رهان التحكّم بالمستقبل

Last Updated: 2024/06/18By

رهان التحكّم بالمستقبل

(افتتاحية مجلة اتجاهات مستقبلية، العدد الأول، 1999م)

بقلم: علي المؤمن

رئيس التحرير

 

ظلّ المستقبل بالنسبة للبشرية هاجساً يرافقها في رحلة الحياة. منذ عصور بعيدة، لما ينطوي عليه من رهان مصيري على البقاء والاستمرار، وظلّ هذا الرهان يستبطن مشاعر متناقضة من الأمل والطموح والخوف والتشاؤم. ومن أجل مواجهة هذه المشاعر، عمد الإنسان إلى محاولة اكتشاف المستقبل بمناهج ابتكرها، بدءاً بالتأمّل والتنجيم وانتهاءً بالعرافة والتنبّؤ. وكانت الأديان السماوية الأولى تسعى لصرف أنظار الإنسان عن المناهج الخرافية في معرفة المستقبل، فوضعت له منهجاً يربط المستقبل بالغيب والرؤيا.

وجاء الإسلام.. الدين الخاتم ليفيض على البشرية بنعمة التكامل في النظرية والعمل، وليمنح الإنسان رؤية صادقة في استشراف المستقبل، ويدفعه نحوها، في إطار بناء المستقبل الإسلامي المشرق، الذي يحقّق للإنسان هدفه في الاستخلاف وإعمار الأرض وبناء الدنيا للآخرة والكدح لملاقاة الربّ الرحيم. إلاّ إنّ المسلمين في عصور التراجع انساقوا بعيداً عن هذا المنهج، وعاشوا حالة الانفعال والاستسلام الكامل، التي أدّت بهم إلى ألوان بشعة من التنكّر للحاضر والمستقبل.

أمّا النهضة الإنسانية الأخرى، فإنّها حولّت الحديث عن المستقبل إلى أنساق ومناهج علمية، نظرت إلى سنن التاريخ وفلسفة التقدّم ومعايير التطوّر العلمي نظرة إستراتيجية تهدف إلى اكتشاف المستقبل وتحديد خياراته وبدائله، وصولاً إلى التحّم به وبنائه وفقاً لتصوّرها الكوني الوضعي وغاياتها المادية في الحياة.

ومشروع «مركز دراسات المستقبل الإسلامي» يأتي في سياق محاولة تحوّيل النظرة الإسلامية المستقبلية باتّجاه المعرفة المنهجية والوسائل والأساليب العلمية، التي تضمن للمسلمين مستقبلهم بالشكل والمضمون اللذين أرادهما الله تعالى.

ويأتي إصدار هذه النشرة الشهرية (اتّجاهات مستقبليّة)، باكورة لنشاطات المركز الخاصّة، الهادفة إلى خلق وعي إسلامي علمي بالمستقبل، وتقديم خدمات معلوماتيّة وأرشيفية للباحثين وأصحاب الاهتمام، تعينهم على اكتشاف هذا الحقل وأهمّيته وتدعوهم باتّجاه دراسته وممارسة البحث فيه. ومن الله التوفيق.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment