المعارضة العراقية في ساحة المواجهة

Last Updated: 2024/05/30By

المعارضة العراقية في ساحة المواجهة

علي المؤمن

(مجلة الحوار، السويد، 1983 م)

لم يحدثنا الإرهاب في العصر الحاضر عما وصلت إليه ممارسات نظام البعث في العراق (الحر) الذي تحول إلى سجن كبير يقبع فيه 14 مليون معتقل.

إن ما يجري هناك من أساليب القتل والتعذيب والتشريد والنهب لهو شيء رهيب ـ قل مثيله ـ والخمسة عشرة عاماً من حكم البعث لأرض الرافدين لم يتمخض عنه سوى دمار في دمار. فتاريخ هذا النظام مكشوف لكل ذي لب، وارتباطاته المشبوهة وكيفية وصوله إلى الحكم بالدبابة البريطانية في 17 تموز الأسود.. فضحها قيادييه أنفسهم، وعمالته الحالية المزدوجة لأمريكا وبريطانيا يشخصها الأعشى. واقتصاد البلاد بكل مكوناته في سبيله إلى الانهيار الشامل يوماً بعد يوم، ولم يكفه خلو الخزينة من الفلس الأسود فراح يحمل كاهل العراق باستجدائه مليارات الدولارات. وسياسة النظام الخارجية ما هي إلا عداء وتآمر على البلدان المجاورة والدول التقدمية العربية والإسلامية. وسياساته الداخلية تنم عن عشائرية مقيتة وحقد دفين، ووصاية من أسياده بتدمير هذا البلد الشامخ وتمزيق شعبه، فاتبع سياسة الانتقام مع هذه الأمة الأبية، وحرم جميع فئاتها من أبسط الحقوق ـ التي من الممكن أن يتمتع بها المواطن حتى في كيان الاحتلال الصهيوني. وكما يحاول رأس النظام (صدام÷ أن يغطي على عقدة النقص التي يطفح بها سلوكه، فيفرغ جام غضبه على الشعب الأعزل. وتوج النظام جرائمه بالحرب العدوانية ضد الثورة الإسلامية ودولتها الفتية في إيران. وحقق بذلك أهداف أسياده الإنجليز والأمريكان وحلفائه الصهاينة بعد أن رفعت الثورة الإسلامية لواء الجهاد لتحرير الأراضي العربية الإسلامية في فلسطين. والولوج في موضوع ممارسات الطغمة الحاكمة في العراق يكلفنا وقت ومجال كبيرين.

وبديهياً أن تنهض الجماهير لمعارضة السلطة. ولا نعاني إذا قلنا أن العراق بملايينه وترابه وكل من فيه متنفر من الطغمة الفاشية، وينتظر يوم الخلاص بفارغ الصبر وتهيأت لبعض فئات الشعب الظروف الموضوعية والنفسية، فلملمت أطرافها ونظمت نفسها، وثارت بوجه النظام الطاغوتي.. تحمل البندقية والكلمة سلاحاً يتنقذ بهما الوطن الجريح.

ولا شك.. أن المعارضة الشعبية الشاملة داخل العراق تعاني من الضعف والوهن نظراً للخلل والأمراض التي تعاني منها الأمة، والتي تمخضت عن الدور الاستعماري الخبيث ومخلفاته. وكذلك جراء ممارسات النظام الوحشية وسياسة الإرهاب والقهر وهدر الكرامة، وأساليب التضليل والتعتيم الإعلامي. ومن البديهي أيضاً أن ينتج عن ذلك تفشي الرعب والخوف وعدم الشعور بالمسؤولية. يضاف إليها ضعفاً شديداً في الوعي السياسي والإيماني، وحالات وبائية أخرى أدت إلى تأخر اشتعال الثورة الشعبية الشاملة.. التي تنزل فيها الأمة بطبقاتها وفئاتها إلى الشارع وتحمل السلاح وتهتف بصخب لسقوط النظام.

وبناء على ذلك فإن المعارضة العراقية عمت اليوم جميع اتجاهات الشعب بارتباطاتهم الدينية والفكرية المختلفة. فعمل كل تنظيم بالأسلوب الذي يراه مجدياً من أجل إزالة هذا الكابوس، وإقامة حكم تؤمن بعدالته ويرضي طموحات الجماهير المعذبة.

اتجاهات المعارضة العراقية

ونعرض البحث في اتجاهات المعارضة نجد من المختصين بالساحة العراقية من يشير إليها باتجاهين رئيسيين هما: الحركات العلمانية والحركة الإسلامية، أو بالأحرى الاتجاه الديني واللا ديني.

ونحن نرى أن المعارضة العراقية تتوزع في أربعة اتجاهات رئيسية بغض النظر عن حجمها ومدى جماهيريتها وهي:

1 ـ حركة القومية العربية

2 ـ حركة القومية الكردية

3 ـ الحركة الشيوعية

4 ـ الحركة الإسلامية.

أما اختيار الاتجاه الأصلح والأطروحة الأفضل فهو ليس من شأننا هنا بل هو من اختصاص الجماهير العراقية، وتبقى قناعاتنا نحتفظ بها لأنفسنا، فالأمر المقدم الآن هو مجاهدة النظام وإسقاطه أولاً. ونقف قليلاً على الاتجاهات الأربع التي ذكرناها ونحاول إبراز الدور الذي تلعبه كل منها.

الحركة القومية العربية

يتمثل هذا الاتجاه في التيار القومي العام وترسبات العهود القومية العربية الماضية بالأخص عهد جمال عبد الناصر والإحساسات التي أفرزتها الأحزاب القومية وبالأخص حزب البحث الحاكم في العراق.

وبالإضافة إلى ذلك التيار وتلك الإحساسات فإن هناك تنظيمات قومية ـ قد تختلف بعد قناعاتها ـ تعمل على ساحة المعارضة العراقية ويقف في مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي (الجناح السوري) الذي يقوده عبد الجبار الكبيسي. وتعرض حزب البعث (المنشق).. لقمع النظام وتصفيته، ودخل معه في صراع سياسي حاد، ويتركز نشاطه في سوريا، وهو يعيش بحبوحة نظراً للدعم الكبير تقدمة له القيادة السورية.

1ـ الحركة الاشتراكية العربية تنظيم قومي يقترب من الماركسية، يقوده جواد دوش.

2ـ الحزب الاشتراكي الذي أسسه رشيد محسن (عام 1966م)، وأمينه العام الحالي مبدر الويس.

3ـ حزب العمل الاشتراكي العربي بقيادة إياد سعيد ثابت الذي يتخذ من ليبيا مقراً له.

4ـ مؤتمر القوميين الاشتراكيين.

وغيرها الجماعات القومية التي تتبنى أكثرها خط جمال عبد الناصر القومي، وتتوزع ولاءاتها بين القيادتين السورية والليبية.

ولا نراهن على مستقبل الوجود القومي؛ فتاريخ الأحزاب والحركات القومية التي عمت العراق والضغينة التي أوجدها النظام الحالي، باعتباره يمثل أكبر وجود قومي منظم في الوطن العربي، من الصعب أن تبنى عليه متغيرات جذرية جديدة.

الحركة الكردية

تعرضت الحركة الكردية في جميع الدول التي تتواجد فيها ليد الاستكبار الخبيثة وألاعيب العملاء والأنظمة المتعاقبة. وحلّ الأكراد مشكلة ــ كما يسمونها ــ أينما وُجدوا وحلوا. ولعل أكبر مخطط تعرضت له الحركة الكردية هو من الاحتواء الأيديولوجي والسياسي، وحرفها عن خطها الأصيل وأهدافها النبيلة. وكان بروز ظاهرة القومية الكردية نتيجة للموجة القومية التي عمت المنطقة في بداية القرن الحالي والممارسات اللاإنسانية التي تعرض له هذا العرق.

ومن الأحزاب الكردية الرائدة.. الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق الذي تأسس عام 1947م وقد قاده الملا مصطفى البرزاني منذ تأسيسه حتى وفاة الملا وتعرض الحزب للخلافات والانشقاقات الداخلية ترجع جذورها إلى عام 1960م، ولكنها بدأت عملية الحركة الانشقاقية التي قادها إبراهيم أحمد وصهره جلال الطالباني عام 1964.

بعد النكسة في عام 1975 انحل الحزب وحل أطراف عديدة إعادة تشكيلة. ولكن الأخوين مسعود وإدريس تمكنا من تنظيم تشكيلات الحزب مرة أخرى ويقف على رأسه اليوم مسعود البرزاني رئيس المكتب السياسي، النجل الأصغر للزعيم الراحل الملا مصطفى. وتتواجد قوات الحزب الديمقراطي في أراض الجمهورية الإسلامية والأراضي العراقية المحاذية لها.

في عام 1975م تأسس الاتحاد الوطني الكردستاني التئام ثلاث فئات بقيادة جلال الطالباني. ولقوا الاتحاد دور كبير في القتال الدائر حالياً في كردستان العراق بين حركات المعارضة، والكردية بالذات، ويعد هذا القتال بين الأخوة ضمن المخطط الاستعماري وعميد الحاكم في بغداد.

والى جانب الحزب الديقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني، هناك أحزاب كردية قومية أخرى، أصغر حجماً وأقل تأثيراً، هي:

1ـ الحزب الاشتراكي الكردستاني الموحد (حيد)، تأسس عام 1979 م بقيادة رسول مامند (السكرتير الأول الدكتور محمود عثمان.

2ـ الحزب الاشتراكي الكردي (باسوك) بقيادة الملازم شوان والملازم كريم وعلي آزاد.

3ـ حزب الشعب الديمقراطي الكردستاني بقيادة سامي عبد الرحمن.

وهناك حركات كردية تجمع بين الولاء القومي والولاء الديني كما هو الحال في الجيش الإسلامي الكردي. بقيادة أبو أسامة، ويعلن الجيش ولاءه للإمام الخميني والثورة الإسلامية ويتواجد في أراضي الجمهورية الإسلامية في إيران.

وتحتاج الحركة الثورية للشعب الكردي إلى التسديد لنوال هدفها بإخلاص ويعوزها أيضاً مراقبة العناصر التي تلعب دوراً مشبوهاً وترفع شعارات مختلفة لغرض المزايدات السياسية والإعلامية.

الحركة الشيوعية

الحركة الشيوعية في العراق لا تخرج من دائرة الحركة الشيوعية العالمية بقيادة الحزب الشيوعي السوڤيتي.

تأسس الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الناصرية أوائل الثلاثينات، ولكن تأسيسه الرسمي كان في بغداد عام 1934م على يد يوسف سلمان (فهد). ووصل نشاط الشيوعيين أوجّه في الأربعينات والخمسينات، بالخصوص بعد ثورة 14 تموز عام 1958م بقيادة قاسم، وحينها ملك الحزب الشيوعي الشارع العراقي وبعد سقوط الثورة ووصول البعثيين لسدة الحكم في 8 شباط 1963 تعرضوا للشيوعيين بحملة عشواء فأعدم الكثير من قيادييه وعلى رأسهم عادل سلام (حسين الرضوي).

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 دعا حزب البعث العراقي الشيوعيين للانضمام إلى الجبهة الوطنية التي أسسها، فاستجاب الحزب الشيوعي ومعه الحزب الديمقراطي الكردستاني لذلك. ووضع الشيوعيون جميع إمكاناته تحت تصرف النظام ووقفوا إلى جانبه بالأخص في مواجهة الموجة الدينية ـ وعلى سبيل المثال لا الحصر استنكارهم وهجومهم الإعلامي والعملي ضد انتفاضة الأربعين الحسيني عام 1977 م.

وفجأة انهارت العلاقات الحميمة، وتعرض الشيوعيون للتصفية مرة أخرى من قبل النظام، وكاد التنظيم أن ينحل وينهار، فقد انضم الكثير من الشيوعيين إلى حزب البعث وأعدم أو اعتقل أو هرب الآخرون. وتحول الحزب الشيوعي حينها إلى معارض صلد بكل إمكاناته. ولكن النظام البعثي لا ينفك يدعو الحزب الشيوعي للحوار والدخول في جبهة مرة أخرى، وربما اجتمع بعض رؤوس النظام مع القادة الشيوعيين العراقيين، وتلعب موسكو دوراً في وسط هذه الأحداث.

تعرض الحزب الشيوعي على مدى مسيرته للانشقاقات العديدة كان أبرزها انشقاق 1967م الذي بعثره إلى أربعة أقسام هي: اللجنة المركزية (الوجود الحقيقي للحزب)، القيادة المركزية، الكادر المتقدم والكفاح المسلح. ومن ثم اتحدت الفئات الثلاثة الأخيرة. يرأس اللجنة المركزية حالياً عزيز محمد (السكرتير الأول للحزب). وتتميز اللجنة كالعادة بعلاقاتها الحميمة مع روسيا.

وهناك حركات شيوعية أخرى أغلبها منشق من الحزب الشيوعي الأم، نذكر منها تنظيم الشيوعيين الثوريين بقيادة تحسين الشيخلي الذي اغتيل في 1980 م، ومنظمة جيش التحرير الشعبي والمنظمة الماركسية اللينينية.

وتقتصر امتدادات الحركة الشيوعية على شمال العراق وتكاد تنعدم نشاطاتهم في وسط وجنوب العراق، ولتقوية مركزهم في كردستان العراق اعتمدوا على الأكراد ودخلوا معهم في تحالفات عدة.

الحركة الإسلامية

منذ بزوغ فجر الإسلام كان العراق وأبناؤه من حملة مشعله الثائر. واستمر مركز العراق عاصمة للدولة الإسلامية منذ خلافة الإمام علي(ع) في الكوفة والخلافة العباسية في بغداد وسامراء. وعندما نتحدث عن النهضة الإسلامية الحديثة في العراق فإننا نستطيع تحديد بداياتها في أوائل القرن الحالي، حيث شهد العراق من أقصاه إلى أقصاه العديد من الثورات والانتفاضات الإسلامية بقيادة مراجع الإسلام وعلمائه على مدى سنين الاحتلال الأجنبي.

وتتميز الخمسينات بتبلور هذه النهضة وتقدمها خطوة كبيرة على صعيد تنظيم التحرك الإسلامي، حيث تأسس في أواخر عام 1957م أكبر تنظيم إسلامي ـ حزب الدعوة الإسلامية ـ يتمتع بمواصفات التكامل الحزبي الإسلامي. وكان على رأس المؤسسين الإمام الشهيد محمد باقر الصدر الذي وضع خطه الفكري وأرسى قواعده، وكان يشاركه في ذلك مجموعة من العلماء والسياسيين. وبقي الحزب سرياً لمدة 23 عاماً، يوسع صفوفه ويبني كيانه ويعمل لبناء المجتمع الإسلامي لتهيئة الأرضية اللازمة لبناء الحكومة الإسلامية.

وفي أوائل عام 1980م انتقل الحزب إلى المرحلة السياسية العلنية واصطدم مع السلطة بقوة ووصل الأمر إلى أن يصدر رئيس ما يسمى بمجلس قيادة الثورة ـ صدام حسين ـ قراراً في 30 آذار 1980 يقضي بإعدام كل من يثبت انتماؤه أو ولاؤه لحزب الدعوة أو يسهل مهمته أو يروج لأفكاره، فأعدم على أثره السيد محمد باقر الصدر والآلاف من أعضاء الحزب وكوادره. واعتقل عشرات الآلاف ممن يشتبه بأن لهم علاقة من بعيد أو قريب مع حزب الدعوة. والجدير بالذكر أن السلطة تنبهت لوجود الدعوة في أوائل السبعينات فأعدمت في سنة 1972 م أحد أعضاء القيادة العامة للحزب (عبد الصاحب دخيل) وأعدمت في عام 1974م خمسة من كوادره أبرزهم الشيخ عارف البصري.

امتد حزب الدعوة كتيار فكري وتنظيمي إلى أغلب الدول الإسلامية وشملت معارضتهم أغلب الأنظمة المفروضة على الأمة العربية والإسلامية. وفي عام 1979م اشتعلت الثورة في إيران ووضع حزب الدعوة قبلها وعندها وبعد انتصارها جميع إمكاناته تحت تصرف الإمام الخميني وقد آمن بقيادته وولايته تماماً. وربط مصيره بالثورة الإسلامية في إيران. وعلى العموم فإننا نستطيع القول بأن حزب الدعوة يتصدر حركة المعارضة العراقية ويتقدم تحركها لأسباب موضوعية ليس لدينا مجال لذكرها.

وهناك تنظيمات إسلامية أخرى تأسست بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وأثبتت وجودها بالعمليات العسكرية العديدة التي زعزعت أركان النظام ومؤسساته في الداخل والخارج كمنظمة العمل وحركة المجاهدين العراقيين.

أما تنظيمي الإخوان المسلمين وحزب التحرير فلا يلحظ لهما نشاط في حركة المعارضة العراقية الحالية، ولا يمنع من وجود بعض أفرادهم الذين يقفون بوجه النظام.

ويتصدر الحركة الإسلامية.. علماء الدين الذين يقفون على رأس أغلب تنظيماتها. وفي عام 1981م تشكلت جماعة العلماء المجاهدين في العراق امتداد الجماعة العلماء في النجف الأشرف التي تأسست عام 1958م وتتكون الجماعة الجديدة من مجموعة من العلماء يمثلون قيادة الحركة الإسلامية في العراق، ومن أبرزهم: آية الله السيد كاظم الحائري، حجة الإسلام الشيخ محمد مهدي الآصفي، حجة الإسلام السيد محمد باقر الحكيم، حجة الإسلام الشيخ محمد باقر الناصري وآية الله السيد محمود الهاشمي. وجمعت حولها أغلب علماء الدين العراقيين سواء كانوا مستقلين أو منتظمين في الحركات المختلفة.

وحدة المعارضة

إن تنسيق تحرك المعارضة العراقية وتوحيد جهدها وجهادها هو أمل ووسيلة جميع المخلصين والعاملين لتحقيق هدف إقامة حكومة العدل في ربوع الرافدين بعد إسقاط الطاغوت الحاكم. وبالرغم من التشتت الذي تعيشه جبهة النضال العراقي فإن نداءات وخطوات عملية سارت بها الكثير من الحركات.

ففي تشرين الثاني 1980 م انبثقت الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية من اتحاد ثمانية تنظيمات كردية وعربية وماركسية. وبعدها بأشهر تأسست الجبهة الوطنية الديمقراطية بعد اتحاد ثلاث تنظيمات اثنان منها كردية والثالث شيوعي، ثم انضم إليها تنظيم كردي آخر. وكذلك قوات الثورة العراقية المؤلفة من تنظيمات تختلف في اتجاهاتها الفكرية والقومية والدينية، بقيادة اللواء حسن النقيب ونداءه المعنون بـ«جبهة القوى الإسلامية الثورية والوطنية العراقية».

وفي أوائل عام 1981م أصدر حزب الدعوة نداءً مطولاً في كرّاس من (60) صفحة تحت عنوان «بيان التفاهم الصادر من حزب الدعوة الإسلامية إلى الأمة في العراق»، خاصب فيه جميع التنظيمات العراقية للتعاون المثمر ووقف على مشاكل العراق ومعاناته، وطرح فيه برنامجه السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري.

وقبل سنة تقريباً انبثق المجلس الأعلى للثورة وقد ضم جميع التنظيمات والشخصيات الإسلامية وشخص مسار الثورة الإسلامية في جميع المجالات.

وأخيراً بيان طرابلس الوحدوي الذي وقعته (19) حركة وطنية في أعقاب المؤتمر القومي لحركات المعارضة والتنظيمات الشعبية العربية المنعقد في الجماهيرية الليبية في شباط 1983. ولم يتمخض البيان لحد الآن عن شيء رغم الاجتماعات المستمرة في دمشق وطرابلس.

متطلبات المرحلة الراهنة

هذه المتطلبات إنما يفرضها الواقع المؤلم الذي تعيشه حركة المعارضة والممارسات التي يتعرض لها الشعب العراقي وكذلك للنظام أو على صعيد اللعبة الدولية والمخطط الاستكباري العالمي. فجبهة النضال العراقي المعادية للإمبريالية والاستعمار تمر اليوم بمرحلة حساسة جداً. وعلى هذا الأساس فإن أولى هذه الضرورات هي وحدة المعارضة وسيرها واجتناب الاصطدامات والمعارك الإعلامية ودراسة وجهات النظر المختلفة والأهداف المشتركة. وهذا مطلب ملح للجماهير العراقية في الوضع الراهن.

وعلى صعيد وضع المعارضة الداخلي أيضاً نرى إهمالاً متقابلاً بين اتجاهي حركة المعارضة الرئيسية أي الاتجاه العلماني والاتجاه الإسلامي. فالمعارضة الإسلامية لا بد لها من وضع الاتجاه الآخر موضع الاهتمام، وأن له دور في تقويض النظام الحاكم وفي مستقبل العراق. وبالمقابل فإن المعارضة العلمانية يحتم عليها التوجه العام لمسيرة النهضة أن ترى بموضوعية موقع الحركة الإسلامية الطليعي في مواجهة النظام ودورها الريادي في إشعال الثورة ضده. والحري بالمعارضة حالياً بكافة فئاتها التوجه الكامل للنظام والتصعيد العملي ضده في جميع المجالات وبالأخص المجالين العسكري والإعلامي اللذان يلعبان دوراً كبيراً في تفجير الثورة الشعبية الشاملة.

وهذا الشعب الجريح في العراق يشبح بعينه الدامعة لتحرك التنظيمات التي أخذت على عاتقها تحريره من نير الطغمة المتسلطة على رقبته. والشعب ـ لا شك في ذلك ـ سيختار لرعايته أولئك الثوار الذين ضحوا من أجله، وليس من ينتظرون أن يتبوؤا مقاعدهم الحكومية في مستقبل العراق.

 

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment