نظرية القانون الوضعي

Last Updated: 2024/06/11By

نظرية القانون الوضعي

د. علي المؤمن

مفهوم القانون

تتفق معظم تعريفات القانون على مضمون واحد له؛ وإن تباينت في صياغاتها؛ فقد عرّفه بعض أساتذة القانون بأنّه ((مجموعة من القواعد يتمثل كل منها في حكم عام مجرد يتناول سلوك الإنسان في المجتمع بالتنظيم، ويتوافر له الإلزام الاجتماعي))([1])، أو أنّه ((مجموعة القواعد المنظِّمة لسلوك الأفراد في المجتمع والتي تحملهم السلطة العامة فيه على احترامها، ولو بالقوة عند الضرورة))([2]).

وعرّفه آخرون بأنّه ((مجموعة من القواعد تنظّم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع بصورة عامة مجردة، وتوقع الدولة جزاء على من يخالفها))([3]). ويربط الفيلسوف الألماني “ايمانويل كانت” (1724 ـ 1804م) في تعريفه القانون بين تشريع القانون وكفالة حق الحرية؛ فيقول بأنّ القانون ((مجموعة من الضوابط التي تكفل لإرادة الفرد أن تتعايش مع إرادة الأفراد الآخرين في ظل تنظيم عام للحرية))، وهو بذلك جعل كفالة حق الحرية غاية القانون الوحيدة([4]).

وهذه التعريفات تنطبق ـ عادة ـ على القانون الأرضي أو البشري أو الوضعي، في مقابل القانون الديني أو الإلهي. وبالتالي يمكن إيجاز تعريف القانون بمعناه العام بأنّه قواعد تعتمدها السلطة في تنظيم حياة الجماعة وعلاقات أفرادها وسلوكهم الظاهري، وهو ملزِم للجميع ولا يقبل تفسيرات مختلفة([5]). وهناك مداليل خاصة للقانون، كالقانون بمعنى التشريع، وهو مجموعة المواد أو القواعد القانونية الصادرة عن سلطة التشريع أو أية سلطة مخولة أُخرى. أو بمعنى المادة القانونية (Article) وهو النص القانوني الذي يحمل ـ عادة ـ رقماً وتسلسلاً في إطار تشريع أو قانون أوسع. أمّا مجموعة القوانين القانونية التي تنظِّم مجالاً من مجالات حياة المجتمع، ويطلق عليها فرع القانون أو القانون المتفرع، فهي تحمل أيضاً معنى من معاني القانون، وهو يتسع هنا لقواعد أُخر غير مجموعة القواعد الواردة في التشريع المدوّن، كالعرف وأحكام القضاء وآراء العلماء. أمّا النصوص المدوّنة فيذهب بعض أساتذة القانون إلى إطلاق لفظ التقنين (Code) عليها([6])، أي التشريع المدوّن.

ويتخذ علم القانون من القانون بمجمله موضوعاً له ومادة لدراسته؛ فيتولى التعريف به والكشف عن خصائص قواعده، والبحث في أساس إلزاميته وماهية وظيفته، وبيان أقسامه وفروعه، ومعرفة مصادره، ونطاق تطبيقه، وكيفية تفسير نصوصه. وبذلك تكون مهمة علم القانون ـ أو علم أُصول القانون كما يسميه بعض أساتذة القانون ـ تحديد نظرية للقانون وصولاً إلى رسم نظرية للحق أيضاً([7]). ويرى عالم القانون النمساوي “هانز كلسن” (1881 ـ 1973م) أنّ علم القانون يُعنى بدراسة السلوك الإنساني من حيث خضوعه إلى ضوابط قانونية (Normes Juridiques)، وأنّه لن يكون علماً بحتاً (Science Pure) إلّا إذا اقتصر على هذه الضوابط واستبعد منه الضوابط الأخلاقية والمفاهيم السياسية والمثل ومبادئ القانون الطبيعي؛ لأنّها ليست قانونية([8]). ويشير “كلسن” هنا إلى إشكالية متجددة ترتبط بعلاقة القانون بالأخلاق والدين وقيم المصلحة والعدالة، وهي إشكالية تناولها علماء القانون وفلاسفته، بل وكثير من مفكري أُوروبا منذ القرن السادس عشر الميلادي، وظل معيار تقسيم القانون إلى ديني وطبيعي ووضعي. وما ذهب إليه “كلسن” هو مذهب دعاة القانون الوضعي في مقابل دعاة القانون الطبيعي وعلماء التشريعات الدينية.

مقومات القانون الوضعي

يخلص دعاة المذهب الوضعي إلى وجود أربعة مقومات للقانون، تبين طبيعة تعريفهم له، وهي:

  • وجود مجتمع يعيش في إطار نظام سياسي.
  • صدور القانون من الجهة الحاكمة، واقترانه بجزاء يكفل الالتزام به من المحكومين.
  • أن يكون للحاكم السيادة التي تجعل إرادته تسود على إرادة المحكومين.
  • أن يفرض أمر الحاكم على المحكومين واجب الطاعة([9]).

ويكشف تعريف القانون عن طبيعة غاياته وأهدافه وفلسفته. فالوظيفة التنظيمية للقانون تهدف إلى تحقيق الاستقرار والنظام والأمن في المجتمع، وحمايته وحفظ كيانه، والمساهمة في تنمية الواقع الاجتماعي ودفعه باتجاه التطور والرقي على الصعد كافة، عبر بوابة إقامة العدل بين الناس وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم ومصالحهم. وشكل هذه البوابة وتفاصيل مضامينها هي مساحة الاختلاف بين مدارس القانون ومذاهبه؛ بالرغم من اتفاق معظمها على محورية العدالة في غايات القانون. ومبدأ الحركة باتجاه بلوغ هذه الغايات؛ اتصاف القواعد القانونية بالعمومية والتجرد؛ لأنّها ((تتضمن تكليفاً عاماً يوجه إلى كل الأفراد لا إلى شخص بعينه، وتنطبق على كل الوقائع التي تتوافر فيها شروط معينة لا واقعة معينة بذاتها))([10]). وهذا المبدأ يصنع دعائم القانون في المساواة، بمعنى خضوع جميع أفراد المجتمع إليه، بصرف النظر عن مواقعهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وتساويهم في الحقوق والواجبات العامة، إلّا في المجالات التي يحددها القانون نفسه([11]).

وإلى جانب هذا المبدأ، يستخدم القانون آلية نظرية لضمان بلوغ أهدافه؛ تتمثل في التوفيق بين حريات الأفراد ومصالحهم المتعارضة؛ بالصورة التي تضمن تحقيق المصلحة العليا للمجتمع، مع مراعاة ظروف المجتمع الحضارية والاقتصادية والفكرية، وحينها يكون القانون قد وفّر إمكانية نجاحه في التطبيق وامتثال الناس لأحكامه([12]). ولا شك أنّ الأهداف الأساسية للقانون في تنظيم سلوك المجتمع وعلاقاته؛ تجعله وثيق الصلة بكل حقول المعرفة الاجتماعية والإنسانية الأُخر، كالسياسة والاقتصاد والتاريخ والاجتماع والفلسفة، فضلاً عن الضوابط التي تحدد توجهات القانون ومضامينه، والتي يفرضها انتماء المجتمع، سواء على مستوى الدين والأخلاق والأعراف([13])؛ إذ لا يمكن للقانون أن يكون بمنأى عن تأثيرات هذه الضوابط أياً كانت المدرسة التي ينتمي إليها القانون؛ لأنّ القانون يتفاعل مباشرة مع الحقائق الاجتماعية فكراً وواقعاً، ومع التحولات التاريخية للمجتمع([14]). وعندما يعي المجتمع الهدف الذي يحققه من خلال نظام اجتماعي يعكس حياة المجتمع ومتطلباته؛ فإنّ هذا النظام يسمى الفكرة القانونية (Legal idea) التي هي عبارة عن ((مجموعة قواعد مشتركة مستخرجة من الروابط الاجتماعية))([15]).

وهذه الحقيقة تمثل تطوراً أخذ الفكر القانوني الغربي يشهده في مرحلة ما بعد عصر النهضة الأُوروبية. في حين ظل فقهاء القانون في انجلترا وحتى القرن التاسع عشر الميلادي يعدّون ((القانون علماً نظرياً خالصاً معزولاً عن حركة المجتمع، ومن ثم نظروا إليه على أنّه مجرد مجموعة من المبادئ والقواعد المستخلصة من مجموعة من المعايير الثابتة التي لا تتأثر بالتطور، ولا تختلف باختلاف الزمان والمكان))([16]). وهو الرأي الذي تعرّض لانتقادات حادة سنين طويلة، حتى اهتزت دعائمه؛ بالرغم من أنّه يعبِّر عن الفكر القانوني الإنجليزي التقليدي المحافظ.

وإذا كانت غاية القانون كما تذهب معظم مدارس القانون؛ تتمثل في تحقيق العدل؛ فإنّ مفهوم العدالة يبقى انتزاعياً ومتغيراً، وبالتالي نسبياً([17])؛ أي أنّ كل مدرسة فكرية أو مذهب سياسي وفلسفي ونظام سياسي يفصِّل مفهوم العدالة على مقاس القيم (Valeus) والتصور الكوني الذي يعتقده.

فـ”أرسطو” ـ مثلاً ـ يختصر مبدأ العدالة في ((إعطاء كل واحد حصته)) ([18])، أي استحقاقه، كما يذهب دعاة أصالة الفرد (المذهب الليبرالي الرأسمالي) إلى أنّ العدالة هي العدالة التبادلية (Justice Commutative)، بينما يرى دعاة أصالة المجتمع (المذهب الاشتراكي الماركسي) أنّ العدالة تكمن في العدالة التوزيعية([19])؛ أي بحصول الجميع على حجم متساوٍ من العدالة.

أمّا المدرسة الإسلامية فلها مفهومها الخاص للعدالة، وهو مفهوم يتوسط المذاهب الفكرية الأرضية، بالنظر لتوازنه في النظرة للعدالة بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع([20]).

ومنذ ظهور الفكر القانوني الحديث في القرن السابع عشر الميلادي من خلال آراء بعض الفلاسفة والمفكرين وطلائع فقهاء القانون والسياسة؛ بدأت المذاهب والمدارس والاتجاهات القانونية تنشأ بالتدريج وتتبلور بمرور الزمن، وظل بعضها جزءاً من المذاهب والفلسفات الاجتماعية والسياسية الكبرى، فيما كان الآخر يجنح إلى التخصص باعتباره مذهباً قانونياً صرفاً. ويمكن اعتبار تحرر الفكر القانوني الغربي من مضامينه اللاهوتية المسيحية، واعتماده ما عرف بالنزعات العقلانية والعلمانية، هو الحد الفاصل بين الفكر القانوني الذي ساد في العصر الوسيط والفكر القانوني الحديث. وكان الفقيه القانوني الهولندي “هوغو غروتيوس” (1583ـ 1645م) مؤسس مدرسة القانون الطبيعي وقانون الشعوب أبرز رواد هذا التحول([21]). وبالنظر لتنوع معايير تقسيم هذه المدارس والمذاهب، فإنّ تسميات بعضها لم يخضع للثبات المنهجي، وإنّما تعود لرؤية الباحث أو المؤرخ القانوني واستنباطه، وتختلف من منهج لآخر.

معايير تقسيم المدراس القانونية

كان تنوع معايير التقسيم يؤدي إلى اختلاف في طبيعة الفرز والمسميات وإلى تداخل بين بعض تلك المذاهب. ومن جملة هذه المعايير: مصادر القانون، وتكوين القانون، وعلاقة القانون بالواقع الاجتماعي أو الظواهر الاجتماعية، وعلاقة القانون بالأخلاق، وأصالة الفرد وأصالة المجتمع وغيرها. وسنذكر هنا أبرز هذه المدارس والمذاهب دون إخضاعها لمعيار واحد في التقسيم، بل على أساس تنوع المعايير التي يستخدمها فقهاء القانون وباحثوه، وهو السائد ـ غالباً ـ في مناهج البحث القانوني.

ويمكن تقسيم مدارس القانون إلى ثلاث مدارس رئيسة، هي: المدرسة المثالية، والمدرسة الواقعية أو الوضعية، والمدرسة التوفيقية أو التعادلية، وتحت كل مدرسة ينضوي عدد من المدارس الفرعية أو المذاهب. ولكن هذا لا يعني أنّ هذا التقسيم بين المدارس والمذاهب نهائيّ، بل إنّ هناك تداخلاً بين بعضها، أو تداخلاً بين انضواء بعض المذاهب في جزء منها إلى هذه المدرسة وجزء آخر إلى مدرسة ثانية، ولكن يبقى هذا التقسيم هو الأكثر قرباً إلى الحقيقة الموضوعية.

  • المدرسة المثالية:

تُعدّ المدرسة المثالية هي المدرسة الرائدة التي قام الفكر القانوني الحديث على أكتافها. وتعتقد المدرسة المثالية بوجود قيمة عليا تسمو على جميع القيم وتحتويها، وأنّ وظيفة القانون هي إقامة العدل بين الناس، ومبادئ العدل هي قيمة تعلو على الإنسان، وبالتالي يتمثل فيها القانون الطبيعي الذي يتوافق مع طبيعة الإنسان وبيئته وعلاقاته بها([22]). وقد أوضح الفقيه القانوني الهولندي “هوغو غروتيوس” في كتابه «قانون الحرب والسلم» مبادئ (القانون الطبيعي وقانون الشعوب) المبنية على أساس مثل إنسانية يفضي إليها العقل القويم، وتتطابق مع طبيعة الإنسان الاجتماعية، وتتوافق مع أوامر الله ونواهيه، وعدّ القاعدة القانونية ((التي يوحي بها العقل القويم، والتي بمقتضاها يتعين الحكم بأنّ عملاً معيناً ظالم أو عادل لكونه مخالفاً أو موافقاً للمعقول وبأنّ الله منشئ الطبيعة ينهى عنه أو يأمر به))([23])، أي أنّ القانون الطبيعي هو قانون إنساني يوحي به العقل الصحيح وليس بحاجة إلى وحي من الله، ولكنه لا يتعارض مع أوامر الله ونواهيه، وبذلك لم يفصل “غروتيوس” بين القانون العقلي والدين والأخلاق([24]). وعلى خلاف “غروتيوس” ذهب الفقيه الإنجليزي “توماس هوبز” (1588ـ 1679م) إلى عدم وجود قانون طبيعي يكون مقياساً للقوانين العقلية، بالرغم من أنّه أرجع القانون إلى طبيعة الإنسان في حال الفطرة الأصلية، ولكنه عدّ القانون تعبيراً عن إرادة الملك المقتدر (المطلق في حكمه)؛ إذ إنّ العدل هو ما يراه السلطان فقط([25]). ولم تختلف آراء الفقيه الهولندي “سبينوزا” (1632ـ 1677م) عن آراء “هوبز”، ومن ذلك قوله بوحدة الواقع المادي والنظام الطبيعي، والتي تؤدي إلى المطابقة بين القانون الوضعي والقانون الطبيعي، ولكنه يرفض أن تكون إرادة الحاكم تعبيراً عن القانون وعن مبادئ العدل، بل إنّ الحاكم يعبر عن إرادة الجماعة([26]).

في حين أيّد الفقيه القانوني الألماني “صموئيل فون بوفندورف” (1632ـ 1694م) إعادة الاعتبار لأفكار “غروتيوس”، وخالف “هوبز” و”سبينوزا”، واستحق أن يكون مساهماً في تأسيس مدرسة القانون الطبيعي وقانون الشعوب، ولكنه أخذ من “هوبز” فكرته بأنّ ((الإنسان مدفوع إلى الاجتماع بدافع من مصلحته الذاتية))، وبذلك ميّز بين الحقوق الطبيعية (Natural right) والحقوق التي تكتسب (aquired right) ([27]).

وشهدت المرحلة الزمنية نفسها وصولاً إلى نهايات القرن الثامن عشر؛ ظهور عدد من الفلاسفة والمفكرين والفقهاء القانونيين، قامت أفكارهم على أساس الانتصار لدولة القانون والحكم المقيد، ولكنها ظلت ـ غالباً ـ في مجال مناشئ القانون تسبح في أفكار “غروتيوس” و”هوبز” و”بوفندورف”، وإن تميّز بعضهم بآرائه السياسية والفلسفية العميقة التي لاقت شهرة ورواجاً أكثر من الأسماء السالفة، وأبرز هؤلاء: الإنجليزي “جون لوك” (1632ـ 1704م)، والألماني “كريستيان توماسيوس” (1655ـ 1728م)، والفرنسيان “مونتسكيو” (1689ـ 755م)، و”جان جاك روسو” (1712ـ 1778م)، والألماني “إيمانويل كانت” (1724ـ 1804م)، والسكسوني “فيختي” (1762ـ 1814م)([28]). وقد تميّز “مونتسكيو” بفكرة الحتمية في القانون؛ بمعنى أنّ القوانين قواعد حتمية تمليها طبيعة الأشياء، وأنّ العوامل المختلفة في البيئة الاجتماعية هي التي تشكل روح القوانين أو طبيعة القوانين، وبالتالي فالقوانين هي العلاقة القائمة بين (العقل الأول) وبين مختلف الموجودات والعلاقات القائمة فيما بين هذه الموجودات. وقال بأصالة العدل والظلم، وبأنّ القوانين لا تقرر عدالة الأشياء وظلمها، بل إنّ القانون يقرّ بما هو عادل؛ لأنّه عادل أساساً([29]). وأكمل “مونتسكيو” فكرة القانون الطبيعي بقانون مثالي يوجب حماية حق الحرية للإنسان([30]).

أمّا الفيلسوف والمفكر الأكثر شهرة في القرن التاسع عشر الميلادي “إيمانويل كانت”، فقد طوّر مبادئ القانون الطبيعي إلى مستوى استنباط اتجاه جديد عُرف بالاتجاه العقلي في القانون الطبيعي، وردّ القانون الطبيعي إلى مجموعة مبادئ استنبطها العقل الإنساني، وهي تعلو فوق قواعد القانون الوضعي التي لا تلائم متطلبات العقل([31]). وتدخل آراء “كانت” في القانون في دائرة فلسفته العامة التي ترى أنّ الإنسان غاية في ذاته، وليس وسيلة لتحكّم إرادة المشرِّع، وأنّ وحدة العقل البشري تجعل القانون الذي يصنعه مجموع الناس قانوناً ملزِماً وأصيلاً تصاغ على أساسه القوانين الوضعية([32]). وميّز “كانت” بين الأخلاق والقانون على أساس التفرقة بين بواعث السلوك الخارجي (الأعمال الباطنية) والمظاهر السلوكية (الأعمال الخارجية)؛ إذ تدخل الأُولى في دائرة الأخلاق والثانية في دائرة القانون([33]). وقد أعطت فلسفته الأخلاقية هذه قيمة رفيعة للإنسان؛ وضعته فوق الظواهر القانونية، باعتباره يمتلك حق الحرية. ووضع في هذا الإطار جملة من القواعد الأخلاقية العامة التي تحدد السلوك القانوني للإنسان، بحيث يصبح سلوك الإنسان الحر الكريم ((قانوناً عاماً للناس جميعاً))([34]).

ويمكن القول إنّ السمات العامة التي يتصف بها الفكر القانوني المثالي القائم ـ غالباً ـ على نظريتي القانون الطبيعي والعقد الاجتماعي اللتين طبعهما القرنان السابع عشر والثامن عشر بطابعهما؛ قد تماهت مع الاتجاهات السياسية والفكرية والفلسفية السائدة في أُوروبا خلال عصر النهضة الأُوروبية، والتي تلخصت في النزعات العلمانية والعقلانية والفردية. وقد انعكست تجسيدات هذه النزعات على الفكر القانوني بشكلٍ فصل بين القانون والفكر اللاهوتي، وكما فصل بين القانون والأخلاق، ولكن هذا لم يمنع من تمسكه ببعض المسوح اللاهوتية، ومنها ((نزوعه إلى المثل الأعلى للعدالة وطريقته الميتافيزيقية، أي الاعتماد على أفكار ومبادئ قبلية (apriori).))([35]).

  • المدرسة الواقعية:

اندفع قسم من الفكر القانوني الأُوروبي خلال القرن التاسع عشر الميلادي نحو القطيعة مع الفكر الديني وتجاوز المثالية والميتافيزيقية والتجريدية، والتمسك بالاتجاه الوضعي المبني على الواقعية والتجريبية والعملانية، وذلك انسجاماً مع الفلسفة الوضعية (Philosophy status) التي يؤمن بها، والقائمة على المعرفة العلمية الحسية والتجريبية. وقد أنكرت المدرسة الواقعية (Realism actuel) أو الوضعية في القانون نظرية القانون الطبيعي وفكرة العدل والمثل العليا؛ إذ قرّرت المدرسة الواقعية أنّ القانون هو وليد البيئة الاجتماعية وتعبير عنها([36]).

وأبرز المذاهب القانونية التي تنتمي إلى المدرسة الواقعية أو الوضعية يمكن الإشارة إلى مذهب الفيلسوف “جورج هيغل” (1770ـ 1831م) صاحب المنهج الجدلي، الذي وحّد بين الحقيقة الواقعة (الواقع) وبين المعقول (الفكر)، ونتج عن ذلك وحدة بين الإرادة المعززة بالقوة (الواقع) وبين القانون (الفكر) ([37])، وكذلك مذهب الفقيه القانوني الإنجليزي “جون أُوستين” (1790ـ 1859م) والمعروف بالمدرسة التحليلية، ومذهب الفقيه القانوني النمساوي “هانس كيلسن” (1881ـ 1973م)، ومذهب الفقيه القانوني الألماني “كاسبار رودولف فون اهرنج” (1818ـ 1892م) والمعروف بمذهب الكفاح والغاية.

أمّا المذاهب الفلسفية الوضعية التي كان لها نظريات تأسيسية في القانون، فأهمها: المذهب التاريخي الذي أسسه الفيلسوف الألماني “فريدريك كارل فون سافيني” (1779ـ 1861م)، والمذهب النفعي الذي أسسه الفيلسوف الإنجليزي “جيريمي بنثام” (1748ـ 1832م)، ومذهب التضامن الاجتماعي الذي أسسه الفقيه القانوني الفرنسي “ليون ديجى”، ومذهب الصراع الطبقي الذي أسسه الفيلسوف الألماني “كارل ماركس” (1818 ـ 1883م)([38]). ويختلف المذهب الماركسي عن المذاهب الوضعية السابقة في تمثيله للمذهب الاجتماعي أو مذهب أصالة المجتمع، الذي يعتبر المجتمع غاية القانون؛ إذ يتجه القانون نحو تذويب مصلحة الفرد في مصلحة المجتمع. وقد عدّ “ماركس” القانون إفرازاً للنظام البرجوازي وحقيقة الصراع بين الطبقات، وأنّه لا قيمة له بذلك؛ إذ إنّ تنظيم المجتمع لا تحدده القواعد القانونية، بل بنى الإنتاج الاقتصادي([39]). في حين تمثل المذاهب القانونية والفلسفية الوضعية الأُخر المذهب الفردي أو مذهب أصالة الفرد، الذي يعتبر الفرد غاية القانون؛ إذ يعمل القانون على حماية حرية الفرد وحقوقه([40]).

  • المدرسة التعادلية:

ظهرت مدرسة قانونية ثالثة، كحالة وسطية توفيقية بين المدرسة المثالية والمدرسة الواقعية، بعد النقود التي تعرضت لهما المدرستان من بعض الفقهاء القانونيين الذين برزوا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وأطلق عليها بعض الأكاديميين (المدرسة التعادلية)([41]). ومن أهم الأفكار والمذاهب التي تنتمي لهذه المدرسة: فكرة (القانون الطبيعي ذي الحدود المتغيرة) أو (القانون العدل)، وقد بلوره الفقيه القانوني الألماني “رودولف ستاملر” (1856ـ 1938م)، والذي جمع بين ما يقول به المذهب التاريخي في اعتبار القانون وليد البيئة، وأنه يتغير بتغير الزمان والمكان، وأنه يساير تطور المجتمع باستمرار، وبين ما يذهب إليه القانون الطبيعي (قاعدة المدرسة المثالية) من وجود (مثل أعلى) يستلهمه المشرِّع ويدركه العقل السليم، ويختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة([42]). ولكن الفقيه القانوني الفرنسي “جيني” انتقد مذهب “ستاملر”؛ لأنّه ساير المذهب التاريخي إلى مستوى أبعده كثيراً عن القانون الطبيعي والمدرسة المثالية؛ فعمل “جيني” على الجمع بين حقائق الواقع والمثل العليا، وانطلق من وظيفة القانون المتمثلة في تحديد ما يجب أن يكون، وليس تحديد ما هو كائن فعلاً، إلى اكتشاف الترابط بين الحقائق التي تشكل القيم التي يحملها القانون، وهي: الحقائق الواقعية أو الطبيعية، والحقائق التاريخية، والحقائق العقلية، والحقائق المثالية([43]).

منشأ القانون

تستند المدارس والمذاهب القانونية الوضعية وغيرها من المذاهب الفلسفية واللاهوتية التي سادت في العصر الوسيط، إلى ثلاثة أنواع من النظريات القانونية التي تختلف فيما بينها حول منشأ القانون ومصادره، وهي: القانون الإلهي (Divine low)، والقانون الطبيعي (Natural rules)، والقانون الوضعي (Positive law)، وهو التقسيم الذي ظل متوارثاً في أُوروبا.

  • القانون الإلهي (Divine low):

يذهب دعاة القانون الإلهي أو السماوي إلى أنّ الله (تعالى) هو خالق الطبيعة وخالق قوانينها المادية والاجتماعية، ومن هنا فالقانون الإلهي هو الذي يوافق الطبيعة، فيكون القانون الطبيعي هو القانون الإلهي الذي يمثل مشيئة الله، التي يوحي بها إلى عباده([44]). وتتمثل المصادر الأساسية لهذا القانون في كلام الله الذي يوحي به إلى أنبيائه وفي كلام الأنبياء وأوصيائهم وفي تفسيرات رجال الدين. وظل هذا التفسير للقانون هو السائد عند رجال الكنيسة وفلاسفتها، وهو تفسير لا يخفي تأثره بفكرة القانون الطبيعي أو العقلي التي أسس مبادئها فلاسفة اليونان والرومان، بالرغم من إعلان رجال الدين المسيحي رفضهم لكل قانون يستنبط عن طريق العقل، فقالوا ـ ومنهم القديس “أوغسطين” (354 ـ 430م) بأنّ ((المبادئ السامية والعادلة التي يجب أن تحكم علاقات الناس تصل إلينا عن طريق الوحي وليس عن طريق العقل))([45]). وبذلك يكون القانون الإلهي هو القاعدة التي تنظم العلاقات في إطار الأنظمة الثيوقراطية المسيحية.

ولكن الفيلسوف اللاهوتي “سانت توماس الأكويني” (1225ـ 1274م) جدّد في الفهم الموروث للكنيسة، وبلور منهجياً تقسيم القانون إلى إلهي وطبيعي ووضعي، ورسم حدود كلّاً منها، فعرّف القانون الإلهي بأنّه مشيئة الله (تعالى) يهدي إليها من يشاء من عباده عن طريق الوحي والشعور، وهو القانون الأزلي. أمّا القانون الطبيعي فهو غاية ما يستطيع العقل البشري إدراكه من أُصول القانون الإلهي. أمّا القانون الوضعي فهو ما يصنعه الإنسان من قواعد قانونية مستلهماً قواعد القانون الطبيعي([46]).

  • القانون الطبيعي (Natural rules):

كان زوال سيطرة الكنيسة والتصدع التدريجي للأنظمة الثيوقراطية سبباً في ظهور الحاجة لفلسفة القانون الطبيعي، بهدف تنظيم العلاقات فيما يمكن تسميته بالدولة الحديثة في أُوروبا، والتي بدأت بالنشوء في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ولا سيّما تنظيم العلاقة بين الفرد والدولة، عبر مبادئ (العقد الاجتماعي) التي نظّر لها فلاسفة القرن السابع عشر.

وبالرغم من اختلاف فلاسفة القانون الطبيعي وفقهائه على طرق الوصول إلى القانون أو الكشف عنه؛ فقال قسم منهم بالوحي الإلهي وآخرون بالعقل وقسم ثالث بالفطرة؛ إلّا أنّ الأغلبية منهم يذهبون إلى أنّه قانون عقلي، على اعتبار أنّ العقل الإنساني هو الذي يكشف عن القانون الطبيعي إذا ما تأمل في طبيعة الإنسان وعلاقاته بالوسط الذي يعيش فيه، وسيكون هذا القانون هو النظام الأمثل لحكم السلوك الإنساني في المجتمع. وغاية القانون الطبيعي العدالة، وتفترض هذه الغاية ثبات القيم التي يمثلها عبر المكان والزمان([47]).

  • القانون الوضعي (Positive law):

عملت التحولات السياسية والاجتماعية والفكرية في أُوروبا خلال القرن التاسع عشر الميلادي على إحياء لون جديد من القانون، هو القانون الوضعي، الذي تأثر ـ بشكل أساس ـ بالفلسفة الوضعية للفيلسوف “اغوست كونت” (1798ـ 1857 م)، وغيرها من المذاهب الفلسفية والقانونية. ويذهب “كونت” إلى أنّ العلم الحقيقي هو الذي يقوم على ملاحظة الظواهر وفقاً لزمانها ومكانها، وإخضاعها للتجارب، وأنّ المناهج الميتافيزيقية لا تحقق المعرفة عبر مناهج الاستقراء والتجربة، وبالتالي هي مناهج عقيمة([48]). وفي كلام “كونت” هنا تعارض مع مبادئ ثبات المُثُل والقيم التي يستند إليها القانون الطبيعي عبر الزمان والمكان، وهي المُثُل القبلية التي يؤمن بها العقل السليم دون تجربة أو استقراء.

ومن هنا؛ فالقانون الوضعي يعني أنّه مِن وضْع إرادة بشرية (صاحب السلطة)؛ دون مفاهيم قبلية مثالية أو ميتافيزيقية، بل يقوم على أساس التجربة العلمية المبنية على ملاحظة الواقع العملي، وهو القانون الكائن فعلاً كما هو، لا القانون كما يجب أن يكون([49])، وهو القانون الفعلي السائد في دولة معينة، أي: حصرية الزمان والمكان، والملزِم من الدولة لأتباعها، بغض النظر عن طبيعة قواعده ومصدرها([50])؛ أي: إنّها حصرية الإلزام بالقوانين الزمنية أيّاً كانت طبيعتها ومصدرها([51]).

تقسيمات القانون وفق الاختصاص

على مستوى الاختصاص؛ ينقسم القانون إلى عام وخاص، ولكل من القانون العام والخاص أقسامه الفرعية. ويعود هذا التقسيم ـ غالباً ـ إلى الفكر الروماني، ولكنه دخل الفكر القانوني الحديث في أُوروبا ـ ابتداءً ـ من القرن الثاني عشر الميلادي، وأخذ بالتبلور منهجياً خلال عصر النهضة الأُوروبية، وظهور الدولة بمفهومها الحديث، وهي الدولة الخاضعة للقانون في حركتها وعلاقاتها بالأفراد والجماعات، وعلاقاتها بالدول الأُخر، مما يستدعي الفصل بين نشاط الدولة ونشاط الأفراد ونشاط الجماعات، وفي حركة الدولة تجاه الخارج وحركتها تجاه الداخل. فأصبح قانون الدولة وسيادتها وسلطاتها وعلاقة أجهزتها ببعضها وعلاقاتها بالأفراد والجماعات، هو القانون العام، وبالتالي قانون المصلحة العامّة.

أمّا قانون الأفراد والجماعات في علاقاتهم التبادلية فهو القانون الخاص، أي أنّه قانون المصالح الخاصة([52]). ولا شك أنّ هذا التفريق ظل طوال القرنين الأخيرين خاضعاً للتعديل والتغير، فضلاً عن ظهور معايير مختلفة في الدول التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية وشمولية واشتراكية.

ويقسّم فقهاء القانون مصادر القانون أو المنابع التي ينهل منها إلى قسمين: المصادر المادية والمصادر الرسمية([53]). وتعبِّر المصادر المادية عن القيم التي تمثل الحقائق السائدة في المجتمع أو معطيات البيئة الاجتماعية. أمّا المصادر الرسمية أو الشكلية للقانون فهي الأدلة المباشرة التي تتضمن التعبير عن قواعده وأحكامه، كالتشريع والعرف وغيرها، وهي تستند إلى المصادر المادية في تشريعها للقانون. ويتمحور الانقسام الأبرز بين المدارس القانونية والفلسفية حول طبيعة المصادر المادية غالباً؛ وذلك بسبب اختلافها في طبيعة القيم العليا التي يستند إليها تشريع القانون([54]).

 

([1]) الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد، «النظرية العامة للقانون» (مصدر سابق)، ص129.

([2]) سلطان، د. أنور، «المبادئ القانونية العامة»، ص16.

([3]) عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص40.

([4]) اُنظر: مرقس، سليمان، «فلسفة القانون: دراسة مقارنة»، مكتبة صادر، بيروت، 1999، ص175.

([5]) عاليه، سمير (مصدر سابق)، ص42.

([6]) اُنظر: المصدر السابق، ص11.

([7]) اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص238.

([8]) وهو ما يذهب إليه الفقيه القانوني الإنجليزي جون أُوستن (1790 ـ 1859) صاحب المدرسة التحليلية.

([9]) في المذهب الوضعي. اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص227.

([10]) جعفر، د. علي محمد، «نشأة القوانين وتطورها»، المؤسسة الجامعية، بيروت، 2002، ص9.

([11]) للمزيد اُنظر: البدراوي، د. عبد المنعم، «المدخل للعلوم القانونية»، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1962، ص18.

([12]) اُنظر: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص120.

([13]) اُنظر: البدراوي، د. عبد المنعم (مصدر سابق)، ص19 ـ 20.

([14]) للمزيد اُنظر: فلامكي، د.فرح انكليز، «كليات حقوق أساسي» (مبادئ القانون الدستوري) دار قلم آشنا، طهران، 2002، ص31. وعاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص120. والغزال، د. إسماعيل، «القانون الدستوري والنظم السياسية» (مصدر سابق)، ص6. الجمال، د. مصطفى؛ وعبد الحميد (مصدر سابق)، ص144 ـ 145.

([15]) اُنظر: الغزال، د. إسماعيل (مصدر سابق)، ص6.

([16]) المصدر السابق.

([17]) اُنظر: فلامكي، د.فرح انكليز (مصدر سابق)، ص31.

([18]) مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص9.

([19]) اُنظر: المصدر السابق، ص10.

([20]) سنأتي على موضوع منشأ العدالة ومصدرها وانعكاساتها على الحقوق في المدارس الدينية والفلسفية والحقوقية، بمزيد من التفصيل في الفصل السادس.

([21]) دوّن “غروتيوس” آراءه القانونية التأسيسية في كتابه «قانون الحرب والسلم» الذي صدر في عام 1925 في ثلاثة أجزاء. اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص131 ـ 136.

([22]) اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص132.

([23]) اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص 131 ـ 132، والجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص134.

([24]) اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص133. والجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص134. وجعفر، د. علي محمد (مصدر سابق)، ص62.

([25]) دوّن “هوبز” أهم أفكاره القانونية في كتابه «لوياثان» (Loiathan)، ويعني (التنين)، الصادر عام 1651. ويقصد “هوبز” بالتنين: الدولة أو تنظيمها السياسي. اُنظر: دو فرجيه، موريس، «الأفكار السياسية الكبرى»، ترجمة: جورج سعد، الشبكة العربية للأبحاث، بيروت، 1992، ص 87. ومرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص137 ـ 140.

([26]) أهم كتبه التي عبّر فيها “سبينوزا” عن أفكاره السياسية والقانونية؛ كتاب: «اللاهوت والسياسة» الصادر عام1670.

([27]) من أهم كتبه في القانون «الفقه العالمي» عام 1660، و«القانون الطبيعي وقانون الشعوب» عام 1671.

([28]) حول هذه المذاهب القانونية والفلسفية، اُنظر: فريدمان، بينوا وغي هارشر، «فلسفة القانون»، ترجمة: د. محمد وطفة، المؤسسة الجامعية، 2002، ص137 ـ 139. مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص147 ـ 190.

([29]) اُنظر: كرم، د. يوسف، «تاريخ الفلسفة الحديثة»، ط5، دار المعارف، القاهرة، (د.ت)، ص195. وقد أورد “مونتسكيو” هذه النظرية في كتابه «آراء»، رقم 460.

([30]) يُعدُّ كتاب «روح القوانين» الذي أصدره “مونتسكيو” في العام 1748 من أشهر مؤلفاته التي جمع فيها أهم أفكاره القانونية، بل إنّه من أهم المؤلفات القانونية في القرن الثامن عشر الميلادي. ويسمي بعض خبراء القانون العرب مذهب “مونتسكيو” بالمذهب التاريخي أو مذهب التلقائية، ويرجعون أُصوله البدائية إلى المفكر المغاربي المسلم عبد الرحمن بن خلدون (1406م) في مقدمة تاريخه. اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص148.

([31]) اُنظر: د. سليمان مرقس (مصدر سابق)، ص180.

([32]) اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص134.

([33]) من أهم النقود المعاصرة التي وجهت لإسقاطات فلسفة “كانت” الأخلاقية على القانون، اُنظر: ديلفكيو، «فلسفة الأخلاق»، ص118، نقلاً عن: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص171 ـ 173.

([34]) كانت، أمانويل، «تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق»، ترجمة: د. عبد الغفار مكاوي، دار الجمل، كولونيا، 2002، ص61 ـ 81 وص317.

([35]) مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص191 ـ 193.

([36]) اُنظر للمزيد: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص144 ـ 145.

([37]) وردت معظم الآراء القانونية “لهيغل” في كتابه «أُصول فلسفة القانون»، ولا سيّما القسم الأول من الكتاب تحت عنوان: (القانون المجرد) أو (الحقوق المجردة)، ترجمة: د. إمام عبد الفتاح إمام، المكتبة الهيجيلية 5، دار التنوير، القاهرة، 1983.

([38]) حول هذه المذاهب القانونية والفلسفية الوضعية اُنظر: تروبير، ميشال، «فلسفة القانون»، ترجمة: جورج سعد، دار الأنوار، بيروت، 2004. مسل، د. أحمد، «مدخل إلى فلسفة القانون». داياس، «فلسفة القانون: أشهر المذاهب الفلسفية في القانون». مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص 207 ـ 277. محمد، فايز محمد حسين، «فلسفة القانون بين العلمانية والتشكيلية والغائية». الجمال، د. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص145 ـ 160؛ روسكو باوند، «المدخل إلى فلسفة القانون».

([39]) للمزيد اُنظر: فريدمان وهارشر (مصدر سابق)، ص97 ـ 99.

([40]) اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص170 ـ 173.

([41]) الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد ، ص164.

([42]) حلل الفقيه الفرنسي “جيني” فكرة القانون الطبيعي ذي الحدود المتغيرة؛ في كتابه «العلم والصياغة في القانون الخاص الوضعي»، ج3 ص127 وما بعدها، وج2 ص183 وما بعدها. اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص282 ـ 283.

([43]) دَوَّن “جيني” أهم أفكاره القانونية في كتابه «العلم والصياغة في القانون الخاص الوضعي». اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص165 ـ 169. ومرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص284 ـ 285.

([44]) الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص135.

([45]) جعفر، د. علي محمد (مصدر سابق)، ص60 ـ 61.

([46]) اُنظر: جعفر، د. علي محمد (مصدر سابق)، ص61. والجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص135.

([47]) اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص133 ـ 137. وجعفر، د. علي محمد، ص60 ـ 63.

([48]) اُنظر: كرم، د. يوسف (مصدر سابق)، ص316 وما بعدها. ود. لفكيو (مصدر سابق)، ص182 وما بعدها.

([49]) اُنظر: مرقس، د. سليمان (مصدر سابق)، ص202 ـ 203.

([50]) هذا يعني أنّ القانون الوضعي لا يقتصر على القوانين البشرية، بل كل أنواع القوانين التي تلزم بها الدولة أتباعها، بما في ذلك القوانين التي مصدرها ديني. اُنظر: البكري، د. عبد الباقي، «المدخل لدراسة القانون والشريعة»، جامعة بغداد، 1972، ص44 ـ 45.

([51]) اُنظر: عاليه، د. سمير (مصدر سابق)، ص41.

([52]) للمزيد اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص77 ـ 99.

([53]) باستثناء اتجاه شكلي بحت يحصر مصادر القانون في المصادر الرسمية فقط، ويقصرها على مصدر واحد هو التشريع، أي القانون الذي يعبر عن إرادة السلطة التشريعية في الدولة. وهناك اتجاه مخالف، هو الاتجاه الموضوعي الذي يرى في القانون مجرد انعكاس لمعطيات البيئة، ويحصر مصادر القانون على المادية فقط، ويقصرها على العرف مصدراً أساساً. اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص129.

([54]) انقسام فقهاء القانون وفلاسفته حول هذه النقطة أفرز ثلاث مدارس في القانون، هي: المثالية؛ والوضعية؛ والتعادلية كما أشرنا سابقاً. اُنظر: الجمال، د. مصطفى؛ ود. عبد الحميد (مصدر سابق)، ص129 وما بعدها.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment