مقدمة كتاب ثقافة عاشوراء

Last Updated: 2024/06/18By

مقدمة كتاب “ثقافة عاشوراء: بين سنن التاريخ وأصول العقيدة”

تأليف: علي المؤمن

ككل المنعطفات التاريخية الكبرى التي شهدتها مسيرة البشرية؛ منذ بدء الخليقة وحتى الآن؛ بقيت ثورة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(ع) إحدى أهم أحداث التاريخ الإسلامي؛ بل الإنساني عموماً. ولعل هذا الحدث يشكل ثاني أو ثالث حدث مصيري بعد وفاة الرسول الأعظم محمد(ص)؛ لأنه أدخل تحولاً شاملاً في حاضر الأمة ومستقبلها، وعلى أكثر من صعيد؛ ما جعلها رمزاً ومفهوماً ومدرسة متكاملة.

إن الثورة الحسينية لم تكن مجرد حدث سياسي عبّر عن نشاط معارض لجماعة سياسية ضد السلطة الحاكمة، أو حدث اجتماعي يمثل صراعاً بين أسرتين، أو معركة عسكرية بين فئة ثائرة وجيش الحكومة؛ وإنما هي قضية دخلت في صنعها مسارات متنوعة، وحملت أبعاداً متعددة، تدخل في أطر إنسانية وعقائدية وفقهية وفكرية وثقافية واجتماعية وتاريخية وسياسية. ومن هنا؛ فإن الكتب والدراسات التي تخصصت في موضوع ثورة الإمام الحسين(ع) أو تناولتها، عالج كل منها بعداً أو مساراً معيناً، أو عدداً من الأبعاد فيها.

والدراسة التي أضعها بين أيدي القراء؛ نظرت إلى موضوع الثورة الحسينية من زاويتين:

الأولى: زاوية السنن التاريخية، أو الإلهية بكلمة أدق، عبر تطبيقها على موضوع ثورة الحسين، واستخلاص البعد السنني فيها.

الثانية: زاوية العقيدة، وذلك من خلال مقارنتها مع نقيضها، من خلال التحليل الثقافي للحدث.

وجاء اعتماد الدراسة – في الزاوية الثانية – المنهج المقارن؛ انطلاقاً من مقدمة علمية أثبتتها الدراسة، تتلخص في كون طرفي الحدث (ثورة الحسين وسلطة يزيد) يمثلان مدرستين وثقافتين متضادتين في جذورهما ورموزهما وأفكارهما وايديولوجيتهما وامتداداتهما؛ الأمر الذي يجعلهما في صراع دائم؛ لا يحده زمان أو مكان.

واختيار الدراسة لمفردة «الثقافة» في عنوانها، وسياقاتها عند الحديث عن عاشوراء وكربلاء؛ يأتي من خلال التعريف الإنثروبولوجي الشامل للثقافة من جهة، وكون الحدث العاشورائي قد تحول إلى ثقافة متكاملة، تمثل أحد أبرز مكونات الثقافة الإسلامية الأصيلة؛ حتى وإن لم تتم الإشارة إلى الحدث العاشورائي بالاسم عند الحديث عن هذه المكونات؛ لأنه حاضر في عمقها من جهة أخرى. ونعني بالثقافة هنا؛ مفهومها الشائع؛ باعتبارها مجموع الأفكار والسلوكيات والأساليب التي تحدد نمط حياة المجتمع.

لقد قسمنا الدراسة إلى ثلاث فقرات أو فصول؛ عالج الفصل الأول منها موضوع التفسير العاشورائي للتاريخ ومعادلاته وثوابته وقواعده؛ باعتباره أحد أبرز تجسيدات التفسير الإسلامي للتاريخ. أما الفصل الثاني؛ فقد عقد مقارنة تحليلية بين جذور الثقافتين الحسينية واليزيدية، وعمقهما التاريخي، ورمزي الثقافتين: يزيد بن معاوية بن أبي سفيان والحسين بن علي بن أبي طالب. وحصر الفصل الثالث أبرز خصائص الثقافتين، ودرس ثلاثة منها: العلاقة بالله تعالى، الأهداف والشرعية الدينية.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment