل الأُصول» (مصدر سابق). بدران، د. أبو العينين، «أُصول الفقه». وشلبي، د. محمد مصطفى، «أُصول الفقه الإسلامي» (مصدر سابق).

([12]) اُنظر: الحكيم، السيد محمد تقي، «الأُصول العامة للفقه المقارن»، دار الأندلس، بيروت، 1997، ص41 ـ 46.

([13]) مثال ذلك: الفقيه القانوني المصري الدكتور عبد الرزاق السنهوري والباحث القانوني المصري د.حشمت أبو ستيت في «أُصول القانون». والباحث القانوني العراقي الدكتور عبد الباقي البكري في كتاب «المدخل لدراسة القانون والشريعة الإسلامية». والقاضي اللبناني الدكتور سمير عاليه في «علم القانون والفقه الإسلامي».

([14]) مثال ذلك: الفقيه الإسلامي العراقي المعاصر السيد محمد تقي الحكيم في «الأُصول العامة للفقه المقارن» (مصدر سابق).

([15]) وهو ما اصطلحت عليه بعض الدراسات القانونية المعاصرة، مثال ذلك: كتاب الدكتور عبد السلام الترمانيني، «القانون المقارن والمناهج القانونية الكبرى المعاصرة»، جامعة الكويت، 1985. والناهي، د. صلاح الدين، «النظرية العامة في القانون الموازن وعلم الخلاف»، مطبعة أسعد، بغداد، 1968.

([16]) اُنظر: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص27 ـ 28.

([17]) اُنظر: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص10. والصدة، د. عبد المنعم، «أُصول القانون» (مصدر سابق)، ص3.

([18]) اُنظر: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص11. والبكري، د. عبد الباقي، «المدخل لدراسة القانون والشريعة الإسلامية» (مصدر سابق)، ج1، ص7 ـ 8.

([19]) البكري، د. عبد الباقي (مصدر سابق)، ج1، ص5.

([20]) ومنهم مثالاً: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص10 ـ 12. والبكري، د. عبد الباقي (مصدر سابق)، ص5 ـ 8.

([21]) اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص54. وفريدمان وهارشر، ص32.

([22]) اُنظر في هذا المجال: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص29 ـ 30. وبدران، د. أبو العينين (مصدر سابق)، ص42 ـ 43. والبكري، د. عبد الباقي (مصدر سابق)، ص23 ـ 25.

([23]) اُنظر: الحكيم، السيد محمد تقي (مصدر سابق)، ص47، وكذلك المقارنة التي أجراها بين أُصول الفقه المقارن وأُصول القانون، ص50 ـ 52.

([24]) حول العلاقة بين المذهب والقانون، اُنظر: الصدر، السيد محمد باقر، «اقتصادنا»، دار التعارف، بيروت، ط6، 1974، ص349 ـ 351 وص384.

([25]) اُنظر: المؤمن، علي، «الفقه والسياسة» (مصدر سابق)، ص19.

([26]) حول قاعدة اللطف اُنظر: النراقي، الشيخ أحمد، «عوائد الأيام»، دار التعارف، بيروت، 1990، عائدة 64، ص87. السبحاني، الشيخ جعفر، «رسالة في التحسين والتقبيح العقليين»، مؤسسة الإمام الصادق، قم، 1431، ص 23.

([27]) اُنظر: زاهد د. عبد الأمير، «المدخل إلى النظرية العامة للقانون الدولي الإسلامي»، مركز الغدير، بيروت، 1999، ص12.

([28]) اُنظر: كولسون، ج.ن، «في تاريخ التشريع الإسلامي»، ترجمة: محمد أحمد سراج، بيروت، 1992، ص23.

([29]) المصدر السابق.

([30]) سورة الروم، الآية30.

([31]) سورة المائدة، الآية 1.

([32]) الحائري، السيد كاظم، «التقنين بين النظم الوضعية ونظم السماء»، مقالات المؤتمر الرابع للفكر الإسلامي، منظمة الإعلام الإسلامي، طهران، 1987، ص89 ـ 90.

([33]) سنأتي على تقسيمات القانون وفروعه بمزيد من التفصيل في الفصل الثالث.

([34]) اُنظر في هذا المجال: زاهد، د. عبد الأمير، (مصدر سابق)، ص10 ـ 12. عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص78. المودودي، الشيخ أبو الأعلى (مصدر سابق)، ص177. الشيرازي، السيد محمد، «القانون»، مركز الرسول الأعظم، بيروت، 1998، ص8 و22.

([35]) سنأتي على تقسيمات الفقه بمزيد من التفصيل في الفصل الثالث.

([36]) اُنظر: شاخت، جوزف، «تراث الإسلام» (مصدر سابق)، ص100 ـ 101 و105.

([37]) اُنظر في هذا المجال: الشيرازي، السيد محمد، «القانون» (مصدر سابق)، ص55 ـ 69.

([38]) الهاشمي، السيد محمود، «مصادر التشريع ونظام الحكم في الإسلام»، سلسلة من هدي الإسلام، قم، 1408ه‍ ، ص17.

([39]) كما يذهب الكاتب السوري برهان غليون، الذي يعدّ الفقه برمته أحكاماً ظنية خلافية متغيرة لا تعبر عن شرع الله الثابت، بل عن رأي الفقيه. اُنظر: «نقد السياسة»، ص140 ـ 141.

([40]) اُنظر: شاخت، جوزف (مصدر سابق)، ص105.

([41]) المصدر السابق. اُنظر في هذا المجال أيضاً: جعفر، د. علي محمد (مصدر سابق)، ص55 ـ 56.

([42]) الدهلوي، نقلاً بالواسطة عن الشهرستاني، د. محمد علي، «مدخل إلى علم الفقه»، الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية، لندن، 1990، ص167.

([43]) الحلي، العلامة الحسن بن المطهر، «مبادئ الوصول إلى علم الأُصول»، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1413ه‍ ، ص240.

([44]) هناك قسم من المسلمين (الإخباريون عند الشيعة والسلفيون عند السنة) يعدّون الاجتهاد المتعارف عند الأُصوليين عملاً بالرأي؛ فهم لا يعملون به إلّا بشكل محدود؛ فلا يستخدمون أدواته، وفي مقدمتها قواعد علم أُصول الفقه. ويمكن التعبير عنهم بأنّهم نصوصيون، أي يتمسّكون بحرفية المصادر، سواء القرآني أو ما ورد في كتب الحديث، كما يتمسّكون في فهم علماء السلف، فيشرحونه، ولا يجتهدون أو يجددون فيه. اُنظر: مجموعة باحثين، «السلفية: النشأة، المرتكزات، الهوية».

وهناك مدرسة قانونية فرنسية (مذهب الشرح على المتون) تمثل اتجاهاً في القانون الوضعي يرفض تجديد النصوص القانونية أو الاجتهاد في فهمها، بل يكتفي بشرحها. اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص232 ـ 236.

([45]) اُنظر: لجنة التأليف، «الثابت والمتغير»، مؤسسة البلاغ، طهران، 1992، ص54.

([46]) الصدر، السيد محمد باقر، «دروس في علم الأُصول» (مصدر سابق)، ج3 ق1، ص263.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment