الفقه الثقافي الاسلامي مقاربة

Last Updated: 2024/05/30By

الفقه الثقافي الإسلامي: مقاربة باتجاه التأسيس

د. علي المؤمن

أدى تأسيس الدولة الإسلامية الحديثة إلى الكشف عن كثير من مواطن الخلل في واقع الفقه الاجتهادي، وهو الواقع الذي خلقته العديد من العوامل. معظمها تاريخي، وأصبح لزاماً على الفقه أن يكون بمستوى المرحلة التي يعيشها، سواء على مستوى استيعاب الموضوعات الجديدة التي تحتاجها الدولة الإسلامية ومجتمعها الجديد، أو التوغل بعمق في الموضوعات المماثلة مع مراحل زمنية مضت. وهذا الالتزام يمثل في جانب منه اختباراً لمقولة الفقه الإسلامي لجميع الحاجات التشريعية للإنسان والمجتمع، وهي مقولة لطالما أثبتت مصداقيتها منذ نشوء الفقه، ولكن يبقى أن ما قدمته حركة الاجتهاد على مستوى فقه الأفراد وفقه الجماعة يتلاءم مع المراحل التاريخية التي مرت بها المدارس الفقهية الإسلامية، أما المرحلة الجديدة فتشكل مساراً استثنائياً مختلفاً تماماً.

الواقع الفقهي الموروث

على هذا الأساس ورثت الدولة الإسلامية واقعاً فقهياً لا يرقى إلى الحد الأدنى من مستوى حاجات الدولة والمجتمع الجديد. ولا يقتصر هذا الإرث على النظريات والنظم الفقهية التي تستوعب مجالات السياسة والاقتصاد والقانون والمجتمع والثقافة وغيرها، بل يشتمل أيضاً على قواعد وأساليب حركة الاجتهاد في تعاملها مع مثل هذه القضايا وهو تعامل يميزه التردد والحذر أحياناً، والجمود أحياناً أخرى. والحقيقة أن الفقهاء السابقين لم يكونوا عاجزين عن الكشف والتأسيس والتأصيل في أي من الموضوعات، إنّما العجز يكمن في النظرة إلى هذه الحاجعاشتها مدرسة الإمامة. ولعل الإنجازات الفقهية التي حققتها حركة الاجتهاد خلال عقدين من عمر الدولة الإسلامية، خير دليل على القوة الذاتية التي يتمتع بها الفقه الاجتهادي.

ويمكن إجمال العوامل التي أدت إلى حدوث التحول الجديد في مسار الفقه إلى ما يلي:

  • حاجات الدولة الإسلامية الحديثة ومجتمعها، على الصعد كافة.ات وفي أساليب التعامل معها، وهي نظرة تكوّنت كنتيجة طبيعية للظروف الاستثنائية التي
  • تحديات التطور الهائل والسريع في حركة العلم والتكنولوجيا، والمعرفة البشرية بشكل عام.
  • التكامل المنهجي والأسلوبي الذي بلغته البحوث الفقهية، وهو تكامل وتطور حمل همّة جملة من الفقهاء المجددين الذي جاءوا بعد المؤسس الشيخ مرتضى الأنصاري، ابتداءً بالإمام الميرزا محمد حسن الشيرازي وانتهاء بالإمام الخميني والإمام الشهيد محمد باقر الصدر.

والإمام الخميني هو رائد دعوة الاستخدام الشامل للفقه الاجتهادي، ولطالما عبّر عن رفضه لانكفاء الفقه على موضوعات بذاتها، مؤكداً ضرورة توسيع الاجتهاد ليستوعب كل مساحات حركة الحياة وإدارة المجتمع ونظم الدولة. ومما كان يقوله مخاطباً فقهاء عصر الدولة الإسلامية الحديثة: «يجب أن تثابروا، حتى لا يقال ـ والعياذ باللَّه ـ إنّ الإسلام عاجز عن إدارة العالم في المجالات الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والسياسية»([1]). ووجد هذا الاتجاه التجديدي ـ الذي أعلن الإمام الخميني عن ولادته قبل قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسنين طويلة ـ صدى طيباً في وسط خاص من الفقهاء، معظمهم من تلامذته وأنصار مدرسته الاجتهادية، سواء في قم أو النجف الأشرف.

نتائج التحول في مسار الفقه

ركّز التحول في مسار الفقه على الجانب الاجتماعي في الفقه، أي المقدار الذي تقوم حياة الجماعة البشرية على أساسه، وهو الجانب الذي تعرّض من قبل للانكماش. وانتهى هذا التحول إلى ظهور عصر الاتجاه الموضوعي في حركة الاجتهاد([2]). أو الاستخدام الشامل لفقه التطبيق، والذي يمثل إفرازاً لمشروع الدولة الإسلامية الحديثة، ومعلولاً لحاجاتها التي تتسع لكل حركة الحياة. فمن أجل أن تنجح الدولة في تحقيق هدفها بتطبيق الشريعة الإسلامية، عند فقهاؤها إلى تحريك عجلة الفقه الاجتهادي بصورة موضوعية وباتجاهين أفقي وعمودي، وصولاً إلى التشريعات المتكاملة التي أخذت موقعها بالتدريج من حركة التطبيق الشاملة. وحينها أصبح مفهوم المجتهد مختلفاً عن السابق، فلم يعد كافياً أن يحصر المجتهد جهده الفقهي في المسائل الفردية والعبادية، ولا ينطلق في رحاب حاجات الجماعة المسلمة ونظمها وعلاقاتها، إذ يقول الإمام الخميني(قده): «الحكومة عند المجتهد الحقيقي هي الفلسفة العملية لجميع الفقه وجميع زوايا الحياة البشرية. والحكومة هي مظهر الجانب العملي للفقه في تعامله مع جميع المعضلات الاجتماعية والسياسية والعسكرية والثقافية، فالفقه هو النظرية الحقيقية والكاملة لتدبير شؤون الإنسان والمجتمع»([3]). واشترط بالمجتهد أن يتمتع بالقابلية على فهم حقائق العصر أو الحقائق الاجتماعية.

وعلى هذا الصعيد، فإن تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران أفرز واقعاً علمياً واجتماعياً تتفرد به، ويتمثل ببروز أعدادٍ كبيرة من الفقهاء المثقفين المنفتحين على قضايا العصر وحاجاته وتفصيلاته ومشاكله، مع احتفاظهم بوسائل الاجتهاد التقليدي ـ كما هو الاتجاه الاجتهادي للإمام الخميني([4]) ـ كما دفع هذا الواقع المثقفين الإسلاميين إلى الانفتاح على قضايا الفقه وقواعده وأصوله، والتعرف عن قرب على مصادر التراث الإسلامي العلمي المحيطة بالفقه. هذا الواقع التكاملي الايجابي أخذ يعزز كل يوم من موقع الفقه والشريعة في حركة الحياة، على مستوى الفرد والمجتمع والدولة.

وركزت النهضة الفقهية الجديدة هذه، منذ بداية انطلاقتها، على الموضوعات السياسية والاقتصادية، حتى يمكن القول بأن التأصيل الفقهي الذي حظيت به الموضوعات السياسية والاقتصادية في إطار فقه الدولة الإسلامية وخلال سنوات قليلة، يعد مثاراً للدهشة، على مستوى الكم والنوع، حتى تجلّت عملية التأسيس والتأصيل والتبلور هذه بظهور العديد من المدونات والبحوث المعمقة في الفقه السياسي الإسلامي والفقه الاقتصادي الإسلامي. فلم تعد موضوعات الفقه السياسي ـ مثلاً ـ موزعة على أكثر من باب من أبواب الفقه، أو أنها تبحث بصورة محدودة وغير مستوعبة للحد الأدنى من موضوعات الفقه السياسي، بل بات فقه الدولة الإسلامية من البحوث المتميزة والأساسية في الأوساط العلمية الدينية.

تطبيقات الاتجاه الموضوعي على قضايا الثقافة

وإذا كان الواقع وحاجاته وضغوطاته قد دفع الفقهاء للمزيد من التأصيل في مجال الفقه السياسي، فإنّ مجالات أخرى مهمة أيضاً تبقى تلح عليهم للتأصيل لها، وإعادة تنظيم أبوابها بصورة مستقلة، أسوة بالفقه السياسي والفقه الاقتصادي وفقه القضاء وغيرها. وتقف «الثقافة» في مقدمة تلك المجالات.

والعوامل التي تضع الثقافة في المقدمة يمكن إجمالها بما يلي:

  • ضرورة التخصص في الموضوعات الفقهية عموماً ومنها الثقافة.
  • أهمية الموضوعات الثقافية وحساسيتها.
  • كثرة الموضوعات الثقافية وتشعبها.
  • تطبيق الاتجاه الموضوعي في الاجتهاد على مجالات الثقافة، والتمدد الأفقي والتوغل العمودي في موضوعاتها.

وليس المطلوب هنا تعريف الإنسان المكلّف بموقفه من الشريعة، من خلال تزويده بالأحكام الشرعية المتعلقة بالشأن الثقافي، بل المطلوب تلبية حاجة الجماعة المسلمة والدولة الإسلامية لكل ما يرتبط بالفقه الثقافي، فتدوين الفقه الثقافي هو حاجة للجماعة، والدولة قبل أن يكون حاجة للفرد الذي يكتفي ـ عادة ـ بالحكم الشرعي أو الفتوى في الموضوعات الثقافية وغيرها. أما التصور الذي يفترض أن تتحرك عملية التأصيل الفقهي المستقل للموضوعات الثقافية في إطاره فيتلخص بالخطوات التالية:

  • حصر الموضوعات الثقافية في الواقع وتقسيمها وفقاً لتخصصها.
  • تجميع واستخراج البحوث والموضوعات الفقهية ذات العلاقة بالشأن الثقافي في المدونات الفقهية. ولربما نجد لهذه الموضوعات حضوراً قوياً في أبواب المسائل المستحدثة.
  • دراسة وبحث الموضوعات الثقافية التي تم تجميعها من الواقع، وإخضاعها لمصادر الفقه الاجتهادي، في إطار معالجات استدلالية معمقة نوعياً وشاملة كماً.
  • تدوين هذه البحوث والمعالجات الفقهية في مدونات خاصة وبلغة يسيرة الفهم. كما هو الحال مع العديد من نماذج كتب الفقه السياسي الإسلامي، لكي ينتفع بها الباحثون والعاملون في الحقول الثقافية.

والحقيقة أنّ عدداً من الكتب والكراسات باللغتين العربية والفارسية قد صدرت في إيران ولبنان تتضمن معالجات فقهية محدودة أو فكرية أو أحكاماً شرعية ذات علاقة بواحد أو أكثر من الموضوعات الثقافية، كما نشرت بحوثاً مشابهة في بعض الدوريات الفكرية، ولكن هذه المحاولات لا تفي حتى بالحد الأدنى من الغرض المطلوب، بل يمكن أن تكون منطلقاً للمشروع.

أبواب الفقه الثقافي

يشتمل الفقه الثقافي على كل الموضوعات ذات العلاقة بالشأن الثقافي، وفقاً للتعريف الشائع للثقافة والعمل الثقافي هذه الموضوعات تستوعب مجالات الصحافة والإعلام والأدب والفن والتعليم والثقافة الشعبية وحتى الرياضة.

على مستوى الصحافة والإعلام والنشر تبرز قضايا ملحة كأساليب نشر الأخبار، ومحددات نشر بعض الصور، ومصاديق كتب الضلال وعلاقتها بحرية الفكر، وحقوق الطبع والنشر والعرض، وإذاعة بعض أنواع الموسيقى والإنشاد والغناء من الإذاعة والتلفزيون، وعرض الأفلام الأجنبية أو الأفلام التي تمثل فيها المسلمات (دون حجاب)، أو المسابقات المختلطة، ودور المرأة في كل هذه النشاطات، وعلاقة مختلف موضوعات الصحافة والإعلام والنشر بحرية الرأي التي يطرحها الدستور، أو التمايز في الأحكام بين ما تعرضه وسائل إعلام الدولة الإسلامية وغيرها. وعموماً تدخل في هذا الإطار كل موضوعات الصحف والمجلات والكتب والإذاعة والتلفزيون والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء والإنترنت.

وفي مجال الأدب والفن هناك الموضوعات الخاصة بالشعر والقصة، وتشبيهات الشاعر والقاص وتناولهما بعض الموضوعات الخاصة، واستخدامهما آليات المدارس العالمية، وتمثيل المرأة في الأعمال الدرامية أو التمثيل المختلط بين الممثلين غير المحارم، واستخدام المكياج، ومحددات طرح القضايا والموضوعات في الأعمال الدرامية وما يصاحبها من مشاهد، ومحددات التجسيم والنحت والتصوير، وطبيعة استخدام الآلات الموسيقية، ومشاركة المرأة في الإنشاد، ولا سيما المنفرد، ومصاديق الطرب، وكل ما يرتبط بمسائل الشعر والقصة والسينما والمسرح والفيديو والموسيقى والغناء والرسم والنحت وغيرها من الفنون الدرامية والتعبيرية والتشكيلية.

أما التعليم فهو من أكثر المجالات المهمة التي تدخل في صلب الفقه الثقافي. وتبرز هنا العديد من المسائل، في مقدمتها مناهج التدريس وأساليب التدريس، ليس على مستوى العلوم الإنسانية والاجتماعية والإسلامية فحسب، بل حتى الموضوعات ذات العلاقة بالعلوم التطبيقية كالطب، وما يرتبط بمناهج التشريج وإجراء التجارب المشتركة بين الطلبة والطالبات، والفحص السريري لغير المحارم، وزرع الأعضاء، وكذلك الكيمياء والصيدلة، وتكريس الفنون والتدريب عليها بمختلف ألوانها، وبعض الأبحاث العلمية المرتبطة بالفضاء والبايولوجي والجنتيك، كالاستنساخ وغيرها.

والثقافة الشعبية هي الأخرى من المجالات الأساسية التي يفترض بالفقه الثقافي معالجة موضوعاتها، وهي تشتمل على كل ما له علاقة بالتراث الثقافي والفني والفلكلور الشعبي، وهي تحتوي على موضوعات متشعبة وحساسة، وتنبع حساسيتها من تعود الناس على معظمها، لأن كثيراً منها يشكل موروثات اجتماعية.

وفي الرياضة قضايا ملحة أيضاً، كممارسة بعض أنواع الرياضة، كالملاكمة وكمال الأجسام والشطرنج والمصارعة الحرة الأميركية، وما يرتبط بملابس بعض الرياضيين، وأسلوب أداء اللوحات السويدية، وممارسة المرأة للرياضة والتدريب عليها، ومشاهدة المرأة لبعض الألعاب الرجالية من خلال حضورها الملاعب أو عبر التلفزيون.

ونرى من خلال ما سبق عند استعراض الجزء الأكبر من الموضوعات التي تدخل في حيز الفقه الثقافي، أنها واسعة جداً ومتشعبة، وعلى جانب كبير من الأهمية والحساسية لجميع المجتمعات المسلمة، ولا سيما مجتمع الدولة الإسلامية، كما أنها تنطوي على قضايا مشكلة ومعقدة، وبحاجة إلى جهود فقهية كبرى، تأخذ شكلها عبر لجان ومؤسسات، يشرف عليها فقهاء يتمتعون بشروط الاجتهاد الجديد، بالصورة التي تحدث عنها الإمام الخميني، حين طالب بأن يكون الفقيه منفتحاً على قضايا المجتمع ومصالحه وتفاصيل حياته اليومية وحاجاته الجديدة، سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية وعلمية وغيرها.

وقد يكون من غير المجدي عند التأصيل لموضوعات الفقه الثقافي عدم الاستعانة بأصحاب الاختصاص في الحقول الثقافية المختلفة، بهدف تبيين حقائق الموضوعات التي سبق الحديث عنها وتفاصيل مصاديقها، وحينها تكون بحوث الفقه الثقافي متميزة بمعالجتها النظرية والتطبيقية، لأنها ستنطلق من الواقع، وتهدف إلى إخضاعه لأحكام الشرع المقدس.

وربما يعتقد البعض أنّ التأصيل للفقه الثقافي في بحوث مستقلة، تقف في طريقه عقبة عدم وجود وحدة موضوعية في قضايا الثقافة، على العكس من الفقه السياسي أو الاقتصادي، على اعتبار أن الثقافة مفهوم واسع وفضفاض، وليس مفهوماً محدداً بيد أن هذا الإشكال كان يطرح فيما سبق عنه الحديث عن الفقه السياسي أيضاً، حين كان الواقع لا يسمح بتأصيله على النحو المطلوب، فكانت موضوعاته تدرس بصورة سطحية وسريعة، فضلاً عن تناثرها في عدة أبواب، كالجهاد والحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاية على الحقوق الشرعية والقضاء والحدود وغيرها، وهي تدخل في العبادات والمعاملات والعقود والإيقاعات، أي في كل أبواب الفقه، وكذلك بالنسبة للاقتصاد، فقد كان يبحث في عدة أبواب من الفقه.

وإذا كانت «الثقافة على رأس كل الأمور» وأنها «المصنع الذي يصنع الإنسان، والأنبياء جاءوا لهذا الغرض»([5]) كما يقول الإمام الخميني، فلا بد من تذليل كل العقبات العلمية والواقعية التي تحول دون التأسيس لفقه شامل وخاص بها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإحالات

([1]) صحيفة نور، ج 21، ص 61.

([2]) يعرف الشهيد الصدر الاتجاه الموضوعي في حركة الاجتهاد بأنه «عبارة عن أن يبدأ الإنسان من الواقع وينتهي إلى الشريعة». انظر: المدرسة القرآنية، ص 30، والاتجاهات المستقبلية في حركة الاجتهاد، بحوث إسلامية، ص 82.

([3]) صحيفة نور، ج21، ص 88.

([4]) إذ يدعو الإمام إلى الاجتهاد التقليدي أو فقه الجواهري مع تجديد أساليبه. انظر: رسالة الإمام إلى الحوزات العلمية في 15 رجب 1409هـ.

([5]) الرؤى الثقافية للإمام الخميني، إعداد: كبرى أسدي مقدم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                            

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment