تجربة التقنين الدستوري للفقه في الجمهورية الإسلامية الإيرانية

Last Updated: 2024/06/08By

  تجربة التقنين الدستوري للفقه في الجمهورية الإسلامية الإيرانية

د. علي المؤمن

نشأة دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية

تختلف أساليب نشأة الدساتير باختلاف الظروف والأوضاع المحيطة بهذه النشأة؛ ذلك أنّ كل دستور يعتبر وليد الظروف الموضوعية التي أحاطت به؛ سواء بالنسبة لنشأته أو مضمونه. وتعود هذه الظروف الموضوعية إلى نظام الحكم الذي يتم وضع الدستور في ظله من ناحية، ومستوى التطورات الحضارية والسياسية التي وصل إليها شعب الدولة التي يوضع فيها الدستور من ناحية أُخرى([1]). ويصنف فقه القانون الدستوري أساليب نشأة الدساتير إلى نوعين رئيسين: أساليب غير ديمقراطية، وأُسلوب ديمقراطي. فالأساليب غير الديمقراطية تعبر عن غلبة إرادة الحاكم على إرادة الشعب المحكوم، أو على الأقل اشتراك الإرادتين في وضع الدستور. في حين يترجم النوع الثاني تفوق الإرادة الشعبية وسيادتها على إرادة الحاكم.

ومن أهم الأساليب غير الديمقراطية في نشأة الدستور؛ أُسلوب (المنحة) (Grant) وأُسلوب (العقد) (Contract)؛ ففي حالة المنحة؛ فإنّ الدستور يصدر من الحاكم أو جهاز الحكم دون مشاركة الشعب أو ممثليه؛ ليكون هبة ومنحة وعطية من الحاكم أو الملك إلى الدولة والشعب. وهنا تكون وثيقة الدستور عملاً قانونياً صادراً بالإرادة المنفردة للحاكم، وتكون غاياته ومراميه لمصلحة الحاكم غالباً. ويستطيع الحاكم ـ في هذه الحالة ـ إلغاء الدستور أو تعديله أو تجميده في أي وقت يشاء.

أمّا الدستور الصادر بأُسلوب العقد؛ فيمثل اتفاقاً قانونياً بين الحاكم والشعب، وتعبيراً عن إرادتيهما في قبول الوثيقة الدستورية واحترامها، ويتم عبر اجتماع ممثلي الشعب والحاكم أو ممثليه لمناقشة مسوّدة الدستور الذي يدوِّنه الحاكم؛ ثم يقرّانه معاً، ويصادق عليه الحاكم؛ لتشترك إرادة الحاكم مع إرادة الشعب في إنشائه. وبذلك لا يستطيع أي طرف منهما الانفراد بإلغاء الدستور أو سحبه أو تعديله. ويُعدّ أُسلوب العقد صيغة انتقالية بين الأساليب غير الديمقراطية والأساليب الديمقراطية([2]). وفي كلا حالتي المنحة والعقد؛ فإنّ مثل هذه الدساتير لا تمثل في حقيقتها منحة حقيقية أو عقداً طوعياً؛ بل إنّ الحاكم يوافق على منح الدستور للشعب أو التعاقد معه؛ اضطراراً وتحت ضغط هذه الشعوب التواقة لانتزاع حقوقها وحريتها أو جزء منها([3]).

أمّا الأُسلوب الديمقراطي لنشأة الدساتير؛ فهو يُعبّر عن تحقق إرادة الشعب على حساب إرادة الحاكم، وانفراد الشعب صاحب السيادة بوضع الدستور دون تدخل من جانب الحاكم. ويتفرع هذا الأُسلوب إلى أُسلوبين رئيسين: أُسلوب المجلس التأسيسي المنتخب من الشعب انتخاباً مباشراً، والذي يقوم بوضع الدستور وإقراره، ويسمى بـ (السلطة التأسيسية) (Constituent Authority). والأُسلوب الثاني هو أُسلوب انبثاق جمعية أو مجلس من أحد مؤسسات الدولة؛ لتقوم بتدوين الدستور؛ ثم يتم طرحه على الشعب للتصويت عليه عبر الاستفتاء العام([4]).

وقد بادرت قيادة الثورة الإسلامية في إيران بعد انتصارها في 11 شباط / فبراير من العام 1979؛ إلى ضمان الإجراءات التي تعطي للنظام السياسي الذي تطمح لتأسيسه، والدستور الذي يفرز هذا النظام؛ بُعدهما اللصيق بإرادة الشعب؛ لكي تكون هذه الإرادة هي الحاكم الحقيقي على مسار نشوء الدستور وتأسيس الدولة ونظامها واختيار مسؤوليها ومنحهم الشرعية القانونية. وبالتالي لم يأت نشوء دستور الجمهورية الإسلامية حدثاً منتزعاً من الصيرورة الطبيعية لنشوء الدولة الجديدة على يد الشعب الإيراني. ويمكن مقاربة مسار النشوء هذا من خلال المحطات التاريخية التالية:

1 ـ الطريق إلى الجمهورية الإسلامية:

اندلعت الثورة الشعبية في إيران بقيادة المرجع الديني الشيعي الإمام روح الله الموسوي الخميني (1902 ـ 1989) في مرحلتها الأخيرة؛ في أوائل العام 1978؛ وهي ترفع شعارات القضاء على الاستبداد والنظام الشاهنشاهي، ورفض التبعية للشرق والغرب، وتأسيس دولة مستقلة عصرية شعبية إسلامية عنوانها (الجمهورية الإسلامية).

وانتصرت الثورة في 11 شباط/ فبراير من العام 1979؛ لتبدأ رحلة التأسيس على جميع الصعد. ومعه سقط النظام الملكي ودستور العام 1907 المعروف بدستور المشروطة. ويذهب غالبية فقهاء القانون الدستوري إلى أنّ الدستور القائم يسقط من تلقاء نفسه (Automatic fall of the Constitution) بعد قيام الثورة، ودون حاجة إلى إصدار تشريع خاص ينص على هذا الإلغاء، ويرجع ذلك السقوط الفوري إلى تنافر نظام الحكم الجديد الذي تهدف الثورة إليه مع نظام الحكم الذي كان يقوم على الدستور القديم، وهو الطريق الثوري لإنهاء الدساتير([5]).

وقد خوّلت البيعة الشعبية الشاملة الإمام الخميني لتسيير أُمور البلاد مؤقتاً لحين استتباب الوضع وانبثاق دستور دائم ونظام سياسي جديد. وقد قام الإمام الخميني بإجراءين استباقيين أساسيين قبل انتصار الثورة؛ للحيلولة دون دخول البلاد في فراغ إداري وقانوني ودستوري:

الأول: تشكيل مجلس لقيادة الثورة (شوراي انقلاب) في 12 كانون الثاني/ يناير 1979حين كان في باريس؛ ليقوم بمهمة القيادة التنفيذية للثورة، ثم مهمة السلطة التشريعية بعد انتصارها.

الثاني: تشكيل حكومة مؤقتة في 1 شباط/ فبراير من العام 1979؛ لإدارة البلاد لحين تشكيل حكومة دائمة.

وقد تشكل مجلس الثورة من عشرين عضواً (تغيّر بعضهم بالوفاة أو بالانتقال إلى مناصب تنفيذية، واستعيض عنهم بشخصيات جديدة)؛ تسعة منهم علماء دين، وتسعة سياسيون واثنان عسكريان، وينتمون إلى التيار الإسلامي الأُصولي والتيار الإسلامي الليبرالي والتيار الوطني، وهم:

آية الله الشيخ مرتضى المطهري، آية الله الشيخ حسين علي المنتظري، آية الله السيد محمود الطالقاني، آية الله السيد علي الخامنئي، آية الله الشيخ أكبر الهاشمي الرفسنجاني، آية الله السيد محمد البهشتي، آية الله الشيخ مهدي مهدوي كني، آية الله السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي، الدكتور الشيخ محمد جواد باهنر، الدكتور حسن حبيبي،، المهندس مهدي بازرگان، الدكتور يد الله سحابي، الدكتور أحمد صدر حاج سيد جوادي، اللواء ولي الله قرني، العميد علي أصغر مسعودي، المهندس مصطفى كتيرائي، المهندس عزت الله سحابي، الدكتور صادق قطب زاده، الدكتور عباس شيباني، الدكتور أبو الحسن بني صدر، المهندس مير حسين الموسوي، أحمد جلالي والدكتور حبيب پيمان. وترأس المجلس الشيخ مرتضى المطهري لحين اغتياله؛ ثم السيد محمود الطالقاني حتى وفاته. أمّا الحكومة المؤقتة فترأسها المهندس مهدي بازرگان، وكان معظم أعضائها من التيار الإسلامي الليبرالي والتيار الوطني.

وأُوكلت لمجلس الثورة مهمة تقديم المشورة لقائد الثورة، والتخطيط لشؤون الثورة والدولة كافة، وإصدار التشريعات التي تحتاجها البلاد في الفترة الانتقالية، وتوفير مستلزمات تأسيس الحكومة المؤقتة وممارسة أعمالها، وتوفير متطلبات إنشاء الدستور الجديد الدائم. وبهذا الدور التشريعي والرقابي؛ فقد بات مجلس الثورة بحكم السلطة التشريعية المؤقتة. ومنذ تأسيسه وحتى انتهاء أعماله في 28 أيار/ مايو 1980؛ أصدر المجلس (900) لائحة وقانون([6])، وكان بعضها يتعلق بإلغاء المعاهدات مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أُوروبا، والتي وصفها المجلس بالمعاهدات الاستعمارية التي كانت ترهن سياسة إيران وثرواتها للغرب.

وكانت الخطوة الأُولى باتجاه التأسيس الدائم؛ هو طرح جوهر الدولة ومضمون النظام السياسي الجديد للاستفتاء الشعبي العام؛ وهو ما جرى في يومي 30 و31 آذار/ مارس 1979، أي بعد 47 يوماً فقط على انتصار الثورة؛ فكانت النتيجة تصويت (2,98) بالمئة من المشاركين لنظام (الجمهورية الإسلامية)؛ وفق الأهداف والمضامين والصيغ التي كان يطرحها الإمام الخميني في خطبه وكتاباته؛ ولا سيما كتاب «الحكومة الإسلامية».

وقد اشترك في الاستفتاء ما يقرب من (95) بالمئة من المواطنين الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء.

ومن هنا فإنّ تأسيس الجمهورية الإسلامية مثّل إرادة الشعب؛ فضلاً عن كونه تكليفاً شرعياً (دينياً) يقع على عاتق المتدينين. وقد أراد الإمام الخميني من هذا الاستفتاء تحصين النظام الإسلامي بحصانة قانونية يجمع عليها العالم، وكذلك الاحتجاج بإرادة الأُمّة على المعارضين؛ وهي الإرادة التي فرضت على الدولة الجديدة أن يكون دستورها وقوانينها ومساراتها إسلامية بالكامل([7]).

ويوضح الإمام الخميني هدفه المذكور من الاحتكام إلى الشعب في مقابل من كان يعارض إقامة الجمهورية الإسلامية، بقوله: ((الشعب هو الذي يحدد لنا ما نقوم به. افترضوا أنّ الذي يريده الشعب يعتبر كارثة بالنسبة لكم. فما العمل والشعب هو الذي يريد ذلك؟ تعالوا نحتكم إلى الشعب ونجري استفتاءً عاماً نقول فيه: أيها الناس إنّ السادة يقولون إنّ ولاية الفقيه كارثة، فهل تؤيدونها أم لا؟ وعندئذٍ سترون كم هم الموافقون وكم هم الرافضون!!))([8]).

وفي هذا الصدد يقول السيد محمد باقر الصدر: ((لم يكن الإمام الخميني في طرحه لشعار الجمهورية الإسلامية إلّا استمراراً لدعوة الأنبياء، وامتداداً لدور محمد وعلي (عليهما السلام) في إقامة حكم الله على الأرض، وتعبيراً صادقاً عن أعماق ضمير هذه الأُمّة التي لم تعرف لها مجداً إلّا بالإسلام، ولم تعش الذل والهوان والبؤس والحرمان والتبعية للكافر المستعمر؛ إلّا حين تركت الإسلام، وتخلت عن رسالتها العظيمة في الحياة. وليست الشريعة الإسلامية خياراً من خيارين؛ بل لا خيار سواها؛ لأنّها حكم الله تعالى وقضاؤه في الأرض وشريعته التي لا بديل عنها))([9]).

2 ـ الطريق إلى الدستور:

بدأ الطريق نحو دستور إيران الجديد بتكليف الإمام الخميني الفقيه القانوني الدكتور حسن حبيبي عضو مجلس الثورة الإيرانية بكتابة مسوّدة الدستور؛ في أواخر العام 1978؛ أي خلال فترة إقامة الإمام الخميني في باريس؛ بعد خروجه من النجف الأشرف. وانتهى الدكتور حبيبي من مهمته، وسلم المسوّدة إلى الإمام الخميني في 22 كانون الثاني/ يناير من العام 1979، أي قبل انتصار الثورة بـشهر ونصف.

وعكف مجلس الثورة على دراسة الدستور ومناقشته. وبناء على ملاحظات مجلس الثورة التي انسجمت مع مطاليب الاستفتاء الشعبي العام على نظام (الجمهورية الإسلامية)؛ تشكلت لجنتان لتعديله لمدة ثلاثة أشهر؛ إحداهما برئاسة الدكتور حسن حبيبي وعضوية خمسة من فقهاء القانون، والأُخرى برئاسة الدكتور يد الله سحابي الوزير في حكومة بازرگان المؤقتة، وعضوية عدد من السياسيين وأعضاء الحكومة.

وبعد انتهاء التعديلات؛ أُعيدت المسوّدة إلى مجلس الثورة، وبعد إعادة مناقشتها؛ أقرّها المجلس في 14 حزيران/ يونيو العام 1979. وأعلن مجلس الثورة أن المسوّدة باتت رسمية وجاهزة للمناقشة من المجلس التأسيسي الذي يضم ممثلي الشعب([10]).

ووجه الإمام الخميني أوامره إلى الحكومة المؤقتة بإجراء الانتخابات العامة ليختار الشعب الإيراني ممثليه في المجلس التأسيسي أو مجلس خبراء الدستور.

وانتخب الشعب أعضاء مجلس خبراء الدستور (مجلس خبرگان قانون اساسي) البالغ عددهم (73) عضواً في 3 آب/ أغسطس 1979، وهم من فقهاء الشريعة والقانون، وخبراء النظم السياسية والاقتصاد، وعلماء الاجتماع السياسي، والناشطين السياسيين.

وتم افتتاح المجلس في 19 آب / أغسطس 1979 بكلمة الإمام الخميني التي أكد فيها على أن يكون الدستور منسجماً مع أهداف الثورة وتطلعات الشعب الإيراني الذي ظل يطالب بـ (الجمهورية الإسلامية) وصوّت عليها بالاستفتاء الشعبي العام؛ ولذلك ((يجب أن تكون القوانين على أساس الإسلام مئة بالمئة، وإذا كانت هناك مادة واحدة تتعارض مع الإسلام؛ فإنّه يخالف إرادة الأغلبية الساحقة للشعب، وهو خارج صلاحية مجلس الخبراء، وإنّ تشخيص التعارض والتوافق مع أحكام الإسلام هو حصراً من صلاحية العلماء العظام الأعضاء في المجلس، ويجب الاستفادة من تخصصات النواب الآخرين في المجالات الحقوقية والإدارية والسياسية، وأن يبذل المجلس جهده ليكون الدستور ضامناً لحقوق وحريات ومصالح جميع شرائح الشعب؛ بعيداً عن التمييز البغيض، وأن يستشرف مصالح الأجيال القادمة وحقوقها)).

كما أكد الإمام الخميني على ((أن يكون الدستور صريحاً وواضحاً؛ للحيلولة دون التفسيرات الخاطئة والمغرضة؛ ليكون نموذجاً ومرشداً لجميع النهضات الإسلامية التي تعمل على التأسيس للحكومة الإسلامية)) ([11]).

وتم انتخاب الفقيه الشيخ حسين علي المنتظري رئيساً لمجلس خبراء الدستور، والفقيه السيد محمد البهشتي نائباً؛ إلّا أنّ الأخير كان يدير الجلسات العامة. كما توزع أعضاء المجلس على ثمان لجان:

1 ـ اللجنة الأُولى: تدوين المقدمة ودراسة المواد الأُولى إلى الثانية عشرة من مسوّدة الدستور.

2 ـ اللجنة الثانية: دراسة مواد: دين الدولة والتاريخ واللغة والخط والعلم، وحاكمية الشعب ومجالس الشورى.

3 ـ اللجنة الثالثة: حقوق الشعب والرقابة العامة.

4 ـ اللجنة الرابعة: السلطة التشريعية (سلطة التقنين).

5 ـ اللجنة الخامسة: السلطة التنفيذية.

6 ـ اللجنة السادسة: السلطة القضائية.

7 ـ اللجنة السابعة: الاقتصاد.

وخلال ممارسة مجلس الخبراء مهامه؛ وصله أكثر من أربعة آلاف مقترح؛ بما فيها مسوّدات دساتير كاملة. وكانت سكرتارية المجلس تستنسخ جميع المقترحات وتوصلها إلى الأعضاء؛ للاطلاع عليها والانتفاع منها. كما كانت اللجان تستعين ببعض كبار فقهاء القانون والأكاديميين من خارج المجلس. وكانت الجلسات الخاصة للجان تعقد يومياً، وبعد مناقشة وإقرار المواد الموكلة إليها؛ تعرضها على الجلسة العامة للمجلس والتي تعقد يومياً أيضاً؛ للمصادقة على المواد واحدة واحدة([12]).

وفي نهاية عمل اللجان الفرعية والجلسات العامة؛ تم عرض الدستور باعتباره وثيقة كاملة على التصويت في الجلسة العامة. وتمت المصادقة النهائية على وثيقة الدستور من مجلس الخبراء في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، والمؤلفة من اثني عشر فصلاً و(175) مادة، ووقّع جميع الأعضاء على نسخة رسمية خاصة، وتم تسليمها إلى الحكومة المؤقتة؛ لنشرها في الصحافة بشكل رسمي؛ ليطلع عليها الشعب.

وخلال خمسة عشر يوماً؛ هي الفترة الفاصلة بين نشر الوثيقة وتاريخ الاستفتاء العام؛ جرت مناقشتها من التيارات والتنظيمات والشخصيات السياسية والاجتماعية والعلمية، ومن عامة الناس أيضاً. وحين أُجري الاستفتاء الشعبي العام في 2 و3 كانون الأول/ ديسمبر 1979؛ صوّت الشعب على دستور الجمهورية الإسلامية بنسبة (5,99) بالمئة من المشاركين في الاستفتاء، وعددهم ما يقرب من ستة عشر مليون شخص؛ أي ما يقرب من (85) بالمئة ممن يحق لهم التصويت.

وبعد مصادقة الإمام الخميني على الدستور بصفته قائد الثورة الإسلامية والولي الفقيه صاحب البيعة؛ أصبح جاهزاً للتطبيق([13]). فكان أول دستور من نوعه؛ يجمع بين أصالة الاحتكام التام للشريعة الإسلامية، وعصرية الصياغات الفنية والسلطات والمؤسسات التي أنتجها. كما كان معبراً تعبيراً مباشراً عن إرادة الشعب الإيراني وخياره.

وأعقب ذلك مباشرة إجراء انتخابات مجلس الشورى الإسلامي (مجلس شوراى ملي)، الذي أنهى بانعقاده أعمال مجلس الثورة، كما جرت انتخابات رئاسة الجمهورية. وبعد تشكيل الرئيس حكومته؛ حلّت الحكومة المؤقتة نفسها. فكانت الفترة التي استغرقها عمل مجلس الثورة والتشريعات المؤقتة، والحكومة المؤقتة، والاستفتاء العام على النظام السياسي الجديد، وانتخاب المجلس التأسيسي من الشعب، والاستفتاء العام على الدستور الدائم؛ وصولاً إلى انتخاب رئيس الجمهورية انتخاباً شعبياً مباشراً، وتشكيل الحكومة الدائمة، وانتخاب أعضاء مجلس الشورى (البرلمان) انتخاباً شعبياً مباشراً وتشكيله، وإقرار النشيد الوطني والعلم وشعار الدولة؛ ما يقرب من سنة وخمسة أشهر فقط.

3 ـ تعديل الدستور:

يجمع دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين صفتي الثبات والمرونة، ولكنه ليس دستوراً جامداً بالمطلق؛ فهناك مواد جامدة لا تتغير فيه؛ كإسلامية النظام وقوانينه، وولاية الفقيه، والدين والمذهب الرسمي، والاستناد إلى إرادة الشعب في إدارة البلاد([14])، وهناك مواد قابلة للتغيير بأليات حددها الدستور؛ ولكنها ليست آليات سهلة، وقد أقرها الدستور المعدل في العام 1989.

فقد نصت المادة 177 على ((أنّ القائد بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام؛ يصدر أمراً إلى رئيس الجمهورية؛ يقترح فيه موضوعات التعديل أو الإضافة للدستور>. وحددت المادة أعضاء مجلس إعادة النظر في الدستور، وهم: <الأعضاء الاثنا عشر لمجلس صيانة الدستور، رؤساء السلطات الثلاث، الأعضاء الثابتون في مجمع تشخيص مصلحة النظام، خمسة أعضاء من مجلس خبراء القيادة، ثلاثة من مجلس الوزراء، عشرة من أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، ثلاثة من الأكاديميين))([15]).

وقد ظلت بعض مجالات حركة الدولة محل جدل في الجمهورية الإسلامية طوال عشر سنوات (1980 ـ 1989)، ومنها: شروط الولي الفقيه وصلاحياته، والاثنينية في الصلاحيات التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وفاعلية مجلس القضاء الأعلى، ودسترة بعض مؤسسات الدولة الكبرى التي تأسست بأمر الإمام الخميني بصفته الولي الفقيه ـ رئيس الدولة؛ كمجمع تشخيص مصلحة النظام. أي أنّ جميع التعديلات ارتبطت بهيكلية الدولة ومعوقات فاعلية سلطاتها.

وأصدر الإمام الخميني أوامره بتعديل الدستور في 24 نيسان/ إبريل 1989؛ من خلال رسالة بعث بها إلى رئيس الجمهورية ـ حينها ـ السيد علي الخامنئي. وأشارت الرسالة إلى أهم الموضوعات الملحة التي ينبغي أن يعاد النظر فيها في الدستور؛ بعد تجربة عشر سنوات من العمل بدستور العام 1979. كما حملت الرسالة أسماء عشرين من فقهاء الشريعة والقانون وقادة الدولة؛ إضافة إلى تفويض مجلس الشورى الإسلامي لاختيار خمسة من أعضائه. وقد شكّلوا بمجموعهم (مجلس إعادة النظر بالدستور)([16])، وهو ما يعبر عنه في القانون الدستوري بـ (السلطة التأسيسية المشتقة) (Constituent derivative authority).

وعقد المجلس أُولى جلساته في 27 نيسان/ إبريل 1989، وانتخب الفقيه الشيخ علي المشكيني رئيساً للمجلس. واتخذ المجلس السياقات نفسها التي اتبعها مجلس خبراء الدستور في العام 1979؛ إذ تشكلت أربع لجان؛ أُنيط بكل منها موضوعات محددة، وبعد مناقشتها وإقرارها مبدئياً في اللجنة؛ تطرح قراراتها للنقاش في الجلسات العامة، والتي بلغت (41) جلسة.

وانتهى عمل المجلس في 11 تموز/ يوليو من العام 1989؛ بعد أن عدّل أو أضاف ما مجموعه (48) مادة([17]).

وخلال فترة انعقاد المجلس؛ وتحديداً في 3 حزيران/ يونيو 1989؛ توفي الإمام الخميني، وانتخب بعده بيومين آية الله الخامنئي قائداً جديداً للثورة وولياً فقيهاً للدولة. واستمر المجلس في أعماله لمدة شهرين ونصف الشهر.

وطرحت التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي العام الذي جرى في 28 تموز/ يوليو 1989. وصوّت 97 بالمئة من المشاركين على التعديلات([18]).

وبعد أن صادق آية الله الخامنئي عليها؛ بصفته الولي الفقيه ورئيس الدولة؛ أصبحت التعديلات نافدة قانونياً.

وأهم التعديلات التي أُجريت على دستور العام 1979: إلغاء شرط المرجعية الدينية (بالفعل) من شروط الولي الفقيه، والاكتفاء بشرط الاجتهاد، وإعادة تنظيم صلاحياته، وإلغاء خيار مجلس القيادة في حال تعذّر إيجاد قائد واحد. كما تم إلغاء منصب رئيس الوزراء، وإعطاء جميع الصلاحيات التنفيذية لرئيس الجمهورية، وإلغاء مجلس القضاء الأعلى، وإعطاء صلاحياته لرئيس السلطة القضائية، وأصبح (مجمع تشخيص مصلحة النظام) مؤسسة دستورية، وتوسيع صلاحيات (مجلس صيانة الدستور)، وإلغاء (مجلس الدفاع الأعلى)، والاستعاضة عنه بـ (المجلس الأعلى للأمن الوطني)([19]).

النظام السياسي المؤسَّس على دستور لجمهورية الإسلامية

يختلف النظام السياسي للجمهورية الإسلامية في بعض المضامين والأشكال عن النظم السياسية المعروفة، كما يشترك معها في أُخر؛ فالنظام الإيراني يسمى بـ (النظام القيادي)([20]) تمييزاً له عن النظام الرئاسي أو البرلماني أو المختلط (الرئاسي ـ البرلماني) أو نظام الحزب الواحد أو نظام الجمعية. ويتميز النظام القيادي بكون سلطة (القائد) (الولي الفقيه) فيه هي السلطة المحورية والأُولى في الدولة، وهي التي تشرف على عمل السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعية والقضائية) وتراقبها وتنسق فيما بينها وترسم سياساتها العليا. أي أنّ هناك أربع سلطات في هذا النظام، إحداهما السلطة العليا وهي سلطة القائد (الولي الفقيه)، تليها السلطات الثلاث المستقلّة التي تتعاون فيما بينها وتتبادل الرقابة، وهي سلطة رئيس الجمهورية وحكومته وسلطة البرلمان وسلطة القضاء، وهذا النظام انعكاس حقوقي لنظام الإمامة في مدرسة أهل البيت، خاص بعصر الغيبة([21]).

ومن خلال ذلك يتضح ـ وكما ذكرتُ ـ أنّ النظام القيادي يمثل إضافة جديدة للنظم السائدة في مناهج القانون الدستوري والأنظمة السياسية، ولم تعرفه علوم السياسة والقانون من قبل. وتمييزه عن النظم الأُخر يمثل ضرورة علمية؛ لأنّ هذا التمييز سيعطي النظام القيادي استقلاله في أن يكون مبحثاً قائماً بذاته، دون الحاجة إلى التفتيش عن مباحث موجودة لضم النظام السياسي الإسلامي الإيراني إليها([22]). ويمكن تشبيهه بالنظام الرئاسي ـ البرلماني (المختلط)؛ الذي يتقاسم فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء السلطة.

وفي النظام الإيراني يتشابه منصب القائد مع منصب رئيس الجمهورية في النظم المختلطة؛ فكلاهما في موقع رئيس الدولة؛ بينما يتشبه منصب رئيس الجمهورية في النظام الإيراني بمنصب رئيس الوزراء في النظام المختلط؛ فكلاهما يترأس الحكومة. مع فوارق شكلية بين النظامين؛ في مقدمها أنّ رئيس الجمهورية في النظام الإيراني يُنتخب من الشعب انتخاباً مباشراً؛ بينما يتم تعيين رئيس الوزراء في النظام المختلط من رئيس الجمهورية؛ بصفته ممثل الكتلة النيابية الأكبر. أمّا القائد في النظام الإيراني فأنّه ينتخب من الشعب انتخاباً غير مباشر؛ أي عبر مجلس الخبراء المنتخب شعبياً، ويبقى في منصبه لطالما يتوافر على شروط القيادة؛ بينما ينتخب رئيس الجمهورية في النظام المختلط انتخاباً شعبياً مباشراً، ولفترة يحددها الدستور.

وإذا أخذنا نموذج النظام الفرنسي نموذجاً للنظام المختلط (الرئاسي ـ البرلماني)؛ فسنرى أنّ رئيس الجمهورية ينتخب شعبياً انتخاباً مباشراً لمدة خمس سنوات قابلة للتمديد لمرة واحدة فقط، وهو رئيس الدولة ورمزها وراسم سياستها العليا والقائد العام للقوات المسلحة، ويقوم بترشيح رئيس الوزراء الذي يمثل الكتلة النيابية الأكبر؛ ثم يطرح اسم الأخير على البرلمان مع الحكومة (الوزراء) للتصويت عليهما([23]). وبالمقارنة بالنظام الإيراني؛ فإنّ القائد في النظام الإيراني يمارس دور رئيس الجمهورية في النظام الفرنسي؛ بينما يمارس رئيس الجمهورية في النظام الإيراني دور رئيس الحكومة في النظام الفرنسي.

وقد أفرز الدستور الإيراني نوعين من الحاكمية: حاكمية الشريعة الإسلامية المتجسدة بالقائد (الولي الفقيه)، وحاكمية الشعب المتمثلة بالسلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية. وهذا لا يعني أنّ حاكمية الفقيه منفصلة عن حاكمية الشعب؛ بل إنّ الشعب ينتخب أيضاً الولي الفقيه ويراقبه ويعزله عبر مجلس الخبراء المنتخب شعبياً؛ وبذلك يكون الشعب هو مركز سلطات الدولة. وهذا الانتخاب الشعبي للولي الفقيه؛ يمثل نقطة الالتقاء العقدي والفقهي والقانوني بين حاكمية الشعب وحاكمية الفقيه، وهو ما يعبر عنه السيد محمد باقر الصدر بالتحام خط الخلافة (خلافة الأُمّة والإنسان) بخط الشهادة (شهادة الفقيه على الأُمّة؛ باعتباره امتداداً نوعياً شرعياً لخط الأنبياء والأئمة)؛ وذلك عندما تختار الأُمّة وليها الفقيه وتبايعه بأحد وسائل الانتخاب والبيعة المتعارفة تعارفاً شرعياً وقانونياً([24]).

هيكل النظام السياسي في إيران

وللتعرف على هيكل النظام السياسي في إيران؛ نقارب سلطاته الدستورية على وفق ما جاء في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية:

 1 ـ سلطة القائد:

القائد (رهبر) في النظام السياسي الإسلامي الإيراني هو الولي الفقيه، ورئيس الدولة ورمزها، وراسم سياساتها العليا، ومرجعها الديني والزمني، والمشرف على سلطاتها الثلاث، والقائد العام للقوات المسلحة([25]). وتسمية (القائد) هي التسمية الدستورية([26]). ويُنتخب القائد انتخاباً غير مباشر من الشعب؛ عبر مجلس خبراء القيادة المنتخب مباشرة من الشعب. ويشترط دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في القائد شروطاً كثيرة؛ أهمها الشروط الأساسية الثلاثة([27]):

أ ـ الاجتهاد: أو الفقاهة؛ أي القدرة العلمية المطلقة على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأصلية والكاشفة والاجتهادية، وهو ما يخوّل الفقيه ليكون مرجعاً في الفتيا، وليكون ولياً على الفتوى والقضاء والحقوق الشرعية والقاصرين والحكم([28]).

ب ـ العدالة: وتعني في المفهوم الشرعي: التقوى والاستقامة والنزاهة العالية([29]).

ج ـ الكفاءة: أي الوعي السياسي والقدرة على القيادة والإدارة والتدبير([30]).

ولكي يركز الدستور البعد الديني للولي الفقيه القائد؛ فأنّه لم يشترط فيه أن يكون إيرانياً أو من أُصول إيرانية، وهو العرف الشرعي الذي سارت عليه المنظومة الدينية الشيعية منذ تأسيسها وحتى الآن؛ إذ لا ينظر الشيعة في تقليدهم إلى جنسية المرجع الديني وقوميته. وقد كان المراجع الرسميين (شيخ الإسلام) للدولة الإيرانية (الصفوية والنادرية والقاجارية) عرباً ـ غالباً ـ من لبنان والبحرين والعراق.

ويتدخل الشعب (الأُمّة) في اختيار الفقيه الحاكم، تدخلاً مباشراً أو غير مباشر؛ بعد أن تحرز فيه الشروط التي يجب توافرها، والتي ثبتتها المدوّنات الفقهية، والمدوّنات القانونية.

وبذلك يضمن النظام السياسي الإسلامي تحقيق ثلاثة أهداف شرعية:

الأول: تكامل خطي الشهادة والخلافة، والتحامهما، من خلال انتخاب خط الخلافة (الأُمّة) لمصداق خط الشهادة (الفقيه)، فيتجسد الخطان في الفقيه الحاكم؛ الأمر الذي يجعل مساحة ولايته (وفقاً لمبدأ ولاية الفقيه) كولاية المعصوم؛ كما يقول السيد محمد باقر الصدر([31])والإمام الخميني([32]).

الثاني: ممارسة الأُمّة دورها الحقيقي في الاستخلاف على الأرض، من خلال انتخاب ولي أمرها.

الثالث: تأكيد الحيلولة دون حصول التعارض والتزاحم بين الفقهاء، واقتصار الولاية على الحكم وقيادة المجتمع على الفقيه الحاكم دون غيره.

وتنتظم عملية إشراف القائد على سلطات الدولة الثلاث من خلال عدد من الآليات التي حددها الدستور؛ فهو يصادق على انتخاب رئيس الجمهورية، ويراقب عمل السلطة التنفيذية، ويعين رئيس السلطة القضائية والمدعي العام للبلاد، ويعين الفقهاء الستة الأعضاء في (مجلس صيانة الدستور) (المحكمة الدستورية وهيئة الضبط الفقهي لتشريعات مجلس الشورى الإسلامي)، كما يعين الذوات الشخصيين في (مجمع تشخيص مصلحة النظام)([33]).

ويمكن تقسيم مسؤوليات القائد وفق ما جاء في المادة 110 من الدستور كما يلي:

القسم الأول: المسؤوليات ذات العلاقة بالإشراف على أجهزة النظام الرئيسة، مثل تعيين وعزل: الأعضاء الفقهاء في مجلس صيانة الدستور، رئيس السلطة القضائية، رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، إقرار انتخاب الشعب لرئيس الجمهورية، إقرار عزل رئيس الجمهورية بعد حكم المحكمة العليا ضده أو تصويت مجلس الشورى الإسلامي على عدم كفاءته السياسية، تعيين أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يساعد القائد في رسم السياسات العامة للدولة وحسن تنفيذها.

القسم الثاني: المسؤوليات ذات العلاقة بمهمة إرشاد النظام، مثل: رسم السياسات العامة للدولة، إصدار قرار الاستفتاء العام، حل معضلات النظام التي لا تحل بالطرائق العادية ويستعصي على القانون حلها.

القسم الثالث: المسؤوليات ذات العلاقة بالسيطرة على قرار أمن النظام، مثل: المسؤولية المباشرة عن القيادة العامة للقوات المسلحة، إعلان الحرب والسلم، إعلان التعبئة العامة، تعيين وعزل: القائد العام للجيش، والقائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية، والقائد العام لقوى الأمن الداخلي، وكبار قادة القوات المسلحة.

وكما أقرّ الدستور حق الأُمّة في اختيار قائدها، وذلك من خلال مجلس الخبراء الذي تنتخبه الأُمّة؛ فإنّه أوكل للمجلس مهمة مراقبة القائد وعزله فيما لو اختل عنده أحد الشروط، ولا سيما الاجتهاد والعدالة والكفاءة السياسية والإدارية. وهذه العملية تجمع بين الأصالة الفقهية في اختيار ولي الأمر وعصرية الإدارة بالمضمون نفسه الذي تقرّه الديمقراطيات التقليدية.

وهناك ثلاث مؤسسات دستورية لها ارتباط مباشر بمنصب القائد وعمله؛ بعضها تشرف عليه، وأُخرى تحت إشرافه:

أ- مجلس خبراء القيادة (مجلس خبرگان رهبرى):

وهو منتخب من الشعب انتخاباً مباشراً، ويتألف من حوالي (85) عضواً من كبار علماء الدين؛ الذين يشترط فيهم مقاربة الاجتهاد؛ إضافة إلى العدالة والكفاءة؛ وهي شروط القائد نفسها تقريباً. وهذا المجلس ينتخب القائد (الولي الفقيه) من بين من تتوافر فيهم شروط القيادة، كما يراقب عمل القائد، وله صلاحية عزله إذا فقد الشروط التي ثبتها الدستور([34]).

ب ـ مجمع تشخيص مصلحة النظام (مجمع تشخيص مصلحت نظام):

وهو أعلى مؤسسة تخطيط واستشارة في الدولة، ويضم أكبر قادة الدولة؛ بمن فيهم رئيس الجمهورية ومعظم رؤساء الجمهورية السابقين، ورؤساء مجلس الشورى الحالي والسابقين، ورؤساء القضاء الحالي والسابقين، وأبرز الوزراء الحاليين والسابقين، وغيرهم.

وتنقسم طريقة تعيين أعضاء المجمع إلى قسمين؛ فيُعين القسم الأول تلقائياً بصفاتهم الرسمية كما نص عليه الدستور، وقسم يعينهم القائد بصفاتهم الشخصية([35]). وفضلاً عن وظيفة المجمع في التخطيط للدولة، ومساعدة القائد في رسم سياساتها العليا؛ فإنّه يفصل في الخلافات بين السلطة التشريعية (مجلس الشورى الإسلامي) والمحكمة الدستورية (مجلس صيانة الدستور)؛ في حال أصرّ كل طرف على صحة موقفه التشريعي؛ إذ لم يعط الدستور صلاحيات نهائية لمجلس صيانة الدستور للبت في عدم صحة التشريعات؛ بل أسند لـ (مجمع تشخيص مصلحة النظام) مهمة البت نهائياً في صحة التشريع. وفي حال بت المجمع في صحة التشريع أو القانون المختلف عليه أو قام بتعديله؛ فإنّ قرار المجمع حينها يكون ملزماً لمجلس الشورى ومجلس الصيانة([36]).

ج ــ القوات المسلحة:

وتتمثل في قوات الجيش وقوات الحرس الثوري وقوى الأمن الداخلي، وتجتمع في (رئاسة الأركان المشتركة للقيادة العامة للقوات المسلحة). وحصر الدستور بالولي الفقيه ـ بصفته القائد العام للقوات المسلحة ـ تعيين القيادات العليا للجيش وقوات الحرس الثوري وقوى الأمن الداخلي أو عزلهم([37]).

وهناك مؤسسات دستورية أُخر تخضع لإشراف القائد؛ كمؤسسة الإذاعة والتلفزيون([38]).

أي أنّ هذه المؤسسات لا تخضع لسلطة الحكومة؛ بل لسلطة الدولة؛ فهي مؤسسات الدولة، وليست مؤسسات الحكومة.

2 ـ السلطة التنفيذية:

تتمثل السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية؛ فهو المنصب الدستوري الثاني في الدولة بعد منصب (القائد)، وهو رئيس الحكومة، ويتم انتخابه انتخاباً مباشراً من الشعب لأربع سنوات؛ تجدد لمرة واحدة فقط. ويختار رئيس الجمهورية وزراءه، ويعرضهم على مجلس الشورى الإسلامي للموافقة عليهم والتصويت عليهم تصويتاً فردياً. ولرئيس الجمهورية نائب أول وعدد من المعاونين([39]).

وأهم مؤسستين تتبعان رئيس الجمهورية:

أ ـ الحكومة: يترأس رئيس الجمهورية الحكومة المتكونة من النائب الأول لرئيس الجمهورية، ومعاوني الرئيس، والوزراء. ويتم ترشيح الوزراء من قِبَل رئيس الجمهورية ويقدمهم إلى مجلس الشورى ليصوت على كل وزير على حدة([40]).

وقد ساعد تعديل دستور الجمهورية الإسلامية في العام 1989 على تركيز السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية، بعد أن كانت موزعة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء؛ إذ تمّ حذف منصب رئيس الوزراء، الذي كان يتمتع بصلاحيات واسعة، واستحدث بدلاً منه منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية([41]).

ب ـ المجلس الأعلى للأمن الوطني (شوراى عالى أمنيت ملى): ويتألف من كبار القادة الأمنين والعسكريين والوزراء ذوي العلاقة، ويترأسه رئيس الجمهورية([42]). ويترأس رئيس الجمهورية عدداً من المجالس العليا الأُخر في الدولة؛ ومنها مجالس أساسية لم يذكرها الدستور؛ ولكن تمّ تشريعها بقوانين من مجلس الشورى الإسلامي أو بقرارات قيادية، ومنها: المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وغيرها. وتنتظم علاقة رئيس الجمهورية والحكومة بالسلطة القضائية من خلال وزير العدل، كما تنتظم علاقتهما بالجيش وقوات الحرس من خلال وزير الدفاع، وبالشرطة من خلال وزير الداخلية.

3 ـ السلطة التشريعية:

تسمى السلطة التشريعية في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية بـ (قوه مقنّنه)؛ أي (سلطة التقنين)، وتتمثل في مجلس الشورى الإسلامي (مجلس شوراى اسلامى)، الذي ينتخب الشعب أعضاءه انتخاباً مباشراً لفترة أربع سنوات، وعددهم (270) عضواً. ومهمة المجلس تشريعية ورقابية.

وتعتمد كثير من الأنظمة الديمقراطية نظام المجلسين التشريعيين، مثل: مجلسي العموم واللوردات في بريطانيا، ومجلسي النواب والشيوخ في الولايات المتحدة الأمريكية. ويرى غالبية علماء السياسة والقانون بأنّ نظام المجلسين التشريعيين هو الأكثر انسجاماً مع روح الديمقراطية وأهدافها؛ لأنّه يمنع استبداد السلطة التشريعية؛ فوجود مجلس واحد قد يدفعه للاستبداد بالتشريعات والقوانين والقرارات، أو التعسف في استعمالها في مواجهة السلطة التنفيذية؛ ولا سيما إذا كانت كل سلطة يسيطر عليها حزب مختلف، كما يمنع نظام المجلسين التسرّع في التشريع ووضع القوانين وإقرارها([43]).

وقد اعتمد نظام الجمهورية الإسلامية أُسلوباً خاصاً في عمل السلطة التشريعية؛ للمحافظة على الأصالة الفقهية لطبيعة هذه السلطة وعملها، وفي الوقت نفسه استخدام الأدوات العصرية في حركتها واختيار أعضائها. فقد وضع الدستور مجلساً دستورياً مصغراً، هو مجلس صيانة الدستور (شوراى نگهبان قانون أساسى)؛ للمصادقة على القوانين والقرارات التي يصدرها مجلس الشورى، وإعادتها إلى المجلس فيما إذا كانت متعارضة مع دستور الجمهورية الإسلامية والشريعة الإسلامية. أي أنّ مجلس صيانة الدستور لا يقنّن ولا يشرّع؛ بل يصادق على تشريعات مجلس الشورى الإسلامي، أي أنّه يمارس دور سلطة النقض التي يمارسها المجلس الدستوري أو المحكمة الدستورية أو مجلس الدولة في البلدان الأُخر([44]).

ويتألف مجلس صيانة الدستور من اثني عشر عضواً؛ بينهم ستة فقهاء؛ يعينهم القائد، وستة قانونيين؛ يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي([45]).

وقد أوجد الدستور ـ كما سبق ـ مؤسسة دستورية ثالثة هو مجمع تشخيص مصلحة النظام المؤلف من كبار قادة الدولة؛ لحل أي خلاف يَعلَق بين مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور، وليعطي مجلس الشورى فرصة تمييز قرارات مجلس صيانة الدستور، وليحول دون تفرد مجلس صيانة الدستور بالنقض التشريعي.

4 ـ السلطة القضائية:

يقف على رأسها رئيس السلطة القضائية، ويعينه القائد لمدة خمس سنوات؛ قابلة للتمديد لدورة واحدة، ويشترط فيه الاجتهاد والعدالة والكفاءة، ويمارس رئيس السلطة القضائية صلاحياته من خلال المؤسسات القضائية؛ كالمحكمة العليا والادّعاء العام والمحكمة الإدارية ووزارة العدل. وفضلاً عن رئيس السلطة القضائية؛ فإنّ رئيس المحكمة العليا والمدّعي العام اشترط الدستور فيهما أن يكونا مجتهدين([46]).

وفي إطار بحث موضوع هيكلية النظام السياسي للجمهورية الإسلامية؛ نلاحظ أنّ التعديل الذي أُجري على الدستور في العام 1989 أدخل تغييرات مهمة في الهيكلية والصلاحيات والتسميات الوظيفية؛ الأمر الذي يدل على أنّ هذه الصيغ متغيرة، وتخضع باستمرار للتطور النُظمي الذي تفرضه متطلبات الزمان. أمّا الأُسس الثابتة؛ كإسلامية الدولة وتشريعاتها ومذهبها الرسمي ومبدأ ولاية الفقيه؛ فهي الأُخرى يمكن تغيير أدواتها وتسمياتها، وإعادة صياغتها دستورياً بالمضامين نفسها وفق الحاجة الموضوعية.

والمخطط التالي يبيّن وظائف السلطات الأربع وصلاحياتها، كما بيّنه دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية ([47]):

هيكل النظام السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومؤسساتها الدستورية

 

تقنيات تقنين الفقه السياسي الإسلامي

 

 

 

 

سبق أن أجملنا بأنّ تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وفقهها السياسي وتحويلها إلى مواد قانونية دستورية ليس عملاً تجزيئياً منفصلاً عن النظرية العامة للإسلام، بل إنّ كل مادة قانونية دستورية تنتسب في مضمونها ومقاصدها إلى النظرية العامة للإسلام ومقاصد الشريعة برمتها؛ فالمواد القانونية الدستورية الإسلامية متكاملة فنياً من جهة، وتشير إلى هدف واحد؛ يتمثل في غايات الإسلام وأهدافه ومقاصد شريعته من جهة أُخرى.

ولذلك فإنّ عملية تقنين أحكام الفقه السياسي الإسلامي، وتحويلها إلى مواد دستورية وضعية في جانبها الفني، كما يمكن استنباطها من تجربة التقنين الفقهي للدستور في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ فقد تمت على مراحل، وكل مرحلة هي امتداد للمرحلة التي تسبقها، وقاعدة للمرحلة التي تليها. وهذا التمرحل المتسلسل المترابط هو عمل منهجي فني؛ لأنّه ينتهي بالصياغة المادية للقانون، وهو ما يمكن أن نسميه بتقنية تقنين الفقه. وهذه المراحل على النحو التالي:

1 ـ إستخراج النظرية العامة للإسلام ونظرته التوحيدية الكونية (Islamic monotheistic worldview)([48])؛ من غايات الإسلام وأهدافه؛ كما هو مثبت في المصدرين الإسلاميين المقدسين: القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة. ويضاف إلى السنة النبوية سنة الأئمة الاثني عشر عند (مدرسة الإمامة) الشيعية([49]). ومن المفترض أن تكون المساحة الأكبر لهذه النظرية هي مساحة العقيدة والأُصول؛ أي الثوابت العقدية للإسلام، وليس المتغيرات الفقهية.

2 ـ إستخراج النظرية العامة للشريعة الإسلامية، ومقاصدها؛ بالمضمون الذي تفرزه النظرية العامة للإسلام. وتجمع نظرية الشريعة بين الثوابت العقيدية والفقهية.

3 ـ إستخراج نظرية الدولة الإسلامية وغاياتها وأهدافها ووظائفها ومنظومتها الفقهية؛ أي فقه الدولة الإسلامية؛ كما تفرزها نظرية الشريعة الإسلامية. ويتم في هذه المرحلة توظيف منهجية الاجتهاد الإسلامي لملء <مساحة التفويض التشريعي>([50])، وهي مساحة تركها الشارع المقدس لذوي الاختصاص (الفقهاء) من البشر لملئها.

ونقصد بمساحة (التفويض التشريعي)؛ المساحة التي فوّضت الشريعة الإنسان بها، ليتحرك فيها بحرية نسبية، ويوجهها توجيهاً شرعياً ـ فقهياً؛ من خلال عملية الاجتهاد المستمر، وهي دائرة متغيرات، ومعظم موضوعاتها تستجد أو تتغير عبر الزمان والمكان. وفضلاً عن أحكامها الجديدة؛ فربما تتطلب أساليب وقواعد ورؤى جديدة في الاجتهاد؛ تستطيع الاستجابة لتحديات الواقع المتجدد.

وهذه المساحات التفويضية تعبّر بمجموعها عن مرونة الشريعة الإسلامية، وقدرتها على استيعاب جميع المستجدات، ووضع الإنسان أمام مسؤوليته في بذل كل الجهود من أجل تطويع مساحات التفويض التشريعي للانسجام مع الشريعة وروحها وغاياتها.

4 ـ إستخراج النظرية السياسية في الإسلام، ومنظومة الفقه السياسي الإسلامي وأحكامه المترشحة عن نظرية الدولة الإسلامية ومنظومتها الفقهية، ومضمون نظامها السياسي وشكله، كما يفرزه الفقه السياسي الإسلامي. وفي هذه المرحلة أيضاً تأخذ منهجية الاجتهاد الإسلامي دوراً أساسياً أكبر؛ لأنّ المساحة الأكبر في منظومة الفقه السياسي الإسلامي ونظامها السياسي هي مساحة متغيرات([51]).

5 ـ تحويل أحكام منظومة الفقه السياسي الإسلامي إلى منظومة قانونية دستورية وضعية عامة تضم أُصول الدستور الإسلامي، وهو ما نسميه بلغة القانون: (القانون الدستوري الإسلامي)، وهو مادة مهمة ينبغي استحداثها في فرع القانون الدستوري، وتتميز بمضمونها العقدي الآيديولوجي.

6 ـ إستخراج حقائق الزمان والمكان، أي الخصوصيات والقبليات الإدارية والسياسية والاجتماعية والمذهبية للكيان الإداري ـ السياسي للبلد المتشكل جغرافياً وتاريخياً وفق أحكام القانون الدولي، والمراد تطبيق الدستور الإسلامي فيه.

7 ـ إستخراج منظومة القانون الدستوري الإسلامي الخاص ببلد إسلامي محدد؛ من خلال الجمع والتوليف بين أربع منظومات:

أ ـ منظومة القانون الدستوري الإسلامي العام.

ب ـ خصوصيات الكيان الإداري ـ السياسي (البلد) الذي يراد تطبيق الدستور الإسلامي فيه.

ت ـ أحكام القانون الدولي؛ ولا سيما ما يتعلق بسيادة الدولة الحديثة وحدودها الإدارية ـ السياسية، وحقوقها وواجباتها تجاه النظام القانوني الدولي.

ث ـ قواعد القانون الدستوري الحديث في جانبيه المفهومي والفني (المادي)، وما يرتبط بحقائق الدولة الحديثة وأركانها ونظامها السياسي وسلطاتها الدستورية. وتمثل هذه المرحلة البعد الواقعي للدستور الإسلامي الذي يراعي متطلبات الزمان والمكان، ولا يكون خارجها. وهي أهم مرحلة من مراحل التقنين الدستوري للفقه السياسي الإسلامي.

وتحتاج هذه المرحلة (السابعة) إلى فريق متعاضد واحد يضم الاختصاصات التالية:

أولاً: مختصون في الشريعة الإسلامية (فقهاء).

ثانياً: مختصون في القانون الدستوري والنظم السياسية.

ثالثاً: مختصون في القانون الدولي.

رابعاً: مختصون في العلوم السياسية.

خامساً: مختصون في الاجتماع السياسي.

8 ـ تحويل منظومة القانون الدستوري الإسلامي الخاص ببلد محدد إلى مواد دستورية مدوّنة بشكل دستور إسلامي محلي. وهذه المرحلة هي مرحلة قانونية غالباً؛ لأنّ فيها تتم مناقشة مسوّدة الدستور المقترح وإقرار مواده؛ من خلال لجنة أو مؤتمر وطني أو جمعية تأسيسية أو مجلس خبراء([52]).

وفي هذه العملية التقنينية الصعبة والمركّبة والطويلة؛ يكمن الفرق الجوهري بين الدستور الإسلامي المحلي (دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية مثالاً)، والصيغ الدستورية الإسلامية النظرية العامة التي لا تراعي متطلبات قواعد القانون الدستوري، وأحكام القانون الدولي، ولا تنظر إلى الخصوصيات المحلية لكل بلد إسلامي؛ لأنّها صيغ خارج الزمان والمكان، ويعدّها أصحابها أُصولاً دستورية إسلامية عامة أو صيغاً دستورية إسلامية عامة؛ يمكن لأي بلد أن يقوم بتوليفها مع خصوصياته المحلية([53]).

وتقنين المواد الدستورية من الفقه السياسي الإسلامي يكون على ثلاثة أشكال:

1 ـ المواد العامة وبعض المواد التنظيمية ذات الصبغة العامة، والتي تتضمن غايات الدولة الإسلامية وأهدافها وأُطرها العامة، وتبدأ من القاعدة الشرعية وتنتهي بصياغة مادة دستورية؛ أي من الأعلى إلى الأدنى.

2 ـ المواد التنظيمية العامة التي تتضمن هيكل النظام السياسي وتوزيع السلطات وطرق انتخابها وتعيينها؛ فهي تبدأ من قاعدة دستورية؛ ثم يتم الاستدلال عليها من القواعد الشرعية. أي تبدأ من الأدنى إلى الأعلى. وهي مساحات تقنينية في إطار دائرة التفويض التشريعي.

3 ـ المواد التنظيمية التفصيلية (التقنيات) التي لا تتضمن موقفاً شرعياً؛ فهي لا تستند إلى قاعدة شرعية، وليست بحاجة للاستدلال عليها من قاعدة شرعية؛ بل تدخل في دائرة المباحات. وهي أيضاً جزء من دائرة التفويض التشريعي. وشرطها أن لا تتعارض مع قاعدة شرعية، وتكتفي بالانسجام مع الأهداف العامة للشريعة الإسلامية.

 

([1]) أُنظر: د. الجمل، يحيى، «النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية»، ص47.

([2]) عبد الله، د. عبد الغني بسيوني ، «القانون الدستوري والنظم السياسية»، ص448.

([3]) المصدر السابق، ص444.

([4]) المصدر السابق، ص450. وهناك دول تقوم بالإجراءين معاً، وهي الدول الأكثر شعبية والأكثر تعبيراً عن إرادة الشعب.

([5]) المصدر السابق، ص108. وقد بقيت إيران بدون دستور دائم لحوالي عشرة أشهر، وتعتمد على تشريعات مجلس قيادة الثورة وفتاوى الإمام الخميني وأحكامه الولائية؛ بصفته الولي الفقيه الحاكم.

([6]) مهاجري، مسيح، «انقلاب اسلامي: راه آينده ملت ها» (الثورة الإسلامية: طريق المستقبل للشعوب)، ص18.

([7]) المؤمن، علي، «النظام السياسي الإسلامي الحديث»، ص134.

([8]) من خطاب الإمام الخميني في 4/10/1979. «صحيفه نور»، ج9، ص255.

([9]) الصدر، السيد محمد باقر، «صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي»، من كتاب «الإسلام يقود الحياة»، ص24.

([10]) مهاجري، مسيح، (مصدر سابق)، ص117؛ وشيرازي، د. أصغر، «إيران: الدولة والسياسة»، ص56 ـ 59؛ ومدني، د. جلال الدين، «حقوق أساسي جمهوري إسلامي إيران» (القانون الدستوري للجمهورية الإسلامية الإيرانية)، ص16 ـ 20.

([11]) من كلمة الإمام الخميني في 19/ 8/1979، «صحيفة إمام» (صحيفة الإمام)، ج9، ص264 ـ 265.

([12]) مدني، د. جلال الدين، (مصدر سابق)، ص34؛ وعميد زنجاني، د. عباس علي، «فقه سياسي وحقوق أساسي» (الفقه السياسي والقانون الدستوري)، ج2، ص56 ـ 59.

([13]) مدني، د. جلال الدين، (مصدر سابق)، ص35؛ وعميد زنجاني، د. عباس علي، «فقه سياسي وحقوق أساسي» (الفقه السياسي والقانون الدستوري)، ج2، ص61.

([14]) دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المادة 177.

([15]) المصدر السابق.

([16]) الخميني، الإمام روح الله، «صحيفه نور»، ج21، ص363.

([17]) «صورت مشروح مذاكرات شوراى بازنگرى قانون أساسي» (محاضر جلسات مجلس إعادة النظر في الدستور) في ثلاث مجلدات، إصدار مجلس الشورى الإسلامي، طهران، 1990.

([18]) أُنظر: مدني، د. جلال الدين، (مصدر سابق)، ص36.

([19]) المصدر السابق، ص38.

([20]) أهم من نظّر قانونياً وأكاديمياً لمفهوم (النظام القيادي) الفقيه الشرعي والقانوني الإيراني الدكتور عباس علي عميد زنجاني. أُنظر: موسوعته «الفقه السياسي»، ج1، ص284.

([21]) الغيبة الكبرى للإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر (ع) بدأت سنة 255ه ، وستستمر حتى ظهوره.

([22]) أُنظر: عميد زنجاني، د. عباس علي، (مصدر سابق)، ج1، ص279؛ والمؤمن، علي، «النظام السياسي الإسلامي الحديث»، ص25.

([23]) أُنظر: الجمل، د. يحيى، «الأنظمة السياسية المعاصرة»، ص228.

([24]) الصدر، السيد محمد باقر، «خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء»، من كتاب «الإسلام يقود الحياة»، ص154.

([25]) «دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية»: المواد 5 و107 و110.

([26]) هناك تسميات صاغتها بعض وسائل الإعلام في وصف (القائد)؛ مثل (المرشد)، وهي تسمية خاطئة دستورياً وفقهياً وواقعياً. فالدستور نصّ على تسمية (رهبر) أي (القائد). ومن خلال الوظائف والصلاحيات التي كفلها دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقائد؛ يتضح أنّها ليست رمزية ولا إرشادية، ولا تقتصر على الرقابة والتوجيه؛ بل تتجاوزها إلى الوظائف والصلاحيات التنفيذية الأساسية؛ كالقيادة العامة للقوات المسلحة مثلاً. أُنظر: دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المادة 110.

([27]) وهي تقنين لما كتبه الإمام الخميني في كتابه «الحكومة الإسلامية»، ص45 ـ 49.

([28]) يستدل الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه «نظام الإسلام»، ص199 ـ 204 على إجماع المذاهب الإسلامية على شرط الاجتهاد في ولي الأمر (الحاكم)؛ من خلال استعراض أقوال الماوردي في «الأحكام السلطانية»، ص6 و64؛ والجويني في «الإرشاد»، ص426؛ والبيهقي في «المسند»، ج10، ص118؛ والشافعي في «الفقه الأكبر».

([29]) أُنظر: الحائري، السيد كاظم، «الإمامة وقيادة المجتمع»، ص68.

([30]) دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المادة 109. وللوقوف على التفاصيل المفهومية لهذه الشروط في بعديها الفكري والفقهي، أُنظر: التسخيري، الشيخ محمد علي، «الرؤى الحضارية لدستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، ص280 ـ 291.

([31]) أُنظر: الصدر، السيد محمد باقر، «خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء»، من كتاب «الإسلام يقود الحياة»، ص151 ـ 153.

([32]) أُنظر: الخميني، الإمام روح الله، «الحكومة الإسلامية»، ص48.

([33]) «دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية»: المادتان 57 و110.

([34]) «دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية»: المواد 107 و108 و111.

([35]) المصدر السابق: المواد 110 و111 و112.

([36]) المصدر السابق.

([37]) المصدر السابق: المواد 110 و143 ـ 150.

([38]) المصدر السابق: المادة 110.

([39]) المصدر السابق: المواد 113 ـ 117 و124.

([40]) المصدر السابق: المادة 133.

([41]) المصدر السابق: المادة 124.

([42]) المصدر السابق: المادة 176.

([43]) عبد الله، د. عبد الغني بسيوني، (مصدر سابق)، ص248.

([44]) أُنظر: المصدر السابق: ص259.

([45]) «دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية»: المادة 91.

([46]) المصدر السابق: المواد 156 ـ 162.

([47]) أُنظر: علي المؤمن، «النظام السياسي الإسلامي الحديث»: ص 174.

 

 

([48]) حول مفهوم النظرة الكونية التوحيدية الإسلامية؛ التي تعبر عن فلسفة الدين التوحيدي المتمثلة في نظرية الإسلام العامة؛ أُنظر: المطهري، الشيخ مرتضى، «جهان بيني توحيدي» (النظرة الكونية التوحيدية)؛ ومصباح اليزدي، الشيخ محمد تقي، «دروس في العقيدة الإسلامية»، ج1.

([49]) يعود استخدام مصطلح «مدرسة الإمامة» ويقصد به التشيع، ويناظرها مصطلح «مدرسة الخلافة» ويقصد به التسنن؛ إلى الفقيه الشيعي السيد مرتضى العسكري. أُنظر كتابه: «معالم المدرستين»، ج1، ص7؛ والمؤمن، علي، «من المذهبية إلى الطائفية»، ص13.

([50]) استخدمتُ هذا المصطلح ـ لأول مرة ـ في بحث قدّمته لمؤتمر الوحدة الإسلامية في طهران (في العام 2002)، ونشرتُ جزءاً منه افتتاحيةً لمجلة المستقبلية في عددها الثالث، 2003. ومضمون هذا المصطلح يكمّل مفهوم «منطقة الفراغ» الذي ابتكره الإمام السيد محمد باقر الصدر في كتاب «اقتصادنا»، ص430.

([51]) أُنظر: المؤمن، علي، «الإسلام والتجديد: رؤى في الفكر الإسلامي المعاصر »، ص 17 ـ 24، و «النظام السياسي الإسلامي الحديث »، الفصل الأول.

([52]) مهام هذه المؤسسات ووظيفتها واحدة تقريباً، برغم تسمياتها التي تختلف من بلد لآخر، كالجمعية التأسيسية، ولجنة صياغة الدستور، ومجلس خبراء الدستور، والمؤتمر الوطني الدستوري.

([53]) هذه واحدة من أهم خصائص الفكر السياسي والفقه السياسي للحركات الإسلامية العالمية الكبيرة التي ظهرت في القرن العشرين، كجماعة الإخوان المسلمين، وحزب التحرير، وحزب الدعوة الإسلامية وغيرها، فقهها السياسي لا يتطرق إلى نموذج البلد القائم الذي سيتم فيه تطبيق دستورها الإسلامي. أُنظر: المؤمن، علي، «جدليات الدعوة: حزب الدعوة الإسلامية وجدليات الاجتماع السياسي والديني»، ص97.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment