تقديم كتاب محاكمة الجريمة

Last Updated: 2024/06/18By

تقديم كتاب “محاكمة الجريمة: مشروع تدوين لائحة اتهام صدام حسين”

إعداد: علي المؤمن

 

مفهوم الجريمة

يتفق علماء القانون على أن “الجريمة” تمثل فعلاً يحرّمه القانون، ويقرر له جزاءً جنائياً يُعرف بـ “العقوبة” ولذا تقترن الجريمة دائماً بالعقاب، فلا تمر دونه، ولا تثبت إلاّ باصدار حكم قانوني حيالها. والمراد هنا العقاب المادي (الدنيوي) المقصود، الذي تقرره القوانين الجزائية، بصرف النظر عن مناشئ هذه القوانين وأصولها. أما منشأ تحديد الفعل الذي يمثل جريمة، أو ما يمكن أن يطلق عليه جريمة، فقد اختلفت حوله المدارس الاجتماعية والقانونية والشرعية، وهو الاختلاف العائد الى الأسس والقواعد الفكرية والعقيدية والفلسفية لهذه المدارس، فمنهم من ربط بين الجريمة والقواعد الأخلاقية، أي انه يحدد ما يمكن أن يطلق عليه جريمة من خلال المعايير الأخلاقية التي تتفق عليها المجتمعات المدنية كافة. وآخرون ربطوا الجريمة بالقيم الأخلاقية، فالجريمة عندهم هي كل ما يتعارض مع القيم والأفكار التي يتبناها المجتمع وجدانياً. ومنهم من اعتبر الجريمة فعل يستقبحه العقل ويرفضه بمستوى معين، والشرع السماوي هنا يقرّ ما يستقبحه العقل. وهناك ايضاً من يترك للشريعة السماوية تحديد معنى الجريمة والفعل الذي يطلق عليه “جريمة”.

وبغض النظر عن اختلافات هذه المدارس في هذا المجال، إلاّ أن البشر المتمدنين كافة، بمختلف مشاربهم وعقائدهم، تعارفوا على مجموعة من الأفعال تمثل جرائم تستحق العقاب. وهذا التعارف على أنواع الجرائم ووجوب العقاب لا ينفي وجود خلاف على نوعية العقاب الذي تستحقه الجريمة بين مدرسة وأخرى.

 

إحصاءات قانونية بالاتهامات

تحدد اللائحة المزمع تدوينها الأفعال التي تعارف البشر على اعتبارها جرائم تستحق العقاب، والتي ارتكبها صدام حسين رئيس النظام العراقي، أو امتنع عن ردعها، أو أمر بها، أو شجّع عليها، أو أقرّها، منذ صباه وحتى الآن. وهي جرائم لا يمكن وضع فاصلة بينها؛ لأن صدام جريمة ممتدة ومستمرة، منذ أن شهر قضيب الحديد بوجه معلمه وهو في الحادية عشرين عمره، وانتهاءً بمشاركة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في تجويع الشعب العراقي وقتله وهو في الخامسة والستين من عمره.

ان صدام حسين هو البلاء الأكبر الذي حلّ بالعراق، منذ بروز ما عُرف بالدولة في العراق قبل آلاف السنين. وكان مقدّراً لبلد التشريعات القانونية الاولى والحضارات والمدنيات العريقة قبل الإسلام وبعده، وبلد المقدسات والخيرات، وبلد التعدديات القومية والمذهبية المتعايشة بسلام، أن يقع فريسة مخلوق عجيب، دمّر البلاد، وأهلك الشعب جوعاً وقتلاً واضطهاداً وتشريداً، حتى تحوَل العراق- بالتدريج- الى خربة تفتقر لوسائل العيش الطبيعي.

ولكن… هل ثمة جدوى من عمل احصاءات بمسلسل الجرائم الضخمة التي ارتكبها ويرتكبها صدام، وإثباتها قانونياً وتحديد عقوباتها؟. هذا السؤال قد يطرحه بعضهم؛ معللين ذلك بأن صدّاماً بات معروفاً للعالم مجرماً شرساً محترفاً؛ فما الجديد الذي يمكن طرحه في هذا المجال؟!.

الحقيقة ان صدام حسين معروف للعالم كمجرم حرب اعتدى على دول الجوار: إيران والكويت، وافتضح أمره في الأخيرة، ولكن قلّما يعرف الرأي العام بأن صدام حسين قام بقتل عشرات الآلاف من العراقيين، وتسبب في قتل مليوني عراقي وإيراني وكويتي، وتشريد وتهجير أربعة ملايين عراقي، وهدم مئات المناطق السكينة والقرى بكاملها على رؤوس ساكنيها، وحوّل العراق من شماله الى جنوبه الى معتقل كبير مرعب تُمارس فيه أصناف التعذيب وانتهاك الحقوق والأعراض، كما وسلب ممتلكات الناس ونهب أموالهم، وعمل على تمزيق المجتمع العراقي بالوسائل كافة، وأبرزها أنه قسّم غالبية سكان العراق الى نصفين؛ أحدهما يكتب التقارير الأمنية ضد الآخر، حتى انعدمت دلائل الثقة بين أبناء العائلة الواحدة والمجتمع الواحد. وحوّل العراق ايضاً الى بؤرة للفساد والفحشاء، وقضى على مقدّرات العراق وخيراته، وصفّى الخبرات والعلماء بمختلف الاختصاصات. وغير ذلك من الجرائم المهولة التي تحيّر كل ذي عقل.

إذن، الدافع الاول لهذا المشروع هو إبراز صدام على حقيقته كمجرم ذي عدوانية شاملة، لا يعرف قريباً أو جاراً أو صديقاً أو عدواً، مارس مختلف أنواع الجريمة، ولم يقتصر على نوع دون آخر كما قد يفهم العالم، وخاصة الجرائم الفريدة من نوعها التي ارتكبها ضد العراقيين. ثم تعريف العالم بكيف وكم هذه الجرائم، وإثباتها بالأدلة القانونية، إضافة الى تقديم ما يستحقه صدام من عقوبات، استناداً الى القواعد والقوانين الجزائية.

وفي الحقيقة ان جذور هذا الدافع هي- بالدرجة الاولى- إنسانية؛ لأن صدّاماً عدو الانسانية جمعاء، وان فضحه بالاساليب القانونية الاعلامية هو مطلب إنساني تقع مسؤولية القيام به على عاتق كل الذين ذاقوا مرارة جرائم صدام، أو توضّحت أولّتها لديهم ووقفوا عليها عن قرب، بصرف النظر عن الانتماء القومي أو الوطني أو الديني أو المذهبي.

ويدخل هذا المشروع في إطار مطلب محاكمة صدام، فهو مطلب عالمي، كما هو مطلب عراقي وعربي وإسلامي؛ لأن صداماً لم يكن يوماً مجرماً محلياً، بل انه مجرم عالمي، ناصب البشرية العداء، وفي المقدمة شعب العراق، ثم الشعبين الإيراني والكويتي، بل وشعوب أخرى ايضاً.

 

دوافع الجرائم

لا يؤمن صدام حسين بأية عقيدة أو مبدأ أو حزب أو قومية، سوى بنفسه فقط؛ الأمر الذي جعله يتعامل مع فئات الشعب العراقي تعاملاً عنصرياً شوفينياً وطائفياً وعشائرياً، فالأكراد السنّة الذين يشكلون 14% من سكان العراق، تعامل معهم بعنصرية شوفينية، ومع الأكراد الشيعة الذين يشكلون 4,5% من سكان العراق، تعامل تعاملاً عنصرياً وطائفياً، وكذا الأمر مع الإيرانيين الشيعة (المقيمين في العراق) الذين كانوا يشكلون 3% من عدد السكان، والتركمان الشيعة الذين يشكلون 0,5% من عدد السكان، كما تعامل مع التركمان السنّة بعنصرية شوفينية ايضاً وهم يشكلون نسبة 1% من السكان. وفوق ذلك فانه تعامل بطائفية مقيتة مع الشيعة العرب الذين يشكلون 56% من عدد السكان في العراق. هذا بالطبع بصرف النظر عن الدوافع الدينية والآيديولوجية والسياسية. فإذا أضيفت هذه الدوافع الى قواعده في التعامل مع فئات الشعب العراقي، فسنفهم ما يضمر صدام-ويعلنه من خلال ممارساته-تجاه الشعب العراقي من عدوانية فظيعة. إذ مارس صدام أبشع انواع العنصرية والطائفية السياسية ضد أكثر من 80% من سكان العراق ابتداء بالتمييز الاجتماعي وانتهاءً بالإبادة الجماعية. ورغم انه ينتسب- شكلياً- الى العرب السنّة الذين يشكلون 17% من سكان العراق(1)، إلاّ انه تعامل مع هؤلاء ايضاً في إطار معادلات سيئة، تتمثل بالعشائرية والاقليمية، فضلاً عن المعادلات الآيديولوجية والسياسية؛ إذ ضرب العرب السنّة في كركوك والموصل والرمادي وسامراء، كما لم تسلم عشائر تكريت-هي الاخرى- من حقده وعقده، حيث تعامل معها تعاملاً عشائرياً ايضاً. وعشيرته وعائلته خاضعة كذلك لأنواع عميقة من عقده، متمثلة في الشكوك أو الاتهام بالتهاون- أحياناً- في أداء الواجبات. وحينها نخرج بنتيجة واحدة تتمثل في أن صدام حسين يعادي جميع أبناء البشر، فضلاً عن أبناء الشعب العراقي.

من هذا المنطلق فإن صدام حسين يجسد الجريمة بالكامل.. مفهوماً ومصداقاً، ويرمز اليها، بل انه الجريمة بعينها، الجريمة الحيّة التي تُمسي على قدميها، فتروّع الأرض بوقع خطواتها. كما أن اسمه عندما يذكر… تقفز الى الذهن صورة الجريمة بأبشع ألوانها، وهو الاقتران الذي يمكن تسميته- حسب ما يصطلح عليه علماء المنطق- بـ”الدلالة الطبعية” أو “الدلالة الوضعية الالتزامية”.

 

امكانية استيفاء الاحصاءات لكل الجرائم

من العسير الآن- ان لم يكن متعذراً- القيام بإحصاء كامل لجرائم صدام، وتحديد مسؤوليته منها، وما يستحقه من عقوبات، بسبب عدم امكانية الوصول الى كثير من المصادر والملفات داخل أجهزة السلطة (وهي الملفات الأهم)، فضلاً عن الطواق الحديدي المفروض على العراق، والتكتّم الشديد والسرية الكاملة في هذا المجال، والذي يحول دون تسرّب أخبار الجرائم خارج حدود أماكنها. إضافة الى عدم خضوع صدام لأي نوع ن أنواع التحقيق الابتدائي يسبق اعداد الملف ولائحة الاتهام. من جانب آخر فإن تقديم إحصاء بالمعلومات المتوافرة مع أدلتها الثبوتية حول الجرائم، هو أمر متعذر أيضاً؛ لأن ذلك يحتاج الى امكانيات خاصة، وعدد كبير من المجلدات.

ومن هنا فإن لائحة الاتهامات ستكفي بعرض نماذج مهمة من انواع الجرائم التي ارتكبها صدام حسين، أي انها تثبّت معالم الجزء الطافي من جبل الجليد الغاطس، على أمل أن تتاح- مستقبلاً-الفرصة لفريق عمل مؤسساتي يمتلك الامكانات الكافية على جميع الصعد، وأبرزها امكانية الوصول الى بعض المصادر والملفات السرية في داخل مؤسسات النظام نفسها، فضلاً عن امكانية التفصيل والاستقصاء، ثم النشر بالعدد اللازم من المجلدات. فهذا العمل ايضاً ربما لا يمكنه استيعاب جميع ما ارتكبه صدام من فجائع مروعة، لأن الكثير منها ضاعت ملفاته وأدلته وآثاره مع موت الجلادين والضحايا فلم يبق أي شاهد سوى صدام نفسه، وربما نسي هو الكثير من الجرائم. بل وحتى لو أراد صدام الاعتراف، شفوياً أو تجريرياً، فهل ما تبقى من عمره يكفي لسرد وقائع جرائمه التي تعد بالآلاف؟! وهل هناك محاكم لديها الوقت والقابلية على التحمل؛ للاستماع لصدام حسين وهو يقف أمامها عدة سنوات يدلي باعترافاته.

قد يتصور بعضهم إن في هذا الكلام نوع من التهويل الإعلامي البعيد عن لغة القانون والعلم. ولكن هؤلاء سيتأكدون من خلال الاحصاءات الموثقة والمعززة بالأدلة الدامغة مقدار الموضوعية في هذا الكلام. بل اننا لو وضعنا- مثلاً- قائمة بأكبر المجرمين على مر التاريخ، منذ بدء الخليقة وحتى الآن، فلا شك في أن صداماً سيكون في مقدمتهم دون منافس. ولا شك ايضاً في أن صدام حسين سيتحول بعد (500) أو (1000) عام الى مجرم أسطوري، وستتحول جرائمه الى أساطير وحكايا تصلح لروايات الرعب، وفزّاعة يرتعش الأطفال من سماع اسمها.

وربما أن الملائكة حين قالوا للباري تعالى: “أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء”(2) كانوا يقصدون مجموعة من المجرمين الطغاة، على رأسهم صدام حسين؛ لكونه أبشع مصداق عرفته البشرية لمفهوم المفسد في الأرض وسفّاك الدماء، كما تقول الآية الكريمة. بل ان الذروة في الدموية والعنف لدى صدام، تجعل بعضهم يتصور أنه اشترك في كل الجرائم التي روّعت بني آدم عبر آلاف السنين، منذ الجريمة الاولى التي قتل فيها قابيل أخاه هابيل. فكان يشارك اليهود في قتل الأنبياء، وكان يهمس في أذن نمرود ليلقي ابراهيم(ع) في النار، ويجلس الى جانب الفرعون في عربته وهو يلاحق موسى(ع) وقومه، وكان يلوّح بالمشعل فرحاً بصلب عيسى(ع)، وكان مع أبي لهب وزوجته يحملون الحطب ليحرقوا الرسول(ص) وأصحابه، وكان مع الشمر بن ذي الجوشن يشير عليه بخز رأس الحسين بن علي(ع).

إن صدام حسين رجل خارج على كل شرائع السماء وقوانين الأرض، بل حتى على قانونه الذي يؤمن به ويضعه بنفسه… دون اعلان. وقانون صدام حسين ليس ككل القوانين؛ لأنه لا يخضع لضوابط وقواعد أصولية، بل يخضع لنفسية صدام المطبوعة بالشر المطلق، والمريضة بالسادية وجنون العظمة، والمليئة بعقد النقص والانتقام والشهوات المحرمة، كما يقول أطباؤه الخاصون(3). ورغم استفحال هذه الامراض والعقد النفسية لدى صدام، إلاّ أنه ليس مجنوناً بأي حال من الأحوال، فهو يمارس الجريمة وهو بكامل قواه العقلية، وبإرادة كاملة، ومع سبق الإصرار والترصد.

وبهذا الصدد تقول عنه شخصية كانت مقربة اليه: “إن صدام حسين ظاهرة خاصة، ونظام خاص، فهو ليس فاشياً لأن للفاشية شروطها، وليس عشائرياً لأن للعشائري التزاماته وشروطه. وعند التعريف بصدام لا ينبغي اخضاعه للمنهج المقارن، فحينها سنخفق في العثور على مماثل تأريخي حتى في أكثر العصور تخلفاً وإنحطاطاً، بل ان هذا المنهج سيؤدي الى نتائج تاريخية جديدة، إذ أن وجوهاً منبوذة ومجرمة في تاريخ الشعوب ستظهر- مقارنة- بصدام- مقبولة وطيبة ورحيمة. لكن صدام حسين يمكن ان يختزل، والطريق الى اختزاله يمرّ من طريقه اليومي بين قرية العوجة (مسقط رأسه) ومركز ناحية تكريت (التي تحوّلت الى مركز محافظة على عهده) وقد حمل قضيب الحديد، وهو صبي في الحادية عشرة من عمره، متوجهاً الى السنة الاولى من الدراسة الابتدائية، في الوقت الذي غادر أقرانه الى المرحلة الثانوية”(4).

وهكذا نجد أن نفسية صدام مرّت خلال طفولته وشبابه بمرحلة التكوين، ثم تبلورت بعد مرور بضع سنوات على انتسابه لحزب البعث العراقي. أما مرحلة ما بعد انقلاب 17 تموز فقد صقلتها بالكامل، حتى أخذت الافرازات السيئة للغاية تظهر على السطح، وتفرض نفسها على واقع العراق منذ عام 1968 وحتى الآن.

فصدام حسين كان مجرماً محترفاً قبل أن يكون حزبياً وسياسياً وعميلاً وحاكماً؛ أي أنه- باختصار- مجرم يمارس الحكم وليس حاكماً يمارس الجريمة.

أما كيف يتحمل صدام حسين، بصفته الشخصية وصفته الوظيفية، المسؤولية الجنائية المباشرة والاولى لجميع الجرائم التي ارتكبتها السلطة في العراق خلال حكم البعث الثاني، وخاصة فترة حكمه المطلق التي بدأت في عام 1979، سواء كان هو المرتكب للجريمة شخصياً، أو أحد وزرائه، أو قياديي الحزب، أو ضباط جيشه، أو مسؤولي أمنه ومخابراته، وحتى قواعد الحزب وعناصر الأمن، فذلك للأسس التالية:

  • ان صدام حسين يمارس دكتاتورية مطلقة ومركزية شديدة في الحكم، إذ يتدخل بكل صغيرة وكبيرة، فلا يستطيع أي فرد في النظام، مهما كان منصبه، ابتداء من نائب رئيس الجمهورية وحتى شرطي الأمن، القيام بأي عمل مهم دون موافقة صدام، أو إحراز موافقته المسبقة، من خلال الكتب والتعميمات والقرارات الرسمية والتعليمات العامة التي يصدرها باعتباره رئيساً للجمهورية، ورئيساً لمجلس قيادة الثورة، وأميناً عاماً قطرياً لحزب البعث، وأميناً عاماً مساعداً للقيادة القومية لحزب البعث، وقائداً عاماً للقوات المسلحة، ورئيساً للوزراء.
  • وفقاً للدستور العراقي فإن أحكام الإعدام لا تنفذ إلاّ بموافقة رئيس الجمهورية وتوقيعه. ويشتمل هذا الإجراء على كل جرائم الإعدام والاغتيال في الداخل والخارج والتعذيب المفضي للموت.
  • ان صدام حسين يقوم بنفسه بارتكاب جرائم القتل والتعذيب، والتي بدأها بقتل قريبه حين كان في العشرين من عمره، ثم محاولة قتل قائد انقلاب 14 تموز، وقتل رفيقه في المحاولة نفسها، وقتل بعض الشيوعيين وغيرهم وتعذيبهم في أعقاب انقلاب شباط 1963، وتعذيب أول رئيس وزراء بعد انقلاب 17تموز، والتسبب في موته، وتعذيب بعض العناصر القيادية لحزب البعث الحاكم في أعقاب اتهامهم بالعمالة لسوريا في حزيران 1979، والتسبب المباشر في موت بعضهم، كما قام صدام بنفسه بتعذيب السيد محمد باقر الصدر قائد التحرك الإسلامي في العراق وأحد كبار مراجع الدين، ثم إطلاق الرصاص عليه، وتعذيب شقيقته، وهي كاتبة ومفكرة إسلامية.

 

مصادر معلومات اللائحة

المصادر والمراجع التي يمكن اعتمادها في تدوين لائحة الاتهام، تنقسم الى صنفين:

1- المصادر والمراجع التي تسرد وقائع جرائم صدام ونظامه وتوثّقها بالأرقام، وهي على أربعة أقسام:

  • مصادر المعارضة العراقية: كتُبها، صحافتها، بياناتها، ومنشوراتها.
  • مصادر النظام نفسه: الوثائق التي عثر عليها، وبعض الشهادات التي أدلى بها موالون ومسؤولون في النظام.
  • المصادر المحايدة: التقارير والبيانات والقرارات التي تصدرها المنظمات العالمية.
  • مصادر الضحايا: إفادات وشهادات مكتوبة، يتم الحصول عليها من خلال إجراء المقابلات مع ضحايا صدام ونظامه الناجين من ناره.

2- المصادر والمراجع القانونية التي يتم الاستعانة بها لتحديد مسؤولية صدام تجاه الوقائع والأحداث والجرائم، وأهمها:

أ- القوانين والقرارات الرسمية العراقية، بما فيها الدستور المؤقت.

ب- قوانين الشريعة الإسلامية، وخاصة فقه المذهب الذي ينتسب اليه صدام شكلياً.

ت- القوانين والقرارات الدولية، التي أقرّتها المنظمات الدولية والاقليمية، كمنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، ومنظمات حقوق الانسان، ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وجامعة الدول العربية وغيرهما، فهذه القوانين والقرارات- بالإجمال- يقرّ بها صدام حسين، باعتباره عراقياً ومسلماً وحاكماً، فهي ملزمة له بالنتيجة؛ لأن الدولة العراقية التي يحكمها صدام حسين عضوة في هذه المنظمات.

وفي هذا المجال لا بدّ من اعتماد منهج علمي توثيقي في إعداد اللائحة، مع تضمينها بعض التحليلات القانونية والسياسية والاستراتيجية التي تدعم هذا المنهج، وترك الارقام هي التي تتكلم، بصورة موثقة واستدلالية، بحيث لا يستطيع أحد التغافل عنها مهما كانت مثيرة وغير قابلة للتصور والتصديق، أو كانت أقرب الى الخيال والاسطورة، إلا أنها الحقيقة عليى أية حال؛ الحقيقة التي تفرضها الأدلة الثبوتية. وما على الآخرين إلاّ أن يصمتوا أو يصابوا بالغثيان والكآبة، إن لم يرفعوا عقيرتهم بالصراخ عالياً.. إحتجاجاً على ما قام ويقوم به صدام حسين ونظامه في العراق ومع الدول الجارة.

 

 

هوامش

  • النسب مستقاة من كتاب سنوات الجمر، علي المؤمن، ص 413.
  • القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 30.
  • من إفادة الدكتور “آشور فرهاد” أحد أطباء صدام حسين، والذي هرب من العراق عام 1985.
  • حسن العلوي، دولة المنظمة السرية، ص 74.

 

 

 

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment