المرجعية العلمية والتفسيرية لأهل البيت

Last Updated: 2024/05/30By

المرجعية العلمية والتفسيرية لأهل البيت

دراسة مشتركة بقلم: الشيخ محمد علي التسخيري وعلي المؤمن

مدخل

ظل موضوع المرجعية العلمية للمسلمين محوراً للنقاش والبحث طوال مئات من السنين، وكانت أهمية هذا الموضوع تزداد كلما ابتعد المسلمون زمنياً عن عصر صدر الإسلام، وتحديداً عصر النص القرآني والنبوي. وكان من شأن اتفاق المسلمين على مساحة مشتركة في هذا المجال أن يشكل أحد أهم محاور الوحدة الإسلامية.

وإذا كان القرآن الكريم وسيرة رسول الله وسنته المحورين الأساسيين اللذين يشكلان الإطار الذي يجع المسلمين في داخله، فإنّ المرجعية العلمية التي تفسر القرآن الكريم، وتكشف عن وجوهه، وتحسم حالة الاختلاف حول أحكامه في الجانبين العقيدي والفقهي، وكذا الحال بالنسبة للسنة النبوية الشريفة، هذه المرجعية العلمية هي أهم قضية ظلت حائلاً دون اتفاق المسلمين في البعد العلمي للاختلاف.

وفي هذا البحث نحاول استئناف الحوار العلمي حول هذه المرجعية العلمية، مع افتراض أنّها تتمثل في أهل بيت رسول الله؛ إذ إنّ طرح هذا الافتراض في مدخل البحث سيحصر موضوع البحث في دائرة واضحة في معالمها، ويحول دون تشتت محاور البحث وتشظي خطته.

ولا شكّ أنّ هذا الافتراض مبني على أُسس رصينة سنأتي عليها في فقرة المرجعية العلمية للمسلمين في القرآن والسنّة؛ لأنّ القرآن والسنّة هما المصدران المقدّسان اللذان يحتج بهما المسلمون على اختلاف فرقهم ومذاهبهم.

ومن هنا، فمنهج البحث يقوم على محاولة إثبات محورية مرجعية أهل البيت، فهو القاعدة التي قام عليها مذهبهم. ومن هنا سيكون الحديث باتجاه مذاهب المسلمين الأُخر للبحث معاً، وفي إطار حوار علمي معمق حول الاتفاق على شكل ومضمون المرجعية العلمية التي يجمع عليها المسلمون. وهذا الاكتشاف المشترك سيؤدي آلياً إلى تجاوز الخلاف التاريخي، والتركيز على المساحات المشتركة التي تجمع المسلمين في الحاضر والمستقبل، فضلاً عن رفع الحيف عن جزء كبير من المعارف الإسلامية التي ظل القسم الأكبر من المسلمين يتجاوزها ولا ينتفع بها. رغم أنّها بحر لُجّيّ من العلوم والمعارف.

وستعتمد خطة البحث مجموعة محاور، يشكل كل منها محطة من الاستدلالات التي تخرج بنتيجة علمية تنقل البحث آلياً إلى المحور اللاحق الذي سيحوّل النتيجة باتجاه التكامل، وفقاً للمنهج الاستقرائي الذي سنتحدث عنه في الخاتمة.

المرجعية العلمية للمسلمين في القرآن والسنة

ونقصد بالمرجعية العلمية ـ كما أشرنا ـ النقطة المشتركة التي يتفق عليها المسلمون، وتنتهي عندها مسائل الاختلاف بين المسلمين، ولا سيّما في المجالين العقيدي والفقهي، وهي المرجعية التي تكشف عن حقائق القرآن الكريم والسنّة النبوية، بالصورة التي تحسم خطوط التقاطع بين المسلمين.

وبما أنّ القرآن الكريم والسنّة الشريفة هما المصدران المقدّسان لدى المسلمين كافة، فسنترك القرآن والسنّة ينطقان بنوعية هذه المرجعية وباسمها وصفاتها. ولسنا هنا بصدد الدخول في المباحث الأُصولية بشأن حجية الأدلة؛ لأنّنا سوف لن نخرج عن المساحات المتفق عليها، ولا سيّما فيما يرتبط بالحديث الشريف وحجيته ودلالة بعض النصوص.

ومن خلال استقراء ما ورد في القرآن الكريم والسنّة الشريفة من نصوص حول هذه المرجعية، وجدنا أنّ النصوص لا تشير إلى مرجعية أُخرى غير مرجعية أهل البيت، وإن كانت هناك بعض الأحاديث الضعيفة التي يختلف فيها المسلمون، ولذا تجاوزناها إلى ما يتفقون عليه. وبالنظر لضيق المساحة المحددة للبحث، فسوف نستعرض أدلة القرآن والسنّة استعراضاً سريعاً بالصورة التي لا تطيل البحث ولكنها تفي بالغرض.

ونبدأ أولاً ببعض آيات القرآن الكريم المفسَّرة بالسنّة الشريفة.

1 ـ يقول تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}([1]). جاء في تفسير ابن جرير الطبري بسنده عن جابر الجعفي: لما نزلت هذه الآية، قال علي: ((نحن أهل الذكر))([2]). وأخرج الحاكم الحسكاني بسنده عن الحارث قال: سألت علياً عن هذه الآية: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ}. فقال: ((والله إنا لنحن أهل الذكر، نحن أهل العلم، ونحن معدن التأويل والتنزيل…))([3]).

2 ـ يقول تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}([4]) جاء عن الإمام علي في خطبة له: ((أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى))([5]).

3 ـ يقول تعالى: {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}([6]). عن أبي سعيد الخدري قال: سألت رسول الله عن هذه الآية، قال: ((ذاك أخي علي بن أبي طالب))([7]).

4 ـ يقول تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}([8]). وفي تفسير هذه الآية يقول الرسول: ((أنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب))([9]). وآية التطهير هذه تؤكد العناية الإلهية الخاصة بأهل البيت، وإبعادهم عن الزلل والانحراف؛ ليشكّلوا نماذج إنسانية سامية يتم الرجوع إليها عند اختلاف المرجعيات الثانوية.

5 ـ يقول تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}([10]). روى عبد الله بن عباس أنّ رسول الله عندما سئل عن هذه الآية: ومن قرابتك ـ وفي نصّ آخر: من قرابتنا ـ هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: ((علي وفاطمة وابناها عليهم السلام))([11]). وعن سعيد بن جبير أنهم: ((قربى آل محمد))([12]). وهذه الآية تشد القلوب والعقول إلى آل البيت، وتؤكد أنّ محبتهم الحقيقية هي أجر الرسالة. وموالاتهم ـ في البعد العلمي كحدّ أدنى ـ هي المودة الحقيقية، وربما يستفاد من الآية الكريمة: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}([13])، التلازم بين الاتّباع والمودة.

6 ـ يكشف حديث الكساء عن المقصود بأهل البيت، حيث يروي ابن عباس في حديث له طويل حين أتاه تسعة رهط، فوقعوا في علي بن أبي طالب%، فقال:..وأخذ رسول الله ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين، فقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}([14]). وعن أُمّ سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلل عليهم كساء خيبرياً، فقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)). قالت أُمّ سلمة: ألست منهم؟ قال: ((أنت إلى خير))([15]). وقد رواه عن أُمّ سلمة: عطاء بن يسار، أبو سعيد الخدري، أبو هريرة، حكيم بن سعد، شهر بن حوشب، عبد الله بن وهب، عطاء بن أبي رباح، عمرة بنت أفعي، أبو ليلى الكندي، عمر بن أبي سلمة ربيب النبي.

كما روى حديث عائشة كل من: صفية بنت شيبة، العوام بن حوشب، عمير بن جميع، قالت: خرج النبي غداة وعليه مرط مرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}([16]).

وقد روى حديث الكساء جمع كثير من الصحابة أيضاً، منهم: أبو سعيد الخدري، أبو برزة، أبو الحمراء، أبو ليلى الأنصاري، أنس بن مالك، البراء بن عازب، ثوبان، جابر بن عبد الله الأنصاري، زيد بن أقم، زينب بنت أبي سلمة، سعد بن أبي وقاص، صبيح مولى أُمّ سلمة، عبد الله بن جعفر، عمر بن أبي سلمة، عمر بن الخطاب وغيرهم. وتنص رواياتهم على أنّ قصد النبي من أهل البيت هم: علي وفاطمة والحسن والحسين ومعظم أسانيد هذه الروايات منقولة من صحاح أهل السنة وموسوعاتهم الحديثية([17]).

7 ـ ويكشف حديث الثقلين أيضاً عن المقصود بأهل البيت وهم العترة، وعن مرجعيتهم الشاملة، يقول رسول الله: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما))([18]). وفي رواية أُخرى أنه قال: ((إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض))([19]). وقد جعل حديث الثقلين أهل البيت عدلاً للقرآن. وقد رواه عن النبي أكثر من (33) صحابياً، منهم: أبو أيوب الأنصاري، أبو ذر الغفاري، أبو سعيد الخدري، أبو شريح الخزاعي، أبو قدامة الأنصاري، أبو هريرة، أُمّ سلمة، أنس بن مالك، خزيمة ذو الشهادتين، سعد بن أبي وقاص، زيد بن ثابت، سلمان الفارسي، عبد الرحمن بن عوف، عبد الله بن عباس، عمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص([20]).

ومن خلال حديث الثقلين يستدل بعض علماء أهل السنّة على أنّ المرجعية المقصودة في الحديث هي مرجعية الفقه، وحسب تعبيرهم: «لا يدل على إمامة السياسة، وأنه أدلّ على إمامة الفقه والعلم»([21])، ولا نريد هنا الدخول في نقاش حول دلالة الحديث، ولكن نكتفي بالحد الأدنى المتفق عليه بين الفريقين وهو الدلالة على إمامة أهل البيت العلمية. ويقول أحد الباحثين بأنّه جمع (185) مرجعاً من عيون مراجع أهل السنّة ذكرت بأكملها نص: (كتاب الله والعترة) وأنّ المقصود بالعترة أهل البيت الذين سماهم الرسول أكثر من مرة كما في دلالة هذا الحديث وحديث الكساء([22]).

8 ـ عن أنس بن مالك، قال رسول الله لعلي: ((أنت تبين لأُمّتي ما اختلفوا فيه بعدي))([23])، والحديث واضح الدلالة على المرجعية العلمية لأهل البيت.

9 ـ عن سلمان الفارسي، قال الرسول: ((أعلم أُمّتي من بعدي علي بن أبي طالب))([24]).

10 ـ يقول الرسول مخاطباً السيدة فاطمة الزهراء: ((أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاماً وأعلمهم علماً))([25]).

11 ـ عن عبد الله بن عباس، قال رسول الله: ((النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لاُمّتي من الاختلاف))([26]).

12 ـ عن أبي ذر الغفاري، قال رسول الله: ((ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح في قومه، فمن ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق))([27]).

13 ـ قول الإمام علي: ((إنّا نحن أهل البيت أعلم بما قال الله ورسوله))([28]).

14 ـ ويقول الإمام علي: ((… نحن شجرة النبوة ومحط الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم))([29]).

15 ـ عن جابر بن سمرة، قال رسول الله: ((لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة. كلهم من قريش))([30]).

16 ـ وعن عبد الله بن مسعود أنهم سألوا الرسول عن عدد خلفاء الأُمّة فقال: ((اثنا عشر، كعدة نقباء بني إسرائيل))([31]).

وهناك عدد كبير من الأحاديث الصحيحة من مصادر الفريقين تشير إلى المعنى نفسه مع اختلاف الألفاظ.

وبناء على ذلك، فإنّ المسلمين بأجمعهم متفقون على أنّ عدد الأوصياء أو الخلفاء أو النقباء والأمراء والأئمة بعد الرسول هو اثنا عشر، وكلهم من قريش، وأنهم معينون بالنص كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل، وأنّ هذه الأحاديث تنصّ على بقاء هؤلاء الأئمة ما بقي الدين الإسلامي أو حتى تقوم الساعة، كما هو مقتضى رواية مسلم في صحيحه. وهذه الأحاديث كانت مأثورة في بعض الصحاح والمسانيد قبل أن يكتمل عدد الأئمة (من علي وحتى المهدي)، فمن المستحيل ـ إذن ـ أن تكون أحاديث موضوعة بعد اكتمال العدد المذكور، فضلاً عن أنّ رواة الأحاديث من طرق أهل السنّة هم من الموثوقين لديهم.

وعموماً؛ فإنّ حجية ما استعرضناه من آيات وأحاديث، يترتب عليه واقع عملي، وهو الواقع الذي ندعو المسلمين جميعاً إلى صياغته وبلورته، دون أن يفقد أيّ مذهب إسلامي خصوصياته.

المكانة العلمية لأهل البيت في الواقع الإسلامي

ظل المسلمون على مختلف تياراتهم ومدارسهم الكلامية والفقهية ينظرون لأهل البيت، نظرة خاصة تميزهم عن غيرهم من الصحابة والتابعين والفقهاء. الأمر الذي تغص به كتب الحديث والفقه والتاريخ. ولولا السياسة المزيفة التي مارسها بعض الحكام، في العهدين الأُموي والعباسي، لبقيت مكانة أهل البيت راسخة في عقول المسلمين وقلوبهم، إذ سعت هذه السياسة المنحرفة إلى تزييف الحقائق والتحايل على الواقع؛ من أجل صرف الأنظار عن أهل البيت ومرجعيتهم.

ولكيلا يطول بنا المقام نستعرض هنا جزءاً من الشهادات التي أدلى بها كبار الصحابة والتابعين الفقهاء بحق أهل البيت. بالصورة التي تعكس تطابقاً كاملاً بين الواقع الذي جسده أهل البيت عملياً، والنصوص الواردة في القرآن والسنّة، ونظرة المسلمين الموضوعية لأهل البيت.

وإذا تجاوزنا عصر الرسول الأعظم إلى عصر الخلفاء. فسنرى أنّ البداية كانت مع الخليفة الأول أبي بكر، برغم الملابسات المعقدة التي شابت الواقع الإسلامي منذ وفاة رسول الله، فأبو بكر رجع إلى الإمام علي في موضوع قتال أهل الردة، وفي كثير من الأحكام الشرعية([32]).

أمّا الخليفة الثاني عمر بن الخطاب فكان أكثر الخلفاء تعبيراً عن هذه الحقيقة، إذ كان دائم الرجوع إليه في المسائل العقائدية والفقهية والاجتماعية والسياسية([33])، حتى إنّ مقولات عمر التاريخية في علي بن أبي طالب تظهر أنّ عمر كان من أكثر المسلمين إعجاباً بالإمام علي، وانبهاراً بشخصيته وعلمه، وإيماناً بدوره ومكانته وموقعه، فكان يقول بعد أن يرى الإمام علياً وهو يحل ـ على البديهة ـ معضلات المسائل: «أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن»([34]). ومقولته الشهيرة: «لولا علي لهلك عمر»([35])، «أنت ـ يا علي ـ خيرهم فتوى»([36]).

وعندما كان يقصر به ويعوزه العلم، يقول:«اللهم لا تنزل بي شدة إلّا وأبو الحسن إلى جنبي»([37])، «أبا حسن! لا أبقاني الله لشدة لست لها ولا في بلد لست فيه»([38])، «يا ابن أبي طالب! فما زلت كاشف كل شبهة، وموضع كل حكم»([39])، «أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن»([40])، «لا أبقاني الله بعدك يا علي»([41])؛ وذلك لأنّ الإمام علياً% كان ينجد عمر في المسائل العقائدية والفقهية التي تعترضه أو التي يحرجه فيها المسلمون وغير المسلمين.

ومن الأحداث الجديرة بالذكر في هذا المجال، حادثة كتابة التاريخ، إذ إنّ علي بن أبي طالب هو الذي أشار على الخليفة عمر بن الخطاب أن يبدأ بكتابة التاريخ من اليوم الذي هاجر رسول الله إلى المدينة، ففعل ذلك عمر([42]). وكذلك رجع إليه في أن يقود الجيش الذي يفتح إيران، والجيش الذي قاتل الروم، وسنأتي على ذلك في فقرة قادمة. وكذا الحال مع عثمان بن عفان الذي رجع إليه في كثير من المسائل العقائدية والفقهية بالصورة التي نصت عليها كتب الحديث والفقه والتاريخ([43]). وكانت عائشة أيضاً تحيل كثيراً ممن يسألها في الأحكام الشرعية إلى الإمام علي، ومن أقوالها المأثورة في هذا المجال: «عليك بابن أبي طالب لتسأله»([44]). وكذلك قولها: «ائت علياً فإنّه أعلم بذلك مني»([45]).

وروى الحاكم بسنده عن قيس بن أبي حازم أنّ الصحابي سعد بن أبي وقاص نهر رجلاً تعرض للإمام علي% فقال عنه: «ألم يكن أول من أسلم؟! ألم يكن أول من صلى مع رسول الله؟! ألم يكن أعلم الناس؟!»([46]).

ويشهد التاريخ أنّ لقب الإمام صار من أشهر الألقاب لعلي، وهناك العديد من الشهادات أيضاً في الإمام الحسن والإمام الحسين، وعلي بن الحسين وباقي الأئمة أيضاً، ولعلّ من المناسب هنا ذكر أبيات من ميمية الفرزدق في مدح أهل البيت، وتحديداً الإمام علي بن الحسين (زين العابدين).

من معشر حبهم دين وبغضهم
مقام بعد ذكر الله ذكرهم
إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم
  كفر وقربهم منجى ومعتصمُ
في كل بدء ومختوم به الكلمُ
أو قيل من خير أهل الأرض؟ قيل: همُ([47])

وكذلك رائية أبي نؤاس التي يمتدح فيها أهل البيت، إذ يقول:

مطهرون نقيات ثيابهم
فالله لما برى خلقاً فأتقنه
فأنتم الملأ الأعلى وعندكم
  تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
صفاكم واصطفاكم أيها البشـرُ
علم الكتاب وما جاءت به السورُ

[48]

أمّا ميمية أبي فراس الحمداني فهي من أكثر القصائد تعبيراً عن مكانة أهل البيت، ونقتطف منها هنا ما يرتبط بالبعد العلمي:

الحق مهتضم والدين مخترم
خلّوا الفخار لعلّامين إن سُئلوا
لا يغضبون لغير الله إن غضبوا
تنشى التلاوة من أبياتهم أبداً
الركن والبيت والأستار منزلهم
  وفيئ آل (رسول الله) مقتسمُ
يوم السؤال وعمّالين إن علموا([49])
ولا يضيعون حق الله إن حكموا
وفي بيوتكم الأوتار والنغمُ([50])
وزمزم والصفا والحجر والحرمُ([51])

وهذا التعبير يكشف ـ في حقيقته ـ عن اتجاه الرأي العام الإسلامي فيما يرتبط بالمكانة التي يختص بها أهل بيت النبوة(، بل إنّ هذا الاتجاه لم يقتصر على الشعراء وعموم الناس، بل عمّ حتى الفقهاء وأئمة المذاهب الإسلامية، فالشافعي أنشد يقول:

آل النبي ذريعتي
أرجو بهم أُعطى غداً
  وهم إليه وسيلتي
بيدي اليمين صحيفتي([52])

وكان عدد كبير من أئمة المذاهب الإسلامية وكبار الفقهاء قد درسوا على أئمة أهل البيت، ولا سيّما الإمام جعفر الصادق، إذ جمع الحافظ ابن عقدة أسماء أربعة آلاف رجل من الفقهاء والمحدثين، رووا ودرسوا على الإمام الصادق، وذكر ابن عقدة مصنفات كثير من هؤلاء([53])، منهم: مالك بن أنس، أبو حنيفة النعمان([54])، يحيى بن سعيد، ابن جريج، سفيان بن عيينة، إسماعيل بن جعفر، إبراهيم بن طهمان، وغيرهم([55]).

ولعلّ مقولة أبي حنيفة الشهيرة: ((لولا السنتان لهلك النعمان))([56]) ـ وهما السنتان اللتان حضر فيهما دروس الإمام الصادق، وتتلمذ له ـ تكشف أيضاً عن عمق مقولة مالك بن أنس: ((ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشـر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً وعبادة وورعاً))([57]). ويوضح الشيخ أبو زهرة هذا الواقع بقوله: كان أبو حنيفة يروي عن الإمام الصادق ويراه أعلم الناس باختلاف الناس، وأوسع الفقهاء إحاطة، وكان مالك يختلف إليه دارساً راوياً. ولا يزيده فضل الأُستاذية على أبي حنيفة ومالك فضلاً، فالصادق لا يمكن أن يؤخر عن نقص ولا يقدم عليه غيره عن فضل، وهو فوق هذا حفيد علي زين العابدين، الذي كان سيد أهل المدينة في عصره فضلاً وشرفاً وديناً وعلماً، وقد تتلمذ له ابن شهاب الزهري وكثير من التابعين، كما أنّ الصادق هو ابن محمد الباقر الذي بقر العلم ووصل إلى لبابه([58]).

اُسلوب المناظرة يكشف عن علم أهل البيت

كانت حياة أهل البيت مليئة بالحوار العلمي، فهم رجال الحوار الذين تمثلوا آدابه وأساليبه الصحيحة بالشكل والمضمون اللذين أوضحهما القرآن الكريم، فكانت مجالسهم أو المجالس التي يحضرونها ساحة للمناظرات ومواقف للاحتجاج. وتختلف هذه المناظرات في دوافعها باختلاف الأحداث التي أدت إليها، فهناك مناظرات كان بعض الحكام يهدفون إلى إحراج أهل البيت فيها. وأُخرى كانت تجري في جو علمي صرف هدفه إظهار الحقيقة، وثالثة كانت بطلب من آخرين، حكاماً أم رواة وفقهاء، بعد أن عجزوا عن مجاراة الخصم. وقد جمع بعض المؤلفين هذه المناظرات في كتب خاصة نقلوها من مصادرها الأصلية.

والمهم في هذه المناظرات، وبكلمة أدق ما يفيدنا في هذا البحث، هو أنّ أئمة أهل البيت لم يخصموا أو يُحرجوا أو يترددوا في أيّ من هذه المناظرات، برغم أنّ بعضهم (كالإمام محمد الجواد) أُقحم في مناظرة علمية رفيعة المستوى وهو دون التاسعة من عمره، كما سيأتي، فضلاً عن المستوى العلمي الفريد الذي كانت تكشفه هذه المناظرات، مما يجعلها دليلاً آخر من الواقع العملي على مرجعية أهل البيت التي لا ينافسهم عليها أحد. وأول من دخل في هذه المناظرات الإمام علي، وكانت غالباً مع أصحاب الديانات الأُخر، كاليهود والنصارى والمجوس وغيرهم. فضلاً عن حواره مع الغلاة، بهدف استتابتهم، ومع الذين خرجوا على إجماع الأُمّة حول خلافته، بل كان يحث الأُمّة على أن يسألوه عن كل شيء في العقائد والأحكام والعلوم النظرية والطبيعية، ولطالما ناداهم: ((سلوني قبل أن تفقدوني))([59]).

وعلى سيرة علي سار ولداه الحسن والحسين؛ فمن مناظرات الإمام الحسن الشهيرة مناظرته مع الرجل الشامي الذي أرسله معاوية بن أبي سفيان، ومعه أسئلة عميقة في مضامينها كتبها له القساوسة الروم، ويريد أن يسأل بها الإمام علياً ليحرجه، فأحاله الإمام علي على ولده الحسن الذي أجابه عن كل الأسئلة الدينية والعلمية والفلسفية التي كان يحملها الرجل الشامي([60]). وعلى غرار هذه المناظرة كانت مناظرة الحسن البصري مع الإمام الحسن حول القضاء والقدر([61]).

وللحؤول دون الإطالة في هذا المجال، سنقتصـر على ذكر بعض النماذج من مناظرات الإمام جعفر الصادق، وهي كثيرة جداً ومطولة، بالنظر للفترة التاريخية الاستثنائية التي عاشها الإمام الصادق. ومن هذه النماذج: مناظرته مع أبي حنيفة النعمان التي أقحمه فيها المنصور، وأحرج فيها أبا حنيفة، إذ يرويها الأخير بنفسه، يقول: «ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث إليَّ، فقال: يا أبا حنيفة! إنّ الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد، فهيئ له من المسائل الشداد، فهيأت له أربعين مسألة. ثم بعث إليَّ أبو جعفر (المنصور) وهو بالحيرة، فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد (الصادق) عن يمينه، فلما أبصرت به دخلتني الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر (المنصور)، فسلمت عليه وأومأ إليَّ فجلست. ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة. فقال: نعم.. ثم التفت إليَّ المنصور فقال: يا أبا حنيفة! ألق على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه، فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا، فربما تابعنا وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة، ثم قال أبو حنيفة: ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس؟!»([62]).

وهناك أيضاً حوار شهير بين الإمام الصادق مع أحد زعماء الزنادقة، في شتى العلوم الدينية والفلسفية وعلوم الديانات الأُخر، وأدت أجوبة الإمام الصادق بالزنديق إلى الإيمان ودخول الإسلام([63]).

وللإمام علي بن موسى الرضا حوار معروف ومطول، وثّقه كثير من المؤرخين، مع علماء ومتكلمي النصارى واليهود والصابئة والمجوس، إذ جمعهم الفضل البرمكي بأمر من المأمون لمناظرة الإمام الرضا. وقد استمر المأمون ـ بعد انتهاء المناظرة ـ في طرح أسئلته على الإمام الرضا في مختلف العلوم([64])، فكان المأمون يزداد بعد كل جواب دهشة وذهولاً من مستوى علم الإمام، وهي دهشة كانت مشوبة بالخوف من هذا الرجل الذي قد يشكل إجماع الناس عليه خطراً على الدولة العباسية.

أمّا المناظرة الأكثر إثارة ودهشة، فهي مناظرة الإمام محمد بن علي الجواد مع يحيى بن أكثم (قاضي القضاة في عهد المأمون). وكان الإمام الجواد حينها دون التاسعة من عمره، وكانت هذه المناظرة عبارة عن رهان بين المأمون وبطانته حول علم الإمام الجواد، وهي في الواقع امتحان أرادوا منه إحراج الإمام الجواد مستغلين صغر سنه([65])، وحين اكتمل المجلس بحضور المأمون وعدد كبير من قادة الدولة والعلماء والرواة وزعماء الأُسرة العباسية، طرح يحيى ابن أكثم سؤالاً قصيراً على الإمام الجواد حول حكم: (محرم قتل صيداً). فأجابه الإمام الجواد بصيغة سؤال:

((هل قتله في حل أو حرم؟ عالماً كان المحرم أو جاهلاً؟ قتله عمداً أو خطأ؟ حراً كان المحرم أو عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً بالقتل أو معيداً؟ من ذوات الطير كان أم من غيرها؟ من صغار الصيد أم من كباره؟ مصراً على ما فعل أو نادماً؟ في الليل كان قتله أم بالنهار؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرما؟)).

فتحير يحيى بن أكثم وعجز عن مجاراة الإمام. حينها طلب المأمون من الإمام الجواد أن يفصّل أحكام كل تشقيق من التشقيقات التي وضعها الإمام للسؤال. فأجاب عنها الإمام الجواد بالتفصيل واحدة تلو الأُخرى. مما أسقط في يد يحيى وبطانة المأمون ما كانوا يضمرونه للإمام الجواد (ابن السنوات التسع فقط) ([66]).

ولعلّ هذه المناظرة وما أسفر عنها من نتائج تكفي وحدها للدلالة على أهمية أُسلوب المناظرات وفاعليته في الكشف عن مرجعية أهل البيت، دون أن يؤثر في ذلك سن أو زمان أو مكان، فلا يمكن أن يكون النجاح الدائم والمطلق في المناظرات ـ التي كان كثير منها يأخذ طابع الامتحان ــ مجرد صدفة ــ فالصدفة هنا مستحيلة ـ كما يقول أحد الفقهاء([67])؛ لأنّها ممكنة في حدود امتحان ما لشخص ما وفي مجال ما، ولكن أن يكون الامتحان في مختلف المجالات، ويتكرر باستمرار، سواء بالنسبة لكل واحد من الأئمة أو بالنسبة لجميع الأئمة، صغارهم وكبارهم، فهو ما لا يمكن أن يكون صدفة أبداً، خصوصاً إذا لاحظنا أنهم كانوا مصحرين بآرائهم ومرجعيتهم.

الإنتاج العلمي لأهل البيت

ترك أهل البيت للأُمّة إنتاجاً علمياً ضخماً، استثمرته في ماضيها، وستبقى تنتفع به في حاضرها ومستقبلها؛ فهذا الإنتاج لم يكن لزمانه وحسب، بل هو خالد على مرّ العصور. وتمثل إنتاج أهل البيت في أحاديثهم وخطبهم وكتاباتهم ودروسهم، وما تضمنته من مناهج وقواعد وتعليمات وعلوم، فضلاً عن الجامعات العلمية التي أسسوها، والطاقات العلمية التي ربوها ورعوها وغذوها بالعلم والمعرفة.

فعلى مستوى التأليف والتصنيف، كان الإمام علي نقطة الانطلاق في تاريخ الإسلام، وكانت أُولى أعماله جمع القرآن الكريم مرتباً حسب النزول، وتبيين أسباب آياته، عامها وخاصها، مطلقها ومقيدها، محكمها ومتشابهها، ناسخها ومنسوخها، وعزائمها، وسننها وآدابها. حتى إنّ ابن سيرين قال: لو أصبت ذلك الكتاب لكان فيه العلم([68]).

وروى أبو نُعيم عن الإمام علي قوله في هذا المجال: ((لما قبض رسول الله أقسمت أن لا أضع ردائي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي عن ظهري حتى جمعت القرآن))([69]).

والمصنف الآخر للإمام علي هو «الصحيفة»، وهو كتاب في الديات، أي الأموال المفروضة على الجنايات التي ترتكب خطأ أو شبيهاً بالعمد أي في ما لا يكون القصاص فيه([70]). وكتاب «الجامعة» هو مصنف آخر للإمام علي، وهي أمالٍ للرسول كتبها الإمام، وتضمنت ما يحتاجه الناس من أحكام شرعية وتفصيل لما جاء في القرآن الكريم.

أمّا الكتب التي جمعت إنتاجه فهي كثيرة، وأهمها «نهج البلاغة» الذي يشتمل على منتخب من خطب للإمام علي وكتبه ورسائله وحكمه ومواعظه، وقد جمعها الشريف الرضي. والكتاب الآخر هو «غرر الحكم ودرر الكلم»، ويتضمن كلماته القصار وحكمه، وقد جمعه عبد الواحد الآمدي.

وإلى جانب مصنفات الإمام علي، فإنّ بعض الموالين لمدرسته، كسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري ورافع مولى رسول الله والأصبغ بن نباته، مارسوا التأليف والتصنيف أيضاً بتوجيه من الإمام نفسه([71]). ويمكن مراجعة كتب الرجال للوقوف على تراجم الرجال الذين تتلمذوا للإمام علي وولديه الإمام الحسن والإمام الحسين، بيد أنّ مدة إمامة علي بن الحسين زين العابدين، والتي بلغت حوالي 35 عاماً، سمحت له بأن يبني جيلاً متخصصاً من الرواة والفقهاء والمتكلمين، وفيهم عدد من كبار التابعين ([72]). وقد ترك الإمام زين العابدين رسالة رائعة هي «رسالة الحقوق» والتي تتضمن بياناً لأنواع الحقوق وما يترتب عليها.

والفرصة التاريخية نفسها فسحت المجال للإمام الصادق بأن يبني جامعة إسلامية في تاريخ الإسلام، كان تلامذتها كبار محدثي وفقهاء وعلماء الأُمّة. ومن مختلف البلدان، كالعراق والحجاز وفارس وبلاد الشام، وقد تمكن تلامذة الإمامين محمد الباقر وجعفر الصادق من تصنيف وتأليف كم كبير من الرسائل والبحوث والكتب، ومنهم أبان بن تغلب إذ روى (3000) حديث عن الإمام الصادق، وأبو حمزة الثمالي وبريد بن معاوية وأبو بصير وزرارة بن أعين ومحمد بن مسلم وهشام بن الحكم (اشتهر من كتبه 29 كتاباً). وقد بادر بعض تلاميذ الإمام الصادق إلى تدوين رواياته وأقواله، وجمعوها في (400) مصنف، عرفت بالأُصول الأربع مئة.

ثم برع تلامذة الأئمة الآخرين: موسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد الجواد، وعلي الهادي، والحسن العسكري، في التصنيف والتأليف. عبر نقل روايات هؤلاء الأئمة وآرائهم وتحويل توجيهاتهم إلى مصنفات مدونة في مختلف المجالات والاختصاصات، ولا سيّما علوم الدين. ومن هؤلاء أحمد بن خالد البرقي الذي ألّف نحو 100 كتاب، والحسين بن سعيد الذي ألّف 30 كتاباً، والفضل بن شاذان صاحب أكثر من 200 مؤلف. ومحمد العياشي الذي كتب أيضاً ما يقرب من 200 كتاب وبحث([73]).

ولم يقتصر تعليم أهل البيت تلامذتهم على علوم الدين، بل تعدتها إلى العلوم الأُخر أيضاً، كما هو الحال مع علم النحو الذي علّمه الإمام علي أبا الأسود الدؤلي، أو علم الكيمياء الذي برز فيه جابر بن حيان الكوفي تلميذ الإمام الصادق وغيرهما([74]).

وقد أوضح أئمة أهل البيت( كل ما كانت الأُمّة تحتاجه من أُصول عقيدية وفقهية وأخلاقية، وكانت آراؤهم تمثل فصل الخطاب لكل اختلاف علمي ديني يحدث بين العلماء المسلمين ومذاهبهم الكلامية والفقهية، ولا سيّما في قضايا التوحيد وصفات الخالق تعالى ووصف ذاته مع صفاته، وقضايا العدل الإلهي وما يرتبط بذلك من أفعال الإنسان، ومسائل القضاء والقدر، والوسطية بين الجبر والتفويض، والبداء والتقية، وكذا القواعد الأُصولية والفقهية التي أقام عليها فقهاء مذهب أهل البيت مدرستهم. وقد كتب في هذه المجالات الآلاف من الكتب([75]).

علم أهل البيت في خدمة مصالح الأمة

برغم المحن القاسية التي مرت على أهل البيت في مختلف المراحل والعهود، إلّا أنهم يضحون من أجل رعاية مصالح الأُمّة ووحدتها وتغليب هذه المصالح على أيّ شيء آخر من منطلق الرسالة التي كلفوا بحملها. كما ظلت علومهم هي المنار الذي يهدي الأُمّة إلى الطريق القويم.

وكانت القضية الأُولى هي قضية الخلافة، إذ صمت الإمام علي حيالها، برغم تصريحه بأحقيته فيها، وذلك حرصاً على مصلحة الأُمّة التي كانت تعيش مرحلة تثبيت الأقدام والفتوحات وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية، ولم يسمح لمن أراد أن يلوح بورقة تفريق الأُمّة، بتمرير مخططه، وهو ما حدث مع أبي سفيان، الذي دعاه عقيب السقيفة بأن يتصدى للخلافة، فنهره الإمام علي وفضح أمره، بل إنّ الإمام علي لم يبخل بأيّة مشورة للخلفاء الراشدين. ويكفي أن نراجع الخطبة الشقشقية وكتابه إلى أهل مصر الذي بعثه مع مالك الأشتر، لنقف على مجمل هذه الحقائق. ففي كتابه إلى أهل مصر قال الإمام علي:

(( إنّ الله سبحانه بعث محمداً نذيراً للعالمين ومهيمناً على المسلمين، فلما مضى تنازع المسلمون الأمر من بعده، فو الله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزيح هذا الأمر من بعده عن أهل بيته ولا أنهم نحّوه عني من بعده، فما راعني إلّا والناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد، فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما ينقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث، حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين))([76]).

وهذه الكلمات واضحة الدلالة تماماً على تغليب الإمام علي مصلحة الإسلام، برغم تصريحه بأحقيته في خلافة رسول الله، ولم يقف الإمام على الحياد تجاه قضايا الإسلام، بل ظل في خضم الأحداث فاعلاً وعاملاً، ومن ذلك موقفه من حروب الردة ومانعي الزكاة، ثم موقفه من التجاوزات التي قام بها بعض قادة الجيش الإسلامي خلالها. ففي كليهما تصرّف بالطريقة التي يمليها عليه موقفه الشرعي.

وفي السياق نفسه تأتي مواقفه في مرحلة خلافة عمر، فحين استشاره الخليفة في أن يخرج بنفسه لغزو الروم، فإنّ الإمام علي أشار على عمر بعدم الخروج بنفسه؛ لأنّه خليفة المسلمين ومحور وحدتهم([77]). وفعل الشيء نفسه حين استشاره عمر بأن يخرج بنفسه لقيادة جيش المسلمين المتوجه لفتح إيران؛ لأنّه ـ كما يقول الإمام علي ـ لا بدّ أن يكون القطب الذي تدور الرحا حوله، فخروجه يعني تشتت أمر المسلمين([78]). وفي السياق نفسه جاء صلح الإمام الحسن مع معاوية في إطار الظروف الاستثنائية التي مرّ بها الإمام وعانت منها الأُمّة، ثم ثورة الإمام الحسين، إذ ضحّى الحسين بنفسه وبصحبه وأهل بيته من أجل مصلحة الأُمّة والحيلولة دون استشراء الانحراف في جسدها.

ويلفت الإمام السجاد الأنظار بدعائه للجيش الإسلامي برغم خضوع هذا الجيش لقيادة الأُمويين الذين أذاقوا أهل البيت الأمرّين، وهو دعاؤه المعروف بدعاء (أهل الثغور) الذي يقول فيه: ((اللهم صل على محمد وآله وحصّن ثغور المسلمين بعزتك، وأيّد حماتها بقوتك.. وكثر عددهم واشحذ أسلحتهم.. وألّف جمعهم، ودبر أمرهم، وواتر بين مسيرهم، وتوحد بكفاية مؤنهم، وأعضدهم بالنصر، وأعنهم بالصبر… اللهم أعزّ بكل ناحية من المسلمين على من إزاءهم من المشركين وأمددهم بملائكة من عندك مردفين))([79]).

كذا الحال مع الإمام الباقر، الذي كان يضع علمه وخبرته تحت تصرف الدولة الإسلامية، ومن ذلك حله مشكلة التعامل بالنقود (ضرب السكة النقدية)، حين قننها الروم على المسلمين فأشار الإمام الباقر على عبد الملك بن مروان بأن يضرب السكة باسمه.

ثم مواقف الإمام الصادق من قضايا الخلاف الكبرى بين الفرق الإسلامية في العهد العباسي، فكان يوجه أصحابه وشيعته بشأن سلوكهم مع أتباع المذاهب الأُخر، فيقول: ((صلوا في جماعتهم، وعودوا مرضاهم، واحضروا جنائزهم وموتاهم؛ حتى يقولوا: رحم الله جعفر بن محمد، فلقد أدّب أصحابه، كونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا))([80]).

والأمر نفسه كان يحدث مع الأئمة الآخرين، وبالإمكان مراجعة مواقفهم كما جاءت في المصادر التاريخية وفي كتب التراجم الموثقة. وعموماً فإنّ هذه المواقف كانت تعبّر عن نظرتهم المتفردة لقضايا الأُمّة وتشخيصهم الدقيق لمصلحتها العليا.

النتائج

نخلص مما سبق إلى نتائج نضعها بين أيدي الباحثين والمتخصصين؛ للتداول والحوار بهدف إثرائها وبلورتها:

  • إنّ القرآن الكريم والسنة الشريفة أكّدا مرجعية أهل البيت العلمية العامة لكل المسلمين.
  • إنّ السنّة الشريفة الصحيحة كشفت عن المقصود بأهل البيت بصفاتهم وعددهم.
  • وإنهم لم يحتاجوا إلى أحد في حياتهم العلمية، سوى المعصوم الذي سبقهم.
  • إنّ أعلام الأُمّة ورجالات المسلمين ـ بدءاً بالخلفاء الراشدين وأئمة المذاهب الإسلامية وحتى الآن ـ شهدوا بأعلمية أهل البيت، وبحاجة المسلمين إلى مرجعيتهم العلمية.
  • إنّ أهل البيت وظّفوا علمهم لخدمة الأُمّة ومصالحها، برغم قساوة الظروف التي واجهتهم.
  • وبناء على ما سبق، فإنّ أهل البيت مرجعية علمية عامة للمسلمين. دون أن يؤثر في ذلك زمان أو مكان، وهو الحد الأدنى الذي يتفق عليه المسلمون بشأن محورية أهل البيت في الوحدة الإسلامية. فإذا كانت الإمامة السياسية لأهل البيت موضع جدل بين المسلمين، فإنّ المرجعية العلمية هي ـ وفقاً لما سبق ـ نقطة التقاء بين المسلمين([81]). واتفاق المسلمين على هذه الحقيقة أمر في غاية الأهمية؛ لأنّ من شأنه تقرير مصير الأُمّة في قضية طالما حاول الحكّام وحاولت السياسة التعتيم عليها طوال مئات من السنين.

ومن المناسب هنا الإشارة إلى منهج الدليل الاستقرائي الذي استخدمه الشهيد الإمام السيد محمد باقر الصدر لإثبات الخالق تعالى؛ لأنّه منهج يعتمد عليه في إثبات جميع الحقائق العلمية، وهو يقوم على حساب الاحتمالات([82])؛ فنستخدمه هنا في إثبات كون أهل البيت الفئة التي منحت الأهلية للمرجعية لهذه الأُمّة. ويمكن تلخيص هذا المنهج في الخطوات الخمس التالية:

أولاً: التعرّف على ظواهر القضية التي نريد إثباتها، من خلال التجربة والحس.

ثانياً: بعد ملاحظة تلك الظواهر وتجميعها، ننتقل إلى مرحلة تفسيرها، وإيجاد فرضية علمية صالحة من خلال تفسير هذه الظواهر وتبريرها، والمقصود بكونها صالحة هو أنّها إذا كانت ثابتة في الواقع فهي تستبطن أو تتناسب مع وجود جميع تلك الظواهر الموجودة بالفعل.

ثالثاً: إن لم تكن هذه الفرضية صحيحة وثابتة في الواقع، فإنّ فرصة تواجد تلك الظواهر مجتمعة كلها ضئيلة جداً، أي أنّ نسبة احتمال وجودها جميعاً إلى احتمال عدمها ـ أو عدم واحدة منها على الأقل ـ ضئيلة جداً.

رابعاً: نخلص إلى أنّ تلك الفرضية صادقة، ودليل صدقها هو وجود تلك الظواهر المجتمعة معاً، والتي أحسسناها في الخطوة الأُولى.

خامساً: إنّ درجة إثبات تلك الظواهر للفرضية المطروحة في الخطوة الثانية تتناسب عكسياً مع نسبة احتمال وجود تلك الظواهر جميعاً إلى احتمال عدمها على افتراض كذب الفرضية، فكلما كانت هذه النسبة أقل كانت درجة الإثبات أكبر، حتى تبلغ في حالات اعتيادية كثيرة درجة اليقين الكامل بصحة الفرضية.

ونحن في هذا البحث استخدمنا هذا المنهج استخداماً غير مباشر حيث قلنا: إنّ كل هذه الظواهر التاريخية الثابتة إنما تنسجم مع الأهلية الحقيقية لهم لهذه المرجعية وإلّا احتجنا إلى الكثير من الصدف التي لا يعقل اجتماعها، متمنين على أهل العلم والاختصاص الانتفاع من هذا المنهج وفقاً للخطوات التي حددها الشهيد الصدر، في مثل هذه الموضوعات المصيرية بالنسبة للأُمّة التي تنتمي إلى الرسالة الخاتمة التي تبشر البشرية جمعاء بالعدل والسعادة وخير الدنيا والآخرة.

ونخلص من ذلك إلى أنّ الأُمّة الإسلامية لكي توسع من مساحة مصادرها الأصيلة ومقدرتها على مواجهة التساؤلات الحياتية المتنوعة، وتنسجم أكثر مع توجهات القرآن الكريم والسنّة الشريفة يجب أن ترجع إلى هذا التراث الضخم وتستمد منه ما يركز موقعها الحضاري المطلوب.

 

([1]) النحل: 43. الأنبياء: 7.

([2]) «تفسير الطبري (جامع البيان)»، ابن جرير الطبري: ج 17، ص 5.

([3]) «شواهد التنزيل»، الحاكم الحسكاني: ج1، ص433، ح459.

([4]) آل عمران: 7.

([5]) «نهج البلاغة»، الخطبة 144. «المناقب»، ابن شهر آشوب: ج1، ص 285.

([6]) الرعد: 43.

([7]) «شواهد التنزيل»، الحاكم الحسكاني: ج1، ص 400، ح 422. «الأمالي»، الصدوق: ج3، ص 453 وغيرهما.

([8]) الأحزاب: 33.

([9]) أُنظر: «دلائل النبوة»، البيهقي: ج1، ص 170. «البداية والنهاية»، ابن كثير: ج 2، ص 257. «المعجم الكبير»، الطبراني: ج 12، ص 81، ح 12602 وغيرها.

([10]) الشورى: 23.

([11]) «فضائل الصحابة»، أحمد بن حنبل: ج2، ص 669، ح 1141. «المعجم الكبير»، الطبراني: ج3، ص 47، ح 2641. «الدر المنثور في التفسير بالمأثور»، عبدالرحمن السيوطي: ج7، ص 348 وغيرها من المصادر.

([12]) «صحيح البخاري»، البخاري: ج4، ص 1819، ح 4541. «سنن الترمذي»، الترمذي: ج 5، ص 377، ح 3251. «المسند»، أحمد بن حنبل: ج1، ص 614، ح 2599، وغيرها.

([13]) آل عمران: 31.

([14])«المسند»، أحمد بن حنبل: ج5، ص180، ح3061.

([15]) «تفسير الطبري (جامع البيان)»، ابن جرير الطبري: ج22، ص11، ح21732. وانظر: «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج3، ص 158، ح 4705، و ج2، ص 451، ح 3558. «السنن الكبرى»، البيهقي: ج2، ص 214، ح 2861. «المعجم الكبير»، الطبراني: ج3، ص 52، ح 2662، وغيرها.

([16]) أُنظر: «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج3، ص 158، ح 4705، و ج2، ص 451، ح 3558. «السنن الكبرى»، البيهقي: ج2، ص 214، ح 2861. «المعجم الكبير»، الطبراني: ج3، ص 52، ح 2662 وغيرها.

([17]) أُنظر: «أهل البيت في الكتاب والسنّة»، محمدي الري شهري: ص 27 ـ 50.

([18]) أُنظر: «صحيح مسلم»، مسلم القشيري: ج4، ص 1873، ح 2408، «سنن الدارمي»، الدارمي: ج2، ص 889، ح 3198، «المسند»، أحمد بن حنبل: ج7، ص 75، ح 1925. «السنن الكبرى»، البيهقي: ج10، ص 194، ح 20335. «فرائد السمطين»، الحموي الشافعي: ج2، ص 234، ح513. «سنن الترمذي»، الترمذي: ج5، ص 663، ح 3788.

([19]) «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج3، ص 118، ح 4576، «خصائص الإمام أمير المؤمنين»، النسائي: ص 150 وغيرهما.

([20]) أُنظر: «صحيح مسلم»، مسلم القشيري: ج4، ص 1874، ح 36 و37، «سنن الترمذي»، الترمذي: ج5، ص 662، ح 2786 و2788، «سنن الدارمي»، الدارمي: ج2، ص 889، ح 3189، «المسند»، أحمد بن حنبل: ج4، ص 30، ح 11104، وعشرات المصادر الأُخر.

([21]) «الإمام الصادق»، الشيخ محمد أبو زهرة: ص 199.

([22]) «الخطط السياسية لتوحيد الأُمّة الإسلامية»، أحمد حسين يعقوب: ص 351.

([23]) «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج3، ص 122؛ وقال الحاكم: إنّه حديث صحيح على شرط الشيخين. وانظر أيضاً: «كنز العمال»، المتقي الهندي: ج6، ص 156.

([24]) «كنز العمال»، المتقي الهندي: ج6، ص 156. «كنوز الحقائق»، المناوي: ص 18.

([25]) «كنز العمال»، المتقي الهندي: ج6، ص 153.

([26]) «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج3، ص 162، ح 4715.

([27]) «فرائد السمطين»، الحموي الشافعي: ج2، ص 246، ح 519. «ينابيع المودة»، القندوزي الحنفي: ج1، ص 94، ح5. «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج3، ص 163، ح 4720. «المناقب»، ابن المغازلي: ص 132 ـ 134، وغيرها.

([28])  «الطبقات الكبرى»، ابن سعد: ج6، ص 240.

([29]) «نهج البلاغة»، الخطبة 109.

([30])  أُنظر: «صحح مسلم»، مسلم القشيري: ج3، ص 1453، ح 10. «المسند»، أحمد بن حنبل: ج7، ص 410، ح 20869. «مسند أبي يعلى»، أبو يعلى الموصلي: ج 6، ص 473، ح 7429، وغيرها.

([31]) أُنظر: «المسند»، أحمد بن حنبل: ج2، ص 55، ح 3781، «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج4، ص 546، ح 8529. «المعجم الكبير»، الطبراني: ج1، ص 158، ح 10310، وغيرها.

([32]) أُنظر: «الرياض النضرة»، المحب الطبري: ج2، ص 195، 224. «كنز العمال»، المتقي الهندي: ج3، ص 99، 301.

([33]) ورد ذلك في معظم كتب الحديث والتاريخ، ولا سيّما الصحاح والسنن والمسانيد، مما يطول تفصيله.

([34]) «المستدرك على الصحيحين»، الحاكم النيسابوري: ج1، ص 457.

([35]) «السنن الكبرى»، البيهقي: ج7، ص 442، وهذه المقولة روتها كثير من كتب الحديث
والتاريخ.

([36]) «الطبقات الكبرى»، ابن سعد: ج2، ق2، ص 102.

([37]) «كنز العمال»، المتقي الهندي: ج3، ص 53.

([38]) «كنز العمال»، المتقي الهندي: ج3، ص 179.

([39]) «كنز العمال»، المتقي الهندي: ج3، ص 179.

([40]) «نور الأبصار»، الشبلنجي: ص 171.

([41]) «الرياض النضرة»، المحب الطبري: ج2، ص 197.

([42]) أخرجه البخاري في تاريخه، ورواه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين»: ج3، ص 14.

([43]) أُنظر: «الموطأ»، مالك بن أنس: ص 36، 176. «السنن الكبرى»، البيهقي: ج7، ص 419. «مسند الشافعي»: ص 171. «المسند»، أحمد بن حنبل: ج1، ص 100، 104. «تفسير الطبري (جامع البيان)»، ابن جرير الطبري: ج 25، ص 61، وغيرها.

([44]) أُنظر: «سنن النسائي»، النسائي: ج1، ص 32. «سنن ابن ماجه»، ابن ماجه القزويني: ص 42. «المسند»، أحمد بن حنبل: ج 1، ص 96، 100، 113، 117، 210، 133، 146، 149.

([45]) المصادر السابقة نفسها.

([46]) رواه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» بسنده عن قيس بن أبي حازم: ج3، ص 499.

([47]) «وفيات الأعيان»، ابن خلكان: ج6، ص 96.

([48]) «عيون أخبار الرضا»، الصدوق: ج2، ص143، ح10. «المناقب»، ابن شهرآشوب: ج4، ص 366.

([49]) في بعض المصادر: عملوا.

([50]) يقصد الشاعر هنا العباسيين.

([51]) «ديوان أبي فراس الحمداني»، تحقيق د. محمد بن شريفة: ص 197 ـ 209.

([52]) أُنظر: «الصواعق المحرقة»، ابن حجر الهيتمي: ص 108. «نور الأبصار»، الشبلنجي: ص 105.

([53]) «أعيان الشيعة»، محسن الأمين: ج1، ص 661، بالواسطة نقلاً عن رجال ابن عقدة الزبيدي.

([54]) ذكرت ذلك معظم كتب الطبقات والأعلام والتاريخ، مثل: «مطالب السؤول»، ابن طلحة الشافعي: ص 218. «الصواعق المحرقة»، ابن حجر الهيتمي: ص 30.

([55]) «المناقب»، ابن شهرآشوب: ج4، ص 247، نقلاً عن: «حلية الأولياء»، أبو نُعيم الأصفهاني.

([56]) «التحفة الاثنى عشرية»، الآلوسي: ص8، وغيره من المصادر التاريخية. «قصة التقريب»، محمد تقي الحكيم: ص 90.

([57]) «مناقب آل أبي طالب»، ابن شهرآشوب: ج3، ص 372، ط المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف 1376ه‍ ـ 1956م.

([58]) «الإمام الصادق»، الشيخ محمد أبو زهرة: ص3.

([59]) أُنظر: «الإمام الصادق»، الأُستاذ محمد رضا الحكيمي.

([60]) «الاحتجاج»، الطبرسي: ص 267 ـ 269.

([61]) «تحف العقول عن آل الرسول»، ابن شعبة الحراني: ص 231.

([62]) رواها الموفق الخوارزمي في «مناقب أبي حنيفة»: ج1، ص 173.

([63]) «الاحتجاج»، الطبرسي: ص 331 ـ 335.

([64]) «الاحتجاج»، الطبرسي: ص 425 ـ 432.

([65]) أُنظر: «الأُصول العامة للفقه المقارن»، محمد تقي الحكيم: ص 183.

([66]) أُنظر: «الصواعق المحرقة»، ابن حجر الهيتمي: ص 204. «الاحتجاج»، الطبرسي: ص 444، وغيرهما من المصادر.

([67]) «الأُصول العامة للفقه المقارن»، محمد تقي الحكيم: ص 184.

([68]) أُنظر: «المراجعات»، عبدالحسين شرف الدين: المراجعة 110.

([69]) «حلية الأولياء»، أبو نُعيم الأصفهاني: ج1، ص67.

([70]) أُنظر: «تكملة المنهاج»، السيد أبو القاسم الخوئي: ج2، كتاب الديات.

([71]) أُنظر: «المراجعات»، عبدالحسين شرف الدين، ص 412 ـ 413.

([72]) أُنظر: «المناقب»، ابن شهرآشوب: ج4 ص 161. «رجال الكشي».

([73]) «المراجعات»، عبد الحسين شرف الدين: ص 422.

([74]) أُنظر: «رجال الكشي». «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام»، حسن الصدر. «الشيعة في صدر الإسلام»، عبد الحسين شرف الدين. «رجال النجاشي». «طبقات مؤلفي الشيعة»، آقا بزرك الطهراني، وغيرها.

([75]) أُنظر: المصادر السابقة نفسها.

([76]) «نهج البلاغة»، الرسالة رقم 62.

([77]) «نهج البلاغة»، الخطبة 134.

([78]) «نهج البلاغة»، الخطبة 146.

([79]) «الصحيفة السجادية»، الإمام زين العابدين علي بن الحسين: ص 87 ـ 91.

([80]) «الفصول المهمة في توحيد الأُمّة»، عبدالحسين شرف الدين.

([81]) لا يعني هذا ذوبان المذاهب الإسلامية في مذهب واحد، بل يعني تحديد مساحة مرجعية عامة يلتقي عندها كل أتباع المذاهب الإسلامية، مع احتفاظ كل مذهب وفريق بخصوصياته.

([82]) أُنظر: «الأُسس المنطقية للاستقراء»، محمد باقر الصدر: (ق3)، ص 135 فما بعدها.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment