زيارة محمد خاتمي للولايات المتحدة

Last Updated: 2024/06/22By

زيارة محمد خاتمي للولايات المتحدة: أسبابها وتوقيتها

مع علي المؤمن مدير المركز الإسلامي للدراسات المستقبلية

مقدم الحلقة: جمانة نمور

قناة الجزيرة، تاريخ الحلقة: 9/9/2006

جمانة نمور: أهلا بكم نتوقف في حلقة اليوم عند الزيارة التي يقوم بها الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي إلى الولايات المتحدة والتي أثارت العديد من التساؤلات بسبب حالة العداء المُعلنة بين بلاده والولايات المتحدة منذ فترة طويلة. نطرح في حلقتنا تساؤلين اثنين، ما هي الأسباب التي دفعت واشنطن وطهران للموافقة على هذه الزيارة رغم ما بينهما؟ وهل ستمثل الزيارة خطوة باتجاه عودة العلاقات بين البلدين بعد أكثر من ربع قرن على انقطاعها؟

بدعوة من مركز العدالة والمصالحة العالمية الأميركي واصل الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي إلى الولايات المتحدة في زيارة تستمر أسبوعين ويلقي خلالها عددا من المحاضرات في خمس مدن أميركية فضلا عن مشاركته في مؤتمر حول حوار الحضارات ترعاه الأمم المتحدة، زيارة خاتمي ووجهت بالكثير من التساؤل والاستغراب بسبب لهجة القطيعة في علاقات بلاده والولايات المتحدة ويبدو أن أي منهما ما كانت لتوافق عليها لولا حسابات معينة أرادت تحقيقها من هذه الزيارة.

[تقرير مسجل]

إيمان رمضان: لماذا أتى خاتمي إلى الولايات المتحدة قد يحتمل هذا السؤال أكثر من إجابة لعل أوضحها أن واشنطن وطهران تبحثان عن وسيلة للتواصل المباشر مع الاحتفاظ بماء الوجه بعد أكثر من ربع قرن كانت الوساطة المنهج الوحيد المتبع في السياسة الأميركية إزاء إيران رسائل بدأت إيران تمررها من خلال رئيسها السابق لعلها تفيد في الخروج من الأزمة الأميركية الإيرانية، رسائل لاقت استجابة أميركية وإن كانت حذرة لما حمله الضيف الإيراني في حقيبته هنا في الكاتدرائية الوطنية وبعد التأكيد على حق بلاده في إنتاج تكنولوجيا نووية يفتح خاتمي الباب لتفاهم محتمل فيتحدث عن إمكانية تعليق تخصيب اليورانيوم دون شروط أميركية مسبقة وعن الحوار السياسي وضرورة التخلي عن لهجة التهديد المتبادلة بين الجانبين هذا لم يكن كل ما حمله خاتمي من مفاجآت فها هو يقر بالمحرقة وإن تحفظ على ما وصفها بالمبالغات التي تشوب التناول الغربي للأمر غير أنه يعود ليؤكد أنها لا يجب أن تتخذ ذريعة لحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه كما يدين المتسببين في أزمة رهائن السفارة الأميركية في طهران عام 1997 والتي سطرت نقطة النهاية أو هكذا يبدو في العلاقات الإيرانية الأميركية بعد قيام الثورة الإسلامية في العام ذاته وبينما تستعيد نيويورك وواشنطن ذكريات مؤلمة يجدد خاتمي إدانته الكاملة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر وينفي علاقة الإسلام بالعمليات الانتحارية. وبالرغم من حرص الإدارة الأميركية على أن تبعد عن نفسها شبهة توجيه الدعوة رسميا لخاتمي لزيارة واشنطن لم يكن رد الفعل الأميركي أقل حماسة من لهجة خاتمي لدرجة جعلت الرئيس الأميركي يفصح وللأول مرة عن فضول لمعرفة المزيد عن الحكومة الإيرانية كما صرَّح بوش لصحيفة وول ستريت جورنال أنه هو شخصيا الذي منح خاتمي تأشيرة الدخول للولايات المتحدة وأكد في لهجة لم تقل اعتدالا عن لهجة خاتمي أن السبيل إلى دبلوماسية حقيقية هو الاستماع لخطاب مختلف عن خطاب أحمدي نجاد هذا إلى جانب قيام الخارجية الأميركية بتوفير حراسة خاصة للرئيس الإيراني السابق ويبقى السؤال هل يمكن وصف هذه الزيارة بأنها محاولة لإنهاء أزمة الثقة بين طهران وواشنطن أم أن الأمر يحكمه تشابك العلاقات والمصالح الإيرانية مع قوة عظمى؟ وفي المقابل هناك أسئلة تثير أخرى عن سر التغير الملحوظ في الموقفين الأميركي والإيراني ولما لا فإيران تملك نفوذا قويا في العراق وفي لبنان أيضا والولايات المتحدة دولة تتحكم في ملفات سياسية واقتصادية لا يستهان بها.

    جمانة نمور: معنا في هذه الحلقة الدكتور علي المؤمن مدير المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، أهلا بكم. البعض داخل أميركا رأى في الزيارة فرصة لإجراء حوار قد يساهم في عزلة النظام الحاكم في طهران بحسب تعبيرهم، ما رأيك بذلك دكتور علي المؤمن؟

    علي المؤمن: بسم الله الرحمن الرحيم حقيقة قبل أن أجيب على السؤال لابد من فهم شخصية السيد خاتمي يعني عندما نريد أن ندرس طبيعة زيارة السيد خاتمي إلى واشنطن لابد أن نتعرف على شخصية السيد خاتمي، أولاً السيد خاتمي قبل أن يكون رئيساً للجمهورية أو رئيس دولة أو سياسياً؛ فهو مثقف ومفكر وعالم دين، إضافة إلى ذلك فهو صاحب مشروع الحوار بين الحضارات هذا المشروع اللي حاولت أميركا جاهدة إسقاطه وإفشاله، أنا أعتقد أن السيد محمد خاتمي والنظام الإسلامي في إيران يحملان أجندة واحدة، أجندة السيد خاتمي وأجندة النظام الإيراني هي أجندة واحدة، ولكن هناك اختلاف في الأساليب، هناك اختلاف في الأطروحات، هناك اختلاف في الخطاب.

    جمانة نمور [مقاطعةً]: الأساليب أم في توزيع الأدوار يعني هل يمكن أن يُنظر إلى هذه الزيارة إذا كانت السياسة واحدة على أنها توزيع أدوار هناك من يضغط ويُصعِّد وهناك من جهة ثانية من يدعو إلى الحوار.

    علي المؤمن: لا شك عندي في أن أجندة السيد خاتمي وأجندة السيد أحمدي نجاد هي أجندة واحدة، ولكن هناك اختلاف في الخطاب وهناك اختلاف في الأساليب، السيد محمد خاتمي في جانب الأساليب لا يعمل بوحي من النظام ولا يعمل بوحي من أطروحات النظام أو الحكومة الإيرانية. له أساليبه الخاصة له أساليب المفكر.. أساليب المثقف، في حين أن للسيد أحمدي نجاد أو الحكومة الإيرانية خطابهم وأساليبهم بالعمل، ولكن تبقى الأجندة واحدة أجندة الدفاع عن النظام الإسلامي في إيران، أجندة الدفاع عن حقوق الشعب الإيراني، أجندة الدفاع عن قضايا الشعب الإيراني وقضايا النظام الإيراني. وبالتالي؛ فأنا أعتقد أن زيارة السيد محمد خاتمي إلى الولايات المتحدة الأميركية هي زيارة عالم دين وزيارة مثقف. ومن خلال دخول السيد محمد خاتمي للموضوع السياسي من الباب الثقافي أو من الباب الفكري يحاول أن يوصل مجموعة من الرسائل إلى النخبة الأميركية وإلى المثقفين الأميركيين الذين قد يكون لهم نوع من الدالة أو الضغط على أصحاب القرار السياسي. ومن هنا؛ فأنا أعتقد أن السيد محمد خاتمي في هذه الزيارة يخاطب النخبة الثقافية قبل أن يوصل رسائل إلى الساسة والنخبة السياسية في أميركا.

وهو بذلك ينزع إلى تعزيز الموقف المحافظ في إيران والذي قال للإصلاحيين إنكم إذا كنتم منفتحين ومعتدلين سوف يهاجمونكم الأميركيون وإذا كنتم راديكاليين ومتصلبين سيهاجمكم أيضا.. لنكن ونحافظ على قيامنا ولنكن متصلبين أفضل من أن نكون معتدلين ونواجه نفس السياسة الامريكية، هذه السياسة أعتقد أنها بدأت الولايات المتحدة تشعر بأنها منيت بالفشل، ولذلك بدأت شيئا فشيئا بالتعديل، ولذلك أعتقد أن الرئيس جورج بوش عندما يتحدث عن أصوات تختلف عن صوت الرئيس أحمدي نجاد، يريد بذلك الإشارة بأن لا زال أمام إيران فرص ولا زالت هناك في الساحة الإيرانية أصواتا تعبر عن حركة إصلاحية تريد التعايش السلمي مع الغرب، تريد التعايش السلمي مع الأسرة الدولية، تريد القضايا أن تُحل، تريد النزاع العربي الإسرائيلي أن يحل على أسس دولية وقرارات دولية وشرعية دولية. هذه الأصوات عندما يمثلها الرئيس محمد خاتمي؛ أعتقد أنه سوف يؤدي في المستقبل إلى تصحيح بعض الأخطاء التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية من جهة، ومن جهة أخرى يمكن أن تكون هناك رسالة موجهة من قِبل إيران بأن مرحلة الرئيس أحمدي نجاد ستكون مرحلة عابرة، وإن إيران مستعدة لتقديم صورة أكثر اعتدالا تجاه الأسرة الدولية في هذه المرحلة والمرحلة المقبلة.

    جمانة نمور: دكتور علي المؤمن هل لديك رأيا آخر في الموضوع؟

    علي المؤمن: في الحقيقة زميلي ينطلق من تفاصيل الوضع الداخلي الإيراني في تقييم حركة السيد محمد خاتمي، وأنا أعتقد أن التحرك الخارجي للسيد محمد خاتمي ليس له علاقة بتفاصيل الوضع الداخلي الإيراني، أنا أعتقد أن قضايا النظام الإيراني فيما يرتبط بالسياسة الخارجية والعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية وحق إيران في امتلاك برنامج نووي إيراني سلمي، هذه القضايا قضايا مشتركة، يؤمن بها الإصلاحيون ويؤمن بها المحافظون والأصوليون بنفس المستوى، وأكرر أن الاختلاف في طهران حول الدفاع عن هذه القضايا هو اختلاف في الأساليب. في الواقع الحركة الإصلاحية في إيران ليس لديها مشروع موحد فيما يرتبط بالسياسة الخارجية. تكتل السيد محمد خاتمي الذي هو مجمع روحانيون هو أقرب إلى التيار الأصولي والتيار المحافظ فيما يرتبط بالسياسة الخارجية وفيما يرتبط بالعلاقة بالولايات المتحدة الأميركية، وتبني قضايا لبنان وفلسطين وقضايا المنطقة، على العكس من بعض التيارات الليبرالية والتيارات القومية والوطنية الموجودة في الحركة الإصلاحية. ومن هنا فالسيد محمد خاتمي لا يمثل هذه التيارات بل يمثل التيار القريب من التيار الأصولي. على كل حال أعتقد أن التحديات التي تواجه الجمهورية الإسلامية على مختلف الصُعد هذه التحديات متبناة من قبل السيد محمد خاتمي في زيارته للولايات المتحدة الأميركية. حتى خطاب السيد محمد خاتمي في مجلس العلاقات الأميركية اليوم أشار إلى مجمل هذه القضايا وكأنه يتحدث بلغة واحدة نفس لغة الشارع الإيراني لغة المطالب الإيرانية لغة النظام الإيراني، ولكن كما ذكرت بأساليب مختلفة أساليب عالم الدين أو المفكر أو صاحب مشروع حوار الحضارات.

    جمانة نمور: هذا التقارب في الموقف هو الذي كان وراء هذه التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها ليس فقط زيارته إلى الولايات المتحدة ولكن زياراته الأخيرة إلى مناطق عديدة في آسيا وأوروبا أيضا؟

    علي المؤمن: نعم الحقيقة السيد محمد خاتمي اصبح شخصية دولية، شخصية لها بعد دولي كبير جدا.. السيد محمد خاتمي أصبح مفكرا عالميا.. مشروع حوار الحضارات مشروع عالمي، والأساليب التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية والإدارة الأميركية في محاولة إفشال مشروع حوار الحضارات، أيضا تدخل في هذا الإطار.. في إطار مواجهة مشروع السيد محمد خاتمي، هذا المشروع الذي أراد أن يطرح الصورة الحضارية والصورة الثقافية والصورة الفكرية لإيران، على العكس من بعض الأساليب أو من بعض ألوان الخطاب الإيراني التي ربما تستفز الآخرين أو ربما تستعدي الآخرين عليها. وأكرر.. السيد محمد خاتمي يدخل إلى الموضوع السياسي من الباب الثقافي، على العكس من ألوان الخطاب الإيراني الآخر التي تدخل مثلاً إلى الباب السياسي من الباب الأصولي أو من الباب الديني.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment