كلمة الدكتور علي المؤمن في تظاهرات جمعة التصدي للطائفية

Last Updated: 2024/06/21By

كلمة الدكتور علي المؤمن في تظاهرات جمعة التصدي للطائفية

النجف الأشرف، 2013 م

  • النجف، وكالات

بحضور أكثر من عشرة آلاف شخص، ألقى الدكتور علي المؤمن كلمة في التظاهرات الجماهيرية التي انطلقت في النجف الأشرف للتصدي للفتنة الطائفية التي أثارتها بعض الجماعات في محافظات غرب العراق:

((تجتمعون اليوم متراصين، بكل شرائحكم وفئاتكم؛ لتطلقوا صرختكم التحذيرية بوجه كل طائفي يريد تفتيت الوطن وتمزيق المجتمع واعادة آلة الذبح لتحتز رقابكم من جديد. تجتمعون اليوم بهدف التصدى للطائفية وردع الطائفيين. ومن غيركم يردع؟ فعلى أبوابكم اندحر الغزاة الوهابيون والعثمانيون والانجليز. وبثوراتكم وانتفاضاتكم الدائمة قوضتم مؤامرات الطائفيين والشوفينيين والبعثيين، حتى قال صنمهم ميشيل عفلق بعد انتفاضة النجف الصفرية عام 1977: هل من الضروري وجود النجف على الخارطة؟!

هذه التظاهرة الكبرى والاعتصام المفتوح الذي سيعقبها؛ انما يمثلان صرخة النجف؛ وليست اية مدينة اخرى؛ مع بالغ الاحترام لكل مدن العراق؛ بل لأن النجف هي العاصمة الدينية لشيعة العالم، ومركز القرار الديني في العراق، ومركز الحوزة العلمية الشيعية العالمية.

ما الضير في ان يدافع اتباع اهل البيت عن انفسهم ويوضحون مواقفهم المصيرية ويطلقون صرخاتهم ويتمسكون بخيارهم المذهبي والاجتماعي. وهذا هو الرد الجماهيري على من يخلقون الفتنة الطائفية ويؤججونها؛ ولاسيما المندسين في تظاهرات محافظة الانبار؛ والذين لم يترددوا في شتم الشيعة بأبشع الكلمات، وشتم رموزهم الدينية والسياسية، وتخوينهم، وتهديدهم، ورفع أعلام البعث واناشيده (احنه مشينا للحرب) و(ياكاع ترابج كافوري)، وصور العثماني اردوغان، وصور الاموي صدام، وهددوا بقطع مياه الفرات عن وسط العراق وجنوبه، واستعانوا بأموال وإعلام وتوجيهات الأنظمة العدوة للعراق وشعبه؛ كتركيا وقطر والسعودية واسرائيل.

ايها الاخوة والأخوات.. نتحسس اليوم دقة الموقف العصيب الذي نعيشه؛ الامر الي يستوجب الحديث في العمق؛ فلانريد ان نتحدث كلاما عاما وفضفاضا أو حديثا ديبلوماسيا؛ لأن نداءات التهدئة والمصالحات السطحية وصمت المصالح السياسية وتبويس اللحى؛ ليست علاجا. بل ان علاج الفتنة الطائفية التي نعيشها منذ عام 2003 لابد ان يكون من خلال تشخيص جذور الفتنة وأبعادها وعناصرها وعلاجها؛ والا فان الفتنة الطائفية سرطان يفتك في جسد الامة؛ ليقتلها.

منذ 1350 سنة عندما صادر ال امية حق اهل البيت في قيادة الامة، والعراق يعيش حربا طائفية على شيعة ال البيت؛ فالامر ليس ابن اليوم وليس صناعة جديدة. فالشيعة يتعرضون الى غزو طائفي منذ عام 2003 وقبل هذا التاريخ كان صدام حسين متكفلا بمهمة ذبح الرقبة الشيعية واصواتهم بجهده ورجاله وباموال السعودية وبعض الدول الطائفية وبمخططات الغرب.  ولكن بعد سقوط صدام وتنفس العراق عبق الحرية؛ اصبح الشيعة يتعرضون لغزو متعدد الأطراف.

وإذا كان بعض الطائفيين؛ يستغل خلافه مع بعض الكتل السياسية؛ ليكيل الشتائم للشيعة ويتهمهم بالعمالة والخيانة، فهو بذلك يجتر الموروث الأموي والعثماني والبعثي؛ الذي ظل حاكما على ثقافة الدولة العراقية منذ 1350 وحتى الآن؛ إذ لاتزال المفاصل الأساسية للدولة العراقية هي طائفية سنية بامتياز؛ وامتلك مئات الشواهد والادلة على ذلك. فالذي تغير بعد عام 2003 هو مشاركة الشيعة في السلطة مشاركة تنسجم الى حد ما مع حجمهم السكاني، وحصولهم على جزء مهم من حقوقهم، وليس كامل حقوقهم. وهو مايعتبر جريمة نكراء لاتغتفر في الموروث الثقافي الطائفي للدولة العراقية. وهذا هو السبب الرئيس لمعظم مايحدث من تظاهرات واعتراضات وأعمال عنف يقوم بها الطيف الديني والسياسي المسيطر على واقع السنة العراقيين.

ومن ذلك ما يحدث هذه الايام في الانبار؛ حيث يتعرض أهلنا في الانبار الى اضطهاد وظلم خفيين من قبل الزعماء السياسيين السنة؛ الذين يفتعلون الازمات السياسية ويشعلون الحرائق؛ ليجعلوا جمهور السنة وقودا لها؛ لتحقيق مصالحهم الشخصية والسياسية في كسب المزيد من الثروة والسلطة؛ في وقت يعاني كثير من اهلنا في المنطقة الغربية من الفقر والفاقة وسوء الخدمات. وكل ذلك سببه الزعماء السنة الذين استغفلوا هناك ونصبوا انفسهم مدافعين عن جمهور السنة؛ ولو أنفق كل زعيم سني نصف ما يملك من ثروته على إعمار المنطقة ومساعدة الفقراء وتحسين الخدمات؛ لتحولت الانبار وصلاح الدين والموصل الى جنان أرضية وربيع دائم. بل لو استثمرت مجالس المحافظات السنية والمؤسسات الحكومية التي تقودها الاحزاب السنية مايخصص لها من ميزانيات؛ على الاعمار والخدمات وتشغيل العاطلين والرفاه الاجتماعي؛ لغيرت احوال هذه المحافظات تغييرا جذريا، فمثلا بدل ان يتظاهر اهلنا في الموصل بدفع من الأحزاب الطائفية ضد الحكومة المركزية وشخص رئيس الوزراء؛ لماذا لايتظاهرون ضد محافظهم الذي أعاد 70% من ميزانية المحافظة الى خزينة الدولة؛ بدل ان ينفقها في أبوابها الاستثمارية والعمرانية والخدمية والاجتماعية؛ وكأن الامر مقصود بأن يبقى أهلنا السنة يدفعون ضريبة ألاعيب بعض الزعماء السنة؛ ولتتجه الشتائم والاحقاد صوب الشيعة ورموزهم الوطنية.

في تظاهرة جمعة التصدي للطائفية، نؤكد مرة اخرى على التقارب والوحدة بين السنة والشيعة؛ فهي ليست موجهة ضد أهلنا المتظاهرين السنة في الانبار، بل انها تتضامن مع ما هو مشروع وقانوني في مطاليبهم، وتدعوهم لتطهير صفوفهم من العملاء العثمانيين والوهابيين والبعثيين، وستكشف لهم بالادلة مايثبت أن معظمهم ضحية تآمر بعض زعمائهم عليهم؛ خدمة لمصالح شخصية ومادية وسياسية.

طيلة الاسبوع الماضي كنا على تواصل مع عدد كبير من زعماء محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل ومنهم قادة الصحوات وشيوخ عشائر ومثقفين؛ وكانوا يرفضون ممارسات قادة الفتنة الطائفية وعناصرها في تظاهرات الانبار، وطلبوا ان نبلغكم تحياتهم واكدوا مشاركتهم في اعتصامنا خلال هذه الايام ضمن وفود كبيرة.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment