العولمة والمستقبل الإسلامي في حوار مع علي المؤمن

Last Updated: 2024/06/22By

العولمة والمستقبل الإسلامي في حوار مع علي المؤمن

حاوره: نصيرة محمدي

(كاتبة وأديبة جزائرية)

صحيفة الفجر (الجزائرية)، بتاريخ 27/5/2001 م.

  • الفجر: بصفتكم رئيس مركز الدراسات المستقبلية كيف تقرؤون إشكالية العولمة؟

    علي المؤمن: مفهوم العولمة مفهوم قديم، وإن كان هذا المصطلح هو مصطلح جديد، وقد ترجم إلى العربية من الإنجليزية (Globalisation) والواقع أنّ الحركة الاستعمارية الحديثة هي التي افرزت مفهوم العولمة قبل أن تنحت المصطلح. فالاستعمار الحديث يبشر بثقافة واحدة للعالم وبمنظومة سياسية واحدة للعالم وبوضع إعلامي موحد للعالم منذ أن برزت الحركة الاستعمارية الحديثة. ولكن بعد الثورات المتلاحقة في المجالات الإعلامية وفي تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات وغزو الفضاء أصبح هناك تقارب واقعي بين بلدان العالم وشعوبها. وهو نتيجة طبيعية لموضوع التطور التكنولوجي في مجالي الاتصالات والمواصلات.

وقد بدأ مفهوم العولمة اقتصادياً في المرحلة الحديثة، وقد مارسته الشركات متعددة الجنسيات، ثم تحول مفهوم العولمة ليشمل كل مجالات الحياة، كالسياسة والثقافة والفكر والإعلام وحتى العمل العلمي، وبالطبع يقف وراء حركة العولمة سدنة رأس المال الذين يطمحون إلى مزيد من الربح، وإلى مزيد من عولمة رأس المال، أي تحويله إلى رأسمال عالمي يتم تداوله خارج سيادة الدول والحكومات والمنظمات الدولية، ومن أجل أن يحقق أصحاب رؤوس الأموال أهدافهم، فإنّهم يسعون إلى طرح ثقافة عالمية واحدة هي ثقافة الغالب سياسياً وعسكرياً وتكنولوجياً، أي أنّ هذا الغالب يعطي لنفسه الحق والمشروعية في غزو العالم ثقافياً، وفرض ثقافته وفكره على كل شعوب العالم المستضعفة، أو الأقل قوة تكنولوجياً.

وإذا ما عرفنا بأنّ الغالب في الوقت الحاضر هو الولايات المتحدة الأمريكية، ويقف وراءها أصحاب رؤوس الأموال وكثير منهم من اليهود الصهاينة، فيمكن أن نقول بأنّ العولمة هي الوجه الآخر للأمركة، وفي كل الأحوال فرفضنا للعولمة لا يعني أنّها غير موجودة، بل إنّها أمر واقع أو سيقع لا محالة.

من هنا؛ فالإذعان بوجود منظومة العولمة يجعلنا نفكر بكيفية مواجهتها والتصدي لآثارها السلبية الكبرى على أُمتنا، وعلى شعوبنا المسلمة والمستضعفة وباعتبار عملنا في الدراسات المستقبلية، نستطيع القول بأنّ العولمة هي تحقيق لنبوءة عالم الاجتماع الكندي “ماك موهان” حين أطلق مصطلح (القرية العالمية الواحدة)، وهو الذي بشر بظهور العولمة منذ نهاية الستينيات، فقد استشرف المستقبل وتوقع حدوث مثل هذا الأمر، بل إنّ صاحب كتاب «صدمة المستقبل» عبّر عن هذا الواقع بأنّه سيشكل صدمة للبشرية.

  • الفجر: كيف تنظرون إلى مستقبل العالم الإسلامي؟

    علي المؤمن: مستقبل العالم الإسلامي تحكمه مجموعة من العوامل، منها ما يرتبط بالعوامل الداخلية، ومنها ما يرتبط بالعوامل الخارجية. فما يرتبط بالعوامل الخارجية، هو موضوع العولمة والغزو الثقافي والسياسي والفكري والهيمنة الاقتصادية، وهذه أُمور خطيرة تمثل الواقع العالمي الذي نعيشه.

أمّا العوامل الداخلية، فهي ما يرتبط بنا على هذا الأساس، فإنّ مستقبلنا يخضع لتخطيطنا، ولتصوراتنا، ولوعينا بمستقبلنا، ولوعينا بواقعنا، وبرؤيتنا الواقعية لما يدور في العالم. فهذا الاستشراف وهذا التخطيط وهذه الرؤية الواعية للمستقبل، فضلا عن العمل البنّاء، هي بمجموعها التي سترسم مستقبلنا، وإلّا فالحديث عن المستقبل المحتوم الذي لا دخل للإنسان في صنعه هو حديث وهم وخرافة؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أعطى للإنسان هذا الحيز من الإرادة والحرية كي يخطط لمستقبله في إطار إرادة الباري سبحانه وتعالى.

وبالتالي، فإنّ صنع المستقبل تتدخل فيه السنن الإلهية أو سنن التاريخ والتخطيط البشري، وليس هو مستقبل العالم السلامي من خلال المعطيات الحالية، فيمكن القول إنّ الحال سوف لن يتغير؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالتحديات التي تواجه العالم الإسلامي ستبقى كما هي، وربما تتضاعف؛ لأنّنا ـ وللأسف ـ لا نمتلك إرادة التخطيط الحقيقي الشامل والمتكامل الذي يستوعب التاريخ والجغرافيا والعقيدة.

  • الفجر: ما هو مستقبل القضية الفلسطينية في ظل انتفاضة الأقصى؟

    علي المؤمن: القضية الفلسطينية تعيش انتفاضة متواصلة منذ الثلاثينات من القرن الماضي، وخير شاهد على ذلك انتفاضة الشيخ عز الدين القسام وأخيراً انتفاضة الأقصى، وبينهما عشرات الانتفاضات التي عبر فيها الشعب الفلسطيني المسلم المضطهد والمظلوم عن حضوره وعن وجوده، وأراد أن يقول للصهاينة وللمنهزمين من العرب والمسلمين، بل ولكل العالم: إنّه شعب حر أبي، ولا زال حيا وفي عروقه تجري دماء الحرية والاستقلال والتخلص من المحتل الغاشم. وإذا نظرنا للقضية الفلسطينية من منظار واقعي فأنا اعتقد أنّ الانتفاضة الفلسطينية الممتدة ستستمر وتستمر وتستمر حتى حصول الشعب الفلسطيني المسلم على حقوقه، سواء دُعم هذا الشعب من قبل المنهزمين أو لم يُدعم. والحقيقة أنّ معادلة الصراع الصهيوني العربي الإسلامي هي معادلة محيرة جداً، فكيف يمكن لأربعة ملايين صهيوني في إسرائيل أو 14 مليون يهودي في العالم أن يقفوا في وجه مليار و250 مليون مسلم؟

ودولة واحدة، إذا ما أطلقنا مجازاً على إسرائيل تسمية دولة، أن تقف في وجه 52 دولة إسلامية. إنّها مفارقة كبرى يصعب حلها على أكبر الرياضيين. فضلاً عن أنّ هؤلاء المليار مسلم يمتلكون العقيدة الدينية الخاتمة، ويمتلكون الشريعة الإسلامية السماوية السمحاء، ويعيشون روح الإسلام الثورية التحررية، في مقابل العقيدة الفاسدة التي يمتلكها الصهاينة. هذه المفارقة مطروحة على كل الساسة وعلى كل علماء الرياضيات في العالم الإسلامي والمطلوب حلها.

latest video

news via inbox

Nulla turp dis cursus. Integer liberos  euismod pretium faucibua

Leave A Comment