مقدمة كتاب الفقه والسياسة

Last Updated: 2024/06/18By

مقدمة كتاب: الفقه والسياسة

تأليف: علي المؤمن

    يقف الفقه السياسي على قمة هرم فقه الدولة الإسلامية؛ لارتباطه بأهم حقائق الإسلام ومضامينه. ويتلخص مضمون الفقه السياسي الإسلامي بحركة الولاية الشرعية التي تمثل إمامة المسلمين ومرجعيتهم الدينية والسياسية، والتي تشكل امتداداً للولاية الإلهية المطلقة في جانبها التشريعي، والأداة المكلفة بتحقيق الخلافة الربانية للإنسان على الأرض.

وقد مرَّ الفقه السياسي الإسلامي بالعديد من المراحل، كان فيها التطبيق سبّاقاً، ثم ظهرت إرهاصات التدوين الأولى بعد فترة غير قصيرة، وانتهت جهود الفقهاء خلال أكثر من اثني عشر قرناً إلى ظهور النظريات الحديثة.

ويأتي هذا البحث في وقت تتزايد فيه وجهات النظر والرؤى حول الفكر السياسي الإسلامي، وما تمثّله من خلفيات عقائدية وأيديولوجية ومنهجية، تبدأ في أقصى اليمين وتنتهي بأقصى اليسار، منها الأصيل والهجين والدخيل، رغم أن معظمها يزعم الانتماء للمرجعية الفكرية الإسلامية.

وقد حاول البحث أن يركّز على المفاصل الرئيسة لمسيرة الفقه الإسلامي، بمدرستيه: السنية والشيعية، مع التأكيد على مدرسة الإمامة؛ لاعتبارات موضوعية، أهمها التطور الكبير الذي شهدته هذه المدرسة في فقهها السياسي خلال العقدين الأخيرين، وكونها تمرّ بتجربة التطبيق حالياً.

يتألف البحث من ثلاثة فصول، حمل الأول منها عنوان «التأسيس للفقه السياسي الإسلامي»، وتمَّت فيه دراسة العلاقة في المصطلح والمضمون بين الشريعة والفقه والقانون من وجهة نظر الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، وموقع الفقه السياسي في التقسيمات التقليدية والحديثة للفقه الإسلامي وأبوابه، كما تناول هذا الفصل الإرهاصات الأولى للتأسيس للفقه السياسي الإسلامي، وصولاً إلى مرحلة التدوين الذي تميّزت فيه مدرسة الخلافة (السنية) ومدرسة الإمامة (الشيعية) في القرن العاشر الهجري.

ودرس الفصل الثاني التحوّل الذي شهده الفقه السياسي الإسلامي ابتداءً من القرن العاشر الهجري، ومحطات هذا التحول حتى القرن الرابع، وما تخلل ذلك من تبلور لرؤى ونظريات للفلاسفة والمفكرين والفقهاء المسلمين ودور الدول المسلمة المتعاقبة في دعم بعض الاتجاهات، وأهم المضامين التي حملتها مدوّنات هذه الفترة التي وضعها المتقدمون. وتنتهي هذه المرحلة بأطروحة الإمام الخميني في «الحكومة الإسلامية»، والتي كانت المنعطف الأهم في مسار الفقه السياسي الإسلامي، وأسدلت الستار على تلك المرحلة.

واختص الفصل الثالث بدراسة اتجاهات الفقه السياسي الإسلامي الحديث، أي تلك التي برزت مع تأسيس النظام السياسي الإسلامي الحديث وما بعده.

ومع تدوين فقه هذا النظام، تبلورت ثلاثة اتجاهات:

الأول: نظرية الشورى.

الثاني: نظرية ولاية الفقيه.

الثالث: نظرية ولاية الفقيه والشورى. وأخضع الفصل النظريتين الثانية والثالثة للبحث المقارب في الجانبين النظري والعملي، وإمكانية أن تكون النظرية الثالثة مساحة تلتقي عندها مدرسة الخلافة ومدرسة الإمامة.

ولا يفوت الباحث أن يشكر جميع الزملاء والأساتذة الذين اطـلعوا على البحث أو خطته، وقدّموا الملاحظات حوله، ولا سيما أستاذي الدكتور محمد علي الشهرستاني رئيس الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية؛ ليخرج البحث بشكله ومضمونه الذي أضعه بين أيدي القراء الكرام. ومن الله التوفيق.

علي المؤمن

بيروت، 2001

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment