علي المؤمن التعديل القانوني أنصف المرأة الأرملة

Last Updated: 2024/06/22By

علي المؤمن: التعديل القانوني أنصف المرأة الأرملة

حاوره: فتحي محمود

مجلة الأهرام العربي (القاهرية)، 2005 م

على الرغم من تأكيد المرجعيات الدينية الشيعية في لبنان بأن القانون الجديد لم يتطاول أو يقترب من ثوابت الدين وأنه لم يتعارض مع نصوص صريحة بالقرآن الكريم، إلا أن القرار الجديد أثار حفيظة العديد من علماء الحوزة العلمية الشريفة بمدينة «قم» الإيرانية.

وإذا كانت الجمعيات النسائية الإيرانية قد رحبت بالقرار الجديد واعتبرته بمثابة انتصار جديد للمرأة الإيرانية في معركتها من أجل المساواة بالرجل إلا أن القرار بانتظار موافقة لجنة صيانة الدستور التي تتألف من ستة من كبار علماء الحوزة العلمية ومثلهم من كبار رجال القانون في إيران.

التكهنات الآن تصب في خانة رجال الدين الذين يعتقدون بتعارض القانون الجديد مع الثوابت الفقهية، وخشيتهم من أن يكون بداية نحو مزيد من التعديلات على القوانين المدنية الثانية ذات العلاقة بالمرأة والأسرة، ولكن جمعيات المرأة والإصلاحيين يراهنون على فقه الاجتهاد وتغير الظروف والزمان والمكان مؤكدين أن الفقه الشيعي بشكل عام لا يساوي بين الرجل والمرأة، وأن الاختلاف بين السنة والشيعة في موضوع الميراث محدود للغاية.

يشرح لنا علي المؤمن الباحث في القانون الدستوري الإيراني القصة الكاملة للتعديل الذي وافق عليه البرلمان الإيراني، وأثار لغطاً كثيراً، فيقول:

((إن التعديل القانوني الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي الإيراني «البرلمان» بشأن إرث الأرملة في زوجها المتوفى يحظى بأهمية خاصة، بالنظر لتعرضه لموضوع فقهي يكاد يكون محل إجماع بين الفقهاء، فإن بعض وسائل الإعلام العربية العالمية تعاملت مع القضية بأساليب بعيدة عن لغة الفقه والقانون، وأخضعته لمعادلات السياسة والإثارة الدعائية، وأود هنا أن أوضح السياقات الفقهية والقانونية للموضوع، على أساس النصوص الأصلية، دفعاً لأي إشكال قد يثأر في الأوساط العلمية الدينية.

فالتعديل المذكور أجرى على المواد 946 و948 و949 في القانون المدني لعام 1928 وعام 1935 وعلى النحو التالي:

ـ المادة 949 جعلت الزوجين يرثان بعضهما في كل التركة.

ـ المادة 947، تم حذفها أيضاً.

ـ المادة 949، أصبحت في حالة عدم وجود ورثة آخرين «أولاد وأقارب» غير الزوجة، فإن أياً منهما يرث كل تركة الآخر المتوفى.

علماً بأن المواد المذكورة «قبل التعديل» كانت تنص على:

1 ـ المادة 949 يرث الزوج كل تركة الزوجة المتوفاة في حين يقتصر إرث الزوجة على الأموال المنقولة.

2 ـ المادة 947 ترث الزوجة في زوجها المتوفى قيمة الأبنية والأراضي «الأموال غير المنقولة» ولا ترثها نفسها.

3 ـ المادة 948، إذا امتنع الورثة الآخرين عن إعطاء أرملة المتوفى حقها في قيمة الأبنية والأراضي أو الأموال غير المنقولة، فإن من حق الزوجة استيفاء حقها من أصل الأبنية والأراضي.

4 ـ المادة 949 في حالة عدم وجود ورثة آخرين عدا الزوج أو الزوجة، فإن الزوج يرث جميع تركة زوجته المتوفاة، في حين ترث الزوجة نصيبها فقط «موضوع المادة 946» وما تبقى من تركة الزوج المتوفى تكون بحكم أموال من لا وارث له وتخضع لمفاد المادة 866.

والتي تنص على ذهاب أموال من لا وارث له إلى بيت المال «خزينة الدولة».

وهذا يعني أن التعديل الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي محدود جداً، ولا يشمل قوانين الإرث بأكملها، ولا نصيب كل من الذكر والأنثى، ولا جميع القوانين المرتبطة بالميراث بين الزوج والزوجة بل ينحصر التعديل في حالة وهي كون الزوج المتوفى ليس له أولاد ولا ورثة آخرين، في هذه الحالة ترث الزوجة كل تركته بما في ذلك الأموال غير المنقولة، بينما كان القانون في الأصل يعطي الزوجة حق الحصول على الأموال المنقولة ونصيبها من قيمة الأموال غير المنقولة وتذهب هذه الأموال إلى خزينة الدولة.

وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة القضائية والحقوقية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، والتي طرحت لائحة قانون التعديل، بررت هذا التعديل بالاستدلال التالي:

يقول اللَّه تعالى في الآية 12 من سورة النساء بسم اللَّه الرحمن الرحيم: «ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كل لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها، أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لك مولد فلهن الثمن مما تركتم»… إن التأمل الدقيق في عبارات الآية المذكورة يدل على أن المرأة ترث جميع ممتلكات زوجها المتوفى، وإن وراثتها لكل ما ترك غير مقيدة بأي قيد أو شرد، كما أن وراثة الزوج زوجته ليس فيها قيد أو شرط.

وقد التزم القانون المدني الإيراني بخصوص سهم إرث الزوج بالنص القرآني، بينما أعلن فيما يتعلق بسهم إرث الزوج أن المرأة لا ترث في الأرض، ورأت اللجنة أن هذا الأمر ليس له أي مبرر عقلي وشرعي، ويشكل تمييزاً بين المرأة والرجل، وقد جرى نقاش مطول في البرلمان الإيراني حول قانون التعديل، وطالب ذووا الاختصاص في المجلس بعدم إقرار القانون، لأنه يتعارض مع المشهور من فتاوى الفقهاء، بينما اعتبر آخرون أن مثل هذه القوانين تدل على مرونة الفقه وقابليتها على الحركة واستيعاب متغيرات العصر. وهو ما أيدته كثير من الجمعيات النسائية الإيرانية، مستندة إلى متغيرات الواقع الذي وضع المرأة في مواقع العمل والنشاط الاقتصادي وإعالة الأسرة. وبالطبع انتقل هذا النقاش من المؤسسات السياسية والقانونية والاجتماعية إلى المؤسسات العلمية الدينية، ولا سيما الحوزة العلمية في قم، إذ صرح أحد فقهائها الكبار بأن هذا القانون يتعارض مع الفقه الإسلامي، لأن المرأة لا يمكنها أن ترث عين بيت الزوج المتوفى)).

ويضيف د. علي المؤمن: ((نخلص من ذلك إلى أن التعديل في القانون لا يشمل الحالات الأخرى، كحالة وراثة الزوجة ثمن تركة الزوج المتوفى في حال كان لهذا الزوج أولاد وورثة آخرون، وكذا حالة وراثة الزوجة ربع تركة الزوج المتوفى في حال لم يكن للزوج أولاد وله ورثة آخرون. ولا شك أن الكلمة الفصل في إقرار قانون التعديل نهائياً ستكون لمجلس صيانة الدستور، الذي هو بمثابة محكمة دستورية وفقهية تتكون من ستة من كبار الفقهاء وستة من كبار رجال القانون، والتكهنات في هذا المجال متضاربة، فهناك من يعتقد بأن المجلس سيصادق على القانون، لأنه لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وينسجم مع طبيعة استمرار حركة الاجتهاد في الاستجابة لتحديات الزمان والمكان، وإن تعارض مع المشهور في فتاوى الفقهاء بينما يعتقد آخرون بأن المجلس سيرفض القانون، لأنه يصطدم بثابت فقهي.

ولا شك أن مصادقة مجلس صيانة الدستور على القانون سيعد سابقة اجتهادية متميزة وسيفتح الباب أمام المزيد من التعديلات على القوانين المدنية الثابتة ذات العلاقة بالمرأة والأسرة)).

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment